زعمــــــــاء سياسيون خالدون … الإستثناء المغـــــــربي

الإثنين 15 فبراير 2016 - 12:29

زعمــــــــاء سياسيون خالدون … الإستثناء المغـــــــربي

يحكمون الأحزاب السياسية منذ عقود، ويرفضون «الرحيل»، ضدا على مقتضيات قانون الأحزاب السياسية، وضدا على إرادات التشبيب، وضدا على الديمقراطية الداخلية. يجيدون «المناورة»، و«التحكم»، ويتقنون كواليس التنظيم، ويجعلون المؤتمرات والجموعات العامة تعقد وفق المقاس، لإعادة التصفيق لهم كزعماء خالدين، في وقت ينظر إلى تمسكهم بكراسي الأمانات العامة على أنه يكرس العزوف عن السياسة، ويقدم صورة سلبية عن الأحزاب السياسية، حتى إن البعض منهم رحل إلى دار البقاء وحمل معه صفة «أمين عام» ارتبطت به منذ تأسيس النقابة أو الحزب إلى حين «الوداع»، والبعض الآخر، مازال مصرا على حمل «اللقب»، رغم تقدمه في السن، وتوليه للمنصب لعقود. إنهم زعماء خالدون لا يتعبون.
بالنسبة لعموم المواطنين، فإن المشهد المغربي يتسم بكثرة الأحزاب، إلى حد أنه يصعب على الباحثين المتخصصين، في بعض الأحيان، أن يحصوا أسماءها وزعماءها ورموزها.
المسألة، حسب فئات واسعة، غير منطقية، بالنظر إلى أن كل هذا العدد الكبير لا يتوفر على خلفيات إيديولوجية، ومشاريع مختلفة، لتقديم حلول للمغرب ومشاكله. ولهذا عادة ما يربط المواطنون بين كثرة الأحزاب السياسية في المغرب وبين رغبة عدد من الأطر في التحول إلى زعامات.
وكل «زعيم» إلا وله حسابات خاصة. والمثير في القضية، أنه ظهر في المغرب عدد من الأحزاب الصغيرة في السنين الأخيرة، حيث أن زعماءها كانوا أطرا في أحزاب أخرى تقليدية كانت بدورها تعاني من الزعامة والبيروقراطية وغياب الديمقراطية الداخلية.
وعادة ما يبرر تأسيس الحزب، ليس بوجود تصور مغاير، أو قيمة مضافة للمشهد، وإنما بغياب الديمقراطية الداخلية في الأحزاب الكبيرة «التاريخية»، يمينا ويسار لكن المشكل هو أن هذه الأحزاب الصغيرة تحولت بدورها إلى أحزاب تشجع على الزعامات الخالدة، إذ أن أغلب مؤسسيها هم أنفسهم من يستمرون لحدود الآن على رأسها، رغم أن هذه الهيئات تلجأ، من الناحية الشكلية، إلى الانتخابات والجموعات العامة، وتجديد الهياكل.
وبدت هذه الظاهرة المزعجة في الأحزاب المحسوبة على اليمين، كما على اليسار، وكما على الوسط، ما يؤكد، بالنسبة لعدد من المتتبعين، أن الأطر التي أسست هذه الأحزاب لم تكن في الحقيقة ترغب في تكريس الديمقراطية الداخلية، ولا علاقة لها بمبدأ تشجيع تجديد النخب، وفتح المجال أمام الأطر الشابة للوصول إلى كراسي المسؤولية في إطار من الاستحقاق والتعبير الحر عن الأصوات، وإنما الغرض هو البحث عن مكان تحت شمس المشهد السياسي الذي يتجه نحو التفتت، والتشتت والتفريخ، دون أن يقدم هذا الوضع أي قيمة مضافة للساحة، عوض أن يتجه نحو القطبية التي تجمع البرامج والتصورات الكبرى، مع الحفاظ على الديمقراطية الداخلية، وضمان الحق في التعبير للتيارات.
ويؤثر هذا الوضع المتشرذم للأحزاب على المشاركة السياسية لنسبة مهمة من المواطنين، إذ يصاب المواطن بالذهول وهو يرى هذا العدد الكبير من الأحزاب تتنافس من أجل الحصول على صوته، ببرامج متشابهة، تكاد تكون، من حيث الكلام، نسخة طبقا للأصل، بغض النظر عن كون الحزب، صغيرا كان أم كبيرا، يتخندق في اليمين أو اليسار أو الوسط، في منزلة بين هذه المنازل، عوض أن يتجمع هؤلاء المتنافسون ويطرقون أبواب المواطنين ببرامج وتصورات واضحة تمكن من الفرز في الاختيارات، تتنافس فيما بينها للحصول على ثقة الناخبين في المحطات الانتخابية الأساسية.
كما أن هذا التشتت يضيع الفرص لبناء تحالفات قوية ومنسجمة، إلى حد ما، في المجالس المنتخبة، ما يؤدي إلى ضياع المجهودات، لأن التقاطبات تكون متعددة ومعقدة، ويكون من الصعب على المجلس المنتخب أن يقدم تصورات واضحة، يتجه نحو تنفيذها بأريحية.
ويتساءل عدد من المتتبعين، في بعض الأحيان باستغراب كبير، كيف لنقابة عريقة أن يسيرها زعيم واحد منذ التأسيس إلى حين إعلان الوفاة، في وقت تتوفر فيه هذه النقابة على أطر محنكة، وعلى تيارات بكوادر من اليسار، وفي بعض الحالات من اليسار، ومن اليمين، مع العلم أن هذه النقابة تعقد مؤتمراتها العامة، وتعلن على أن عملية إعادة تزكية الزعيم تمت في أجواء من الشفافية والنزاهة، دون أن يثير هذا الوضع الشاذ أيا كان وسط هذه النقابة. المتتبعون أيضا يتساءلون كيف لتنظيم يقدم نفسه على أنه يرغب أن يكون «البديل المنتظر»، في إحقاق الديمقراطية في المغرب، بينما يكاد يقترب من إضفاء نوع من «القداسة» على الزعيم الروحي، ويحيطه بكثير من الحكايات الخرافية، حد أن الأعضاء يتنافسون من أجل الأكل بجانبه تبركا بمكانته.
وحتى عندما يرحل إلى دار البقاء، يزداد هذا الوضع، وتتم ترقية الزعيم إلى مرتبة أعلى، دون أن يستطيع أي كان من التنظيم أن يقرأ بحس نقدي وضعه، ومكانته. إنها وضعية خارج السياق المغربي الرسمي الذي يسير في اتجاه التشبيب، وتجديد النخب، واتخاذ إجراءات قانونية لتشجيع انخراط الشباب والنساء في معترك الحياة السياسية، لإعطاء دينامية للمشهد، وإعادة الروح للسياسة بعدما ظلت نفس الوجوه تسيطر على الواجهة منذ عقود.
وضعية تسائل هؤلاء الزعماء أنفسهم، كما تسائل التنظيمات التي يتزعمونها، كما تسائل القوانين المعتمدة، ومدى نصها على مقتضيات تمنع الخلود في الزعامة.

مملكتنا.م.ش.س/ المساء 

Loading

مقالات ذات صلة

الجمعة 11 يوليو 2025 - 08:29

توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة

الأربعاء 9 يوليو 2025 - 08:15

توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء

الإثنين 7 يوليو 2025 - 07:24

توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين

الأحد 6 يوليو 2025 - 08:30

توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد