مراكش – في أحد المكاتب داخل منصة الشباب “الم واك ب” بمراكش، يجلس عبد الحي البغدادي محاطا بملفات لحاملي مشاريع شباب، لا يتعامل معها كأوراق أو أرقام، بل كقصص نجاح يمكن أن تتحقق على أرض الواقع.
فعبد الحي، الحاصل على شهادة الماستر في المالية التطبيقية، ليس مستشارا ماليا يتقن لغة الجداول والمعادلات فحسب، بل دائما ما يرى في كل فكرة مشروع بذرة حلم، يحتاج فقط إلى العناية والكثير من الإيمان.
ومنذ التحاقه بمنصة “المواكب”، المدعومة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تحول دوره من “محلل جدوى” إلى “مهندس لمسارات التمويل”، إذ تبدأ مسؤوليته من مرحلة ما قبل الإنشاء (من التسجيل والتكوين إلى المصادقة على المشروع)، وتشمل مرحلة الإنشاء (تأسيس المشروع قانونيا والحصول على التمويل)، ثم مرحلة ما بعد الإنشاء (مرافقة المشاريع لضمان استدامتها).
وفي بداية كل أسبوع، يبدأ عبد الحي باستقبال دفعات جديدة من الشباب، بعضهم يحمل أفكارا ناضجة، وآخرون لم يجدوا بعد حتى اسما لمشروعهم. وبعين الخبير وأذن الصديق، يستمع عبد الحي لكل واحد منهم، يقف معهم على تفاصيل التمويل، يبسط لهم لغة الأرقام، ويعلمهم كيف يفكر المستثمر وكيف تبنى المقاولة.
ويرافق السيد البغدادي حاملي الأفكار خطوة بخطوة، بدءا من التسجيل على المنصة، مرورا بالتكوين الضروري، حتى الوصول إلى مرحلة المصادقة، حيث يقدم تقييما موضوعيا يتماشى مع شروط دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وإلى جانب تمكين الشباب من تأسيس المشروع قانونيا، يساهم عبد الحي في ترتيب أولويات المصاريف، وتحديد مستويات التمويل، ووضع خطة مالية أولية واقعية. كما يمتد نشاطه إلى المتابعة الدورية، وتتبع إنجاز المشاريع وإرشاد أصحابها لتجاوز التحديات المالية أو الإدارية في أول سنة من النشاط.
وفي هذا السياق، أكد السيد البغدادي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “منصة المواكب لا تكتفي بمنح الدعم المالي المحدد في 100 ألف درهم، بل تضمن أن تكون المشاريع قابلة للاستمرار، وأن يملك أصحابها الأدوات التي تجعلهم مستقلين على المدى الطويل”.
ولا يكتفي عبد الحي بتوفير الإرشادات العامة أو الدعم التقني، بل يعتمد أيضا على التواصل الشخصي مع كل مستفيد من المنصة، إذ يتفاعل مع أصحاب الأفكار والمشاريع الناشئة، خاصة أولئك الذين يواجهون شكوكا حيال جدوى مشاريعهم أو يمرون بصعوبات في مرحلة التأسيس.
وأشار إلى أن “هذه العلاقة الشخصية هي ما يجعل المنصة أكثر من مجرد محرك للتمويل، بل بيئة للدعم النفسي والمعنوي لشباب يقفون على أعتاب الريادة، ما يساعدهم على تجاوز لحظات التردد أو الإحباط”.
بعد سنوات من العمل المتواصل، بات عبد الحي شاهدا على تحول مسارات مئات الشباب، الذين انتقلوا من حاملي أفكار إلى رواد أعمال يمتلكون مقاولاتهم الخاصة، وكل واحد منهم يحمل جزءا من بصمته، من نصيحة صغيرة إلى خطة مالية دقيقة ترسم ملامح مشروعه المستقبلي.
مملكتنا.م.ش.س/و.م.ع