وزن المعارضة المغربية القادمة يثير الشكــــوك والتســــاؤلات
- أمام هيمنة الانسداد الذي يعيشه تشكيل الحكومة، حاليا، على الشأن السياسي المغربي، لم يتم تسليط الضوء على من سيمارس مراقبة العمل الحكومي، مما أثار التساؤلات حول تموقع المعارضة المقبلة ومؤهلات الأحزاب التي ستقوم بهذه المهمة بما يكفله الدستور.
لاحظ المتابعون للشأن السياسي، بعد عسر ولادة الحكومة المغربية، والتي مر أكثر من شهرين على تكليف عبدالإله بن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، بتشكيلها، أن جل الأحزاب، باستثناء حزب الأصالة والمعاصرة، تتهافت على المشاركة فيها.
وكان حزب العدالة والتنمية، الفائز بالانتخابات التشريعية الأخيرة، قد أعلن عن تحالفه مع حزب التقدم والاشتراكية وحزب الاستقلال، كما بين الاتحاد الاشتراكي موافقته على المشاركة في الحكومة، في حين يربط حزب الأحرار موافقته بشروط، يعتبرها العدالة والتنمية تعجيزية.
ولم يتم تسليط الضوء على من سيمارس مراقبة العمل الحكومي، في ظل هذه الظروف، ما أثار التساؤلات حول تموقع المعارضة المقبلة ومؤهلات الأحزاب التي ستقوم بهذه المهمة بما يكفله الدستور.
يذكر أن المشرع المغربي منح العديد من الاختصاصات للمعارضة، طبقا للفصول 10 و69 و82، وكرسها صلب الأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان.
ويلاحظ أمين السعيد، الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية، في حديثه لـ”العرب”، أن هناك نوعا من الانفصام الملحوظ بين الوثيقة الدستورية المتقدمة وسلوكيات الأحزاب السياسية المختلفة، فهي حسب رأيه لم ترتفع إلى مستوى فلسفة الدستور الذي ارتقى بوضع المعارضة.
ومن جهته اعتبر عبدالإله السطي، الباحث في القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس، أن من شأن الصلاحيات المخولة دستوريا للمعارضة أن تجعل منها لاعبا رئيسيا داخل البرلمان المغربي، إذا ما استطاعت أن تبلور هذه الصلاحيات على مستوى ممارساتها التشريعية. ولكن على أرض الواقع، حسب السطي، الأحزاب السياسية المنضوية تحت جبة المعارضة البرلمانية غير قادرة على ذلك.
ولعل ما يبرهن هذا التوجه، وفق تصريحات السطي لـ”العرب”، هو تهافت جل الأحزاب السياسية على الالتحاق بركب التحالف الحكومي رغم اختبائها وراء ما تعتبره شروطا أساسية لقبولها بالمشاركة فيه. وأضاف قائلا إن الأيام القادمة ستؤكد أنها مجرد شروط وضعتها هذه الأحزاب من أجل تقوية وضعيتها التفاوضية مع رئيس الحكومة المعين عبدالإله بن كيران.
ويرى أمين السعيد أنه خلافا للتجارب المقارنة في الديمقراطيات التقليدية، فإن الأحزاب السياسية المغربية لها تمثل سلبي للمعارضة، كما أنها تعاني من عقدة وحساسية مبالغ فيها من التموقع في المعارضة، وتعتبر أن الاصطفاف في هذه الخانة يعد بمثابة شهادة وفاة لوجودها السياسي. ولفت إلى أن هناك إهمالا كبيرا للتيارات التي يمكن أن تقوم بمراقبة الحكومة ومساءلتها سياسيا طبقا لمقتضيات الدستور. ويعتقد السعيد أنه في حال مشاركة حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ستعرف مكونات المعارضة تقهقرا وسينعكس ذلك سلبا على أدائها.
ويتابع أنه في هذه الحالة لا يمكن التعويل على حزبي الأصالة والمعاصرة والحركة الشعبية باعتبارهما في صف الحكومة أكثر من كونهما في المعارضة.
تجدر الإشارة إلى أن إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، خرج في الأسابيع القليلة الماضية بثلاث مقالات رأي أثارت الكثير من النقاش حول مضامينها التي دعت في البداية إلى عقد مصالحة بين جل الفرقاء السياسيين، ليختمها مؤخرا بانتقاد حاد للطبقة السياسية.
واعتبر الكثير من المراقبين مقالات العماري بمثابة تنفيس عن هزيمة حزبه في الاستحقاق التشريعي الأخير، في حين اعتبر آخرون أنه يؤسس لأسلوب جديد في ممارسة المعارضة.
وقال عبدالاله السطي إن هذه “الخرجة جاءت ليؤكد العماري للمتتبعين أن نجمه السياسي لم يفل بعد، وأن حضوره في الساحة السياسية لا يزال فاعلا”. ومن جهته اعتبر أمين السعيد أن المقالات لا تدخل ضمن المعارضة المؤسساتية التي من المفروض أن تمارس ضمن اللجان البرلمانية وفي جلسات تقييم السياسات العمومية وعبر الأسئلة والبيانات الرسمية.
وتجمدت المشاورات حول تشكيل الحكومة بعدما وصل كل من رئيس الحكومة المعين عبدالاله بن كيران ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، إلى النفق المسدود بخصوص تليين شروط مشاركة حزب هذا الأخير في الحكومة المقبلة.
وأكد أخنوش في أحد لقاءاته مع مناضلي حزبه، في نوفمبر الماضي، أن “عملنا ووظيفتنا ستكون من داخل الحكومة أو من خارجها”.
ويبدو جليا أن نسبة التمثيل البرلماني لهذه الأحزاب لا يخول لها حمل مشعل معارضة قوية ويرى السطي أن حزب الحركة الشعبية، أحد أقطاب التحالف الحكومي السابق، قد فقد حظوظه في المشاركة في الحكومة القادمة، بعدما وضع، هو أيضا، شروطه التعجيزية.
مملكتنا.م.ش.س/عرب