الرباط ــ قال مصدر مقرب من الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، إن بعض الإجراءات الشكلية التي شملتها الندوة الصحافية الأسبوعية، ومنها حجب وجوه الصحافيين الذين يطرحون الأسئلة وإعداد لائحة بأسماء الصحافيين الراغبين في ذلك، إجراءات عادية ليس غرضها استهداف طرف معين.
وأضاف المصدر ذاته، في حديث مع هسبريس، أن “الأمر يتعلق بإجراء تنظيمي داخلي، ولا يوجد هناك ما يفرض على الوزير تبرير هذا الاختيار”.
ورفض المصدر نفسه الاتهامات الموجهة إلى الوزير بخصوص انزعاجه من أسئلة الصحافيين وإقرار هذا الإجراء بسبب ذلك، موضحا أن الإجراء المتعلق باللائحة كانت غايته ربح الوقت، خاصة أن الندوة تنعقد ساعات قليلة قبل موعد الإفطار خلال شهر رمضان.
x محتوى اعلاني
وانتقد المتحدث لهسبريس طريقة بعض الصحافيين في طرح الأسئلة، معتبرا أن “الأمر أحيانا يتجاوز طرح السؤال إلى القيام بمداخلات ترافعية مكانها ليس الندوة الأسبوعية”.
تواصل الأزمات
سعيد خمري، أستاذ القانون العام منسق ماستر التواصل السياسي بجامعة الحسن الثاني، قال إن من بين الإشكاليات التي تعاني منها الحكومات التي تعاقبت على المغرب، بشكل متفاوت، غياب استراتيجية تواصلية فعالة ومنتظمة في فترات الأزمات.
وأعطى خمري المثال بالتواصل الحكومي خلال أزمة جائحة “كوفيد-19” الذي كان مرتبكا، قبل أن يعرف بعض التطور على مستوى وزارة الصحة على الأقل، التي كانت تتابع الأمور بشكل منتظم ويومي.
وأوضح الأستاذ الجامعي أن المشكل يطرح خصوصا في ظل الأزمات ذات الطابع السياسي والاجتماعي، ومنها أزمة الغلاء التي يعيشها المغرب، مسجلا على هذا الصعيد غياب الاستراتيجية التواصلية الفعالة.
وقال: “الأمر معقد خاصة في ظل الأزمات لكون الحكومة لها طابع سياسي، ودائما المشاكل السياسية يطبعها الاختلاف والتدافع والصراع والتوترات، وهو ما يقتضي أن تتوفر على استراتيجية تواصلية منتظمة”.
وأشار خمري إلى أن التواصل الذي يطبع المرحلة الحالية يتم فقط من أجل تبليغ الرأي العام بمعطيات الواقع وبما تقوم به الحكومة، موردا أنه “إذا كان هذا الواقع مزريا وغير مقنع، فمهما بلغ تلميع الصورة لن يغير من موقف المواطنين أو الصحافيين الذين يتابعون الأداء الحكومي”.
وحول الإجراءات التي تم اتخاذها خلال ندوة أمس، من قبيل عدم إظهار وجوه الصحافيين، قال خمري: “موضوعيا، لا يمكن اعتبار الإجراء ضد الصحافيين”، مبرزا أن “العلاقة بين الحكومة والإعلامي يطبعها دائما الحذر، وبالتالي فالأمر عادي بالنسبة للفاعل السياسي، حيث يعمل على تحييد كل ما يمكن أن يوظف ضده، الأساس ألّا يطمس الحقيقة”.
انتقادات
من جانبه، أبرز محمد شقير، أستاذ جامعي باحث في العلوم السياسية، أن هذه الحكومة واجهت انتقادات عدة تتعلق خاصة بضعف تواصلها وعدم التجاوب المباشر مع تساؤلات الرأي العام في ظل ظروف مطبوعة بعدم الاستقرار، حيث زاد حجم هذه الانتظارات والتساؤلات مع الأزمات المختلفة التي يعرفها المغرب، كتداعيات الحرب الأوكرانية الروسية وما نجم عنها من ارتفاع في أسعار المحروقات، بالإضافة إلى موجة الغلاء، مما حرك تساؤلات المواطنين حول مصدر هذا الغلاء في بلد فلاحي يطبق لسنوات عدة المخطط الأخضر الذي وعد بتحقيق الاكتفاء الذاتي.
وفي الوقت الذي تصاعدت فيه موجة الاحتجاجات عبر وقفات وبلاغات ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، كان رد الحكومة باهتا، تمثل في الندوة الصحافية الأسبوعية التي يعقدها الناطق الرسمي للحكومة عقب أي اجتماع للحكومة، والعروض التلفزية لبعض حملات المراقبة، وقيام وزير الفلاحة بزيارات إلى بعض الضيعات بأكادير، الشيء الذي لم يكن في مستوى انشغالات الرأي العام.
وقال شقير إن “التناقض بين تصريحات الحكومة حول انخفاض الأسعار والواقع الذي يعيشه المواطن في ظل ارتفاعها، زاد من فقدان الثقة في هذه التصريحات الحكومية، لا سيما بعد تناقضها مع تصريحات بعض المؤسسات العمومية كالمندوبية السامية للتخطيط”.
هذا الوضع، بالنسبة للمصدر ذاته، “يظهر الضعف التواصلي لحكومة عزيز أخنوش وافتقادها لأي استراتيجية تواصلية فعالة، وذلك من خلال خلو تصريحاتها من أي سياسة جديدة في فن التواصل الجماهيري أو بلورة مقاربة جديدة للتواصل مع الرأي العام في ظرفية وطنية ودولية تتميز بعدم الاستقرار، إلى جانب احتفاظ الحكومة بالأسلوب التواصلي نفسه للحكومات السابقة الذي ينحصر في الندوة الأسبوعية للناطق الرسمي باسمها”.
واعتبر الباحث عينه أن قيام الناطق الرسمي الحالي بوضع لائحة بأسماء الصحافيين المتدخلين بدل ما كان يتم في السابق من ذكر الصحافي لاسمه ومنبره، أظهر عقم الاجتهاد الحكومي في هذا المجال وفشل الحكومة وباقي الحكومات السابقة في تعيين عضو مكون ومتمرس في المجال التواصلي بدل تعيين مدرس سابق لا يتوفر على مختلف هذه الكفاءات.
وأشار شقير إلى أن “رئيس الحكومة يفتقد بدوره إلى الحس التواصلي، بدليل أنه لم يجر سوى مقابلة تلفزيونية منذ تقلده رئاسة الحكومة، أظهرت الأخيرة وكأنها حكومة عاجزة وغير متفاعلة، حيث لا تقوم بالترويج والتعريف بأعمالها ومنجزاتها”، مضيفا أنه “باستثناء كل من وزير التشغيل ووزير الثقافة ووزير العدل، لا يحرص جل وزراء هذه الحكومة على التواصل العمومي الذي يعتبر من ضرورات العمل السياسي، خاصة خلال الأزمات حيث يحتاج المواطن إلى الاقتناع والاطمئنان ومتابعة مشاريع الحكومة”.
ودعا المتحدث لهسبريس الحكومة إلى “إعادة النظر في أسلوبها التواصلي من خلال قيام الوزراء بخلق قنوات للتواصل في شبكات التواصل الاجتماعي، إلى جانب تخصيص رئيس الحكومة ندوة تلفزية دورية لعرض منجزات الحكومة والإسهاب في الإجابة على انتظارات وتساؤلات المواطنين، خاصة في ظرفية الأزمة، كما أن على كل وزير أن يحرص على عقد لقاءات صحافية وإعلامية للتحدث عن عمله؛ لأن الناطق الرسمي لا يمكن أن يجيب بدل الوزراء على تفاصيل منجزاتهم”.
مملكتنا.م.ش.س/هسبريس