ظاهرة بوجلود – بيلماون  بسوس او “ربع عجامو – ايزم اوكرثيل”  بالأطلس المتوسط ” أنموذج  قبائل  ايت اسكوكو “

الأحد 2 يوليو 2023 - 13:02

الحسين اكضى   (  باحث  في التاريخ  و التراث )

كلما حل  عيد الأضحى طفت على السطح   ظاهرة بوجلود  – بيلماون بسوس  كظاهرة  احتفالية و فرجوية  انتقلت  فيما بعد إلى  كرنفال  يجول  دروب بعض المدن  بالجنوب  المغربي ( الدشيرة ،  ….)  ظاهرة    أنجزت  حولها    مجموعة  من الدراسات  التاريخية و الانتربولوجية و السوسيولوجية  ( ادوارد  فيستمارك ، ادموند دوطي  ، عبد  الله  حمودي …) و عديد  من المقالات  بالجنوب المغربي او شماله ( وزان )  بحيث لم يكتب لي الحصول  يوما  على أي  دراسة  لهذا الموضوع  بوسط المغرب  .

و لكن بالعودة  الى تاريخ  الذهنيات  نجد أن الإنسان  الامازيغي  بالأطلس المتوسط  مازالت ذاكرته الجماعية تختزن    مجموعة من  أنواع التراث اللامادي   الذي  يحتاج  إلى  من  يحمل  المعول  للنبش  و  الحفر  و التنقيب  عليه .

فظاهرة  ” ربع  عجامو أو  ايزم اوكرثيل  ” او ما يسمى بيلماون او بوجلود   بسوس  أصيلة  لدى  الامازيغ  ، وليس  مستوردة او دخيلة  على  ثقافتهم  كما  يتوهم  بعض  الجمهور من  المستلبين  بل  هي  جزء  من  عادات و تقاليد الامازيغ  ،  و تختلف بعض  طقوسها   و احتفالاتها     من   مجال  إلى  أخر،   و لكن اغلب  الباحثين يربطونها  بالمناسبة  الدينية  (  عيد  الأضحى )  عكس  ذلك    ما  ذهبت  اليه  الأستاذة و المحافظة  على  التراث  الامازيغي   فاطمة  توفيق  من قبائل ايت  اسكوكو مريرت   حيث قالت  ” ان هذه الظاهرة الاحتفالية  كان  يحتفى  بها  بقبيلة ايت  موسي بايت  اسكوكو  بمنطقة  فلات  في فصل  الخريف بعد  نهاية  كل  موسم فلاحي  و   خاصة بعد حصاد الذرة  في أواخر  القرن 20م ،  حيث يجتمع أهل الفبيلة  في  حفل  بهيج  ، و بهذا اليوم  تظهر شخصية  بهلوانية  يتنكر  في  لباس  جلدي  مزكرش   يشبه  النمر    ( ثاهيثورث  اوغلياس )    يطوف  حول   الخيام  المخصصة   لهذه  المناسبة  ،  يضحك الأطفال  و يفزعهم  في أن واحد و يدخل  وسط  الخيام و يردد   مع  الشيوخ     اهازيج  امازيغية   من  مثيل  ” اداي  نيني   نبي  ايك  ولوينو  اربي  ثشمعيث  …..سيدني   ايدمار   اشكينث  ثيلاس  –

بدرت  بدرت ماكنان  ديكون   سيدي  نبي  اداسيكس  القنض  ايولو….)  اذن   هي  شخصية  زائفة و غير  حقيقية   تخلق  الفرجة  وسط  جمهور  القبيلة   .

أما  العودة  إلى   ظاهرة  بوجلود  المرتبطة  بعيد  الأضحى  و التي  هي ظاهرة تراثية قائمة  بالأطلس المتوسط  إلى أواخر  التسعينات  من  القرن 20م  و التي يطلق   عليها  العديد  من  الأسماء  ” ربع  عجامو ” او “ايزم  اوكرثيل ” فهو  تراث  لامادي   امازيغي  كان  ينظمه  شباب و يافيعين من كل  قبيلة او دوار ( اسون ) في  ليلة  يوم  العيد  او  الموالية لها   ، و يتخذون  اكسسوارت  هذا  الحفل  اغلبها  من  بقايا  الأضحية  من مثيل  الجلد سواء  كان للمعز و  الغنم  و القرون  ،  يضاف  إليها  حصير  مزكرش   (  اكرثيل  بولقيضن )  و يختار  شاب  من  الدوار ( اسون )  او القبيلة  على  أساس  موصفات  يجب  ان  تتوفر في  شخصيته  كالشجاعة و  إتقانه  للتمثيل و الضحك  و فصاحة  اللسان و كثرة  المرح  وتوضع  له     لحية من شعر  المعز و قرون من  الشاه  ويصبغ  وجهه  بالفحم  و يلبس  له  الحصير على  شكل  سلهام  ، و ينتظرون  غروب  الشمس  لانطلاق  الكرنفال يتقدمهم  ” ازم  اوكرثيل ”  اي  أسد  الحصير   في  ظلام  دامس ينتقلون  من  خيمة  إلى خيمة او من دار إلى  أخرى ،  و تستمر  قافلة الهرج  و المرح   أمام جميع  اسر  القبيلة ،  و عندما  يصلون إلى أمام  سكن او خيمة  ما ، يتم ترديد  كلمة   جماعة  ” الربع  عجامو ” بأصوات   مختلفة  ، و هي  إشارة الى ربع  من  الأضحية  و هذا ما أدى  إلى  تسمية  هذه الظاهرة بهذا  الاسم (  ربع  عجامو)  لدى أوساط  قبائل  ايت  اسكوكو (  ايت  سيدي احمد احمد انموذجا ) ونفس الوقت  يخلق ” ازم  اكرثيل ” عروض  مسرحية  فنية  يضحك و يخلق  مشاهد  من الفرجة  يمرر رسائل  يحث   من خلالها   صاحب  الخمية و المنزل (  كان رجل  امراة )    التفاعل  الايجابي   معهم  بقطع  ربع من  الأضحية  لهم  فهي  من  نصيبهم  ،  و في  حالة  تحقيق هذا التفاعل  يزداد  التهريج  و الفكاهة   و  الدعاء  لصاحب  الخيمة  و لأسرته او التنويه  بيه  و التكبير  به   (  اخام  اكسواث  ، لالاوخام ) و  هكذا  ينتقل  الكرنفال إلى  المنزل  المجاور ،  عند التفاعل   السلبي   مع  مطلب  الكرنفال  يتسلل احد مساعد  ” ايزم  اوكرثيل ” إلى داخل المنزل او الخيمة و يخلق  نوع  من الشغب  و تكسير بعض  الأعراف الاحترام   لإظهار  له قوة  الشباب  و ليصل الرسالة  أن ذلك  المطلب ( ربع من  الأضحية )  حق  للشباب و يافيعين  القبيلة و واجب على صاحب المنزل او  الخيمة  بمنحه  ، و في  حالة  وصولهم  إلى  باب منزل  او خمية و أهلها  في نوم  عميق  يتسلل  احدهم  إلى   المطبخ  ( المسي ) بشكل  سري  ،  و يأخذ  رأس الأضحية  من ( الكدرة ) الذي  غالبا يطبخ   ليلا  للفطور  به   ، و عندما  ينتهي  الكرنفال    الذي  جال     جميع  الأسر   الخاضعة  لمجال القبيلة  او الدوار ،    في  النهاية بحيث  يحصلون   كميات  وافرة  من اللحوم  و من  لوازم   أخرى   ،فقبل   انتشار  كل  واحد  منهم   الى  منزله  او  خيمته   يتفقون  على محل  احدهم ” كان  سابقا  يجتعمون  مباشرة  عند محل  امغار  القبيلة  ” الذي  سوف  تنظم   فيه   ليلة  الوليمة  تكون  ليلة  يحضر  فيها  مجموعة  من  أفراد   القبيلة   شيوخا  و أطفالا   ونساء   ليلة   تستعرض   فيها    فنون   أخرى  (    شعر  ،   احيدوس  ، حكايات ….)  و هي  مناسبة  يتذكرون  فيها  مغامرات  ” ايزم اوكرثيل  و مساعديه ” .

و نسجل   ان  هذا  التراث  الامازيغي  اللامادي لم  يتم  الحفاظ  عليه  في  سياق  التحولات  التي  عرفتها القبائل  بالاضافة   الى  ما كان يتعرض  له  التراث  الامازيغي  من تحقير و تهميش و اساءة  من طرف   تجار  الدين و المستلبين  شانه  ذلك  شان مجموعة  الاعراف  الامازيغية   الايلة  للزوال ، قيس  على  ذلك  تنكر  اغلب    سكان  الاطلس  المتوسط  لكل عاداتهم  و تقاليدهم و اصولهم  و لغتهم كلما هاجروا من القبيلة  عكس  أهل  سوس  الذين  يهاجرون  مع  ثقافتهم  و عاداتهم  و تقاليدهم   كلما  حلوا  و ارتحلوا .

مملكتنا.م.ش.س

Loading

مقالات ذات صلة

الأربعاء 8 أكتوبر 2025 - 09:04

وجدة .. انطلاق الدورة الخامسة للمعرض المغاربي للكتاب “آداب مغاربية”

الثلاثاء 7 أكتوبر 2025 - 15:12

طنجة .. عازف البيانو الإسباني أندريس باريوس يمتع الجمهور بإيقاعات الفلامنكو

الثلاثاء 7 أكتوبر 2025 - 12:08

معرض الرياض الدولي للكتاب .. كتاب مغاربة يعبرون إلى القارئ السعودي والعربي عبر الرواية والترجمة والنقد السينمائي

الأحد 5 أكتوبر 2025 - 20:10

الدورة الـ16 لمعرض الفرس بالجديدة استقطبت حوالي 150 ألف زائر (مندوب المعرض)