بلوكـــــاج حكومة بنكيران … مفاوضات براغماتية وحربائية سياسية
من يتحمل مسؤولية تأخر تشكيل الحكومة المغربية بعد شهرين من الانتخابات التشريعية؟ هذا أكثر الأسئلة تداولا في المشهد السياسي والمجتمعي المغربي اليوم، بعد حالة “البلوكاج” التي وصلت إليها المشاورات السياسية بين رئيس الحكومة المعين عبد الإله بنكيران والأحزاب السياسية.
وفي الوقت الذي تتهم فيه قيادات حزب العدالة والتنمية أحزابا في مقدمتها التجمع الوطني للأحرار بعرقلة تشكيل الحكومة، خرج قياديون بحزب “الحمامة”، وفي مقدمتهم عضو المكتب السياسي رشيد الطالبي العلمي، مستغربين تحميل حزبهم المسؤولية.
وقال العلمي، الذي كان يتحدث مؤخراً في تجمع حزبي بمدينة الداخلية، إن تحميل حزبه مسؤوليته عرقلة تشكيل الحكومة يثير الاستغراب، ودعا رئيس الحكومة، الذي حصل حزبه على المرتبة الأولى، إلى اللجوء إلى الأحزاب الأخرى لتشكيل حكومته دون انتظار حزب التجمع الوطني للأحرار.
الدكتور عثمان زياني، باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، اعتبر، في تصريح لهسبريس، أن مسؤولية التأخر في تشكيل الحكومة أو حالة “البلوكاج” القائمة تتقاسمها مختلف الأحزاب السياسية، وبقدر أكبر رئيس الحكومة، وقال: “إن منطق التنازع في التفاوض تحكمه دوافع براغماتية حزبية ضيقة تظهر من خلال السعي الحثيث واللامحدود للأحزاب في الظفر بعدد أكبر من المناصب الوزارية؛ أي تحركها النزعة الاستحواذية/الاستئثارية”.
زياني سجل في هذا الصدد أن “موانع شتى تحول دون تشكيل الحكومة، منها كون الأحزاب السياسية مازالت تفتقد إلى الاستقلالية، وسلطة التقرير النهائي في تشكيل التحالفات”، مبرزا أن “ما يفرق الأحزاب السياسية أكثر مما يجمعها ويوحدها، ونقط الخلاف أكثر من نقط التلاقي، مع سيادة لغة الخشب وتبادل الاتهامات التي تعرقل مسارات وسياقات الاصطفاف في الأغلبية أو المعارضة”.
الباحث في القانون الدستوري وعلم السياسة أوضح أن الأحزاب السياسية تفتقد إلى ثقافة إدارة التفاوض في تشكيل التحالفات، وتغلب منطق الشقاق والخلاف والصراع، و”التنافس الصفري الذي يكرس الإقصاء المتبادل”، مشددا على أن المكونات السياسية “تعلي من قمة هامش المناورة وممارسة نوع من الحربائية السياسية، مادام أن بعض الأحزاب السياسية ترهن انضمامها إلى الحكومة باستبعاد أحزاب أخرى”.
وفي هذا الاتجاه، يرى زياني أن “الأمر يزداد سوء في ظل غياب عنصر الثقة السياسية التي يمكن أن تقود نحو إرساء تحالفات عقلانية تشكل الأغلبية الداعمة للحكومة”، مؤكدا أن كل هذا يصعب عملية إيجاد أرضية مشتركة وخصبة، وبرنامج مشترك يشكل مرجعية سديدة للتحالف الحكومي المقبل.
وختم المتحدث تصريحه للجريدة بالتأكيد على أن المغرب يعرف “نزعة صراعية/ تنافرية بين مختلف رهانات الأحزاب ورهانات حزب العدالة والتنمية من جهة، ومن جهة أخرى رهانات القصر الذي يحاول ضبط مشهد التحالف الحكومي على مقاساته”، معتبرا أن هذا “لن يزيد إلا في متاعب ومأزق التشكيل الحكومي المقبل؛ لأن الطبيعة السياسية لا تقبل الفراغ السياسي، وهو ما سيفضي إلى الانتصار أكثر لمنطق الهدر السياسي، والدستوري ويزيد من هشاشة المأسسة السياسية التي هي عماد البناء الديمقراطي”.
مملكتنا.م.ش.س/هسبريس