الدار البيضاء – تشهد مدينة الدار البيضاء خلال الموسم الصيفي الحالي دينامية متميزة، تجمع بين حركية ثقافية مكثفة والتزام متجدد بتأهيل شواطئها والعناية بسواحلها.
فمنذ الأسابيع الأولى من فصل الصيف، عاشت المدينة على وقع عدد من الفعاليات الثقافية الكبرى. وقد شكل مهرجان “كازابلانكا ميوزيك ويك”، المنظم من طرف “NRJ” المغرب بفضاء “لا كازابلانكيز”، انطلاقة هذه البرمجة الغنية والمتنوعة، وذلك من خلال حفلات موسيقية، وعروض سينمائية، ومسابقات رياضية وأنشطة ثقافية جمعت جمهورا واسعا ومتنوعا، جذبه تنوع العروض الفنية.
بعد ذلك، جاء مهرجان “نوستالجيا لوفرز”، الذي ن ظم في الفترة الممتدة من 3 إلى 6 يوليوز المنصرم بفضاء “فيلودروم”، والذي شكل سفرا موسيقيا عبر الزمن يعود إلى فترة الثمانينات و بداية الألفينات. من خلال سينوغرافيا غامرة، حفلات موسيقية مباشرة وأنشطة ترفيهية، تمكنت هذه التظاهرة الثقافية من خلق أجواء دافئة تمزج بين الحنين والاحتفاء بالموسيقى الأكثر انتشارا خلال تلك الفترة.
أما مهرجان “جازابلانكا” (من 3 إلى 12 يوليوز الماضي)، فقد واصل مهمته المتمثلة في تثمين المشهد الموسيقي المغربي والدولي. وشهدت دورته الثامنة عشرة تنظيم أزيد من ثلاثين حفلا موسيقيا بين فضاء “كازا أنفا” وحديقة جامعة الدول العربية، في أجواء حماسية متميزة.
وككل سنة، تم تخصيص خلال البرنامج الصيفي حيزا مهما للتراث الثقافي المحلي للمدينة. فقد نال العرض التفاعلي “نوستالجيا، مشاعر الماضي” استحسان جمهور واسع، من خلال تصور مسرحي يزاوج بين السرد، والفنون البصرية، والابتكار التكنولوجي، مانحا المشاهدين فرصة عيش تجربة حسية غير مسبوقة تحكي تاريخ المدينة.
وفي السياق ذاته، سلطت الدورة الثانية من “مهرجان العيطة المرساوية”، التي نظمت على ثلاث مراحل بكل من الجديدة ومديونة والدار البيضاء، ما بين 18 يوليوز و 2 غشت الجاري، الضوء على غنى التراث الموسيقي الشعبي المغربي. وقد تضمن البرنامج حفلات، وندوات، ومسابقات، ساهمت جميعها في نقل هذا الإرث إلى الأجيال الجديدة، في أجواء احتفالية.
كما ازدانت الأجندة الصيفية بالدار البيضاء بمهرجان “نجوم كناوة”، المنظم من 21 إلى 23 غشت بساحة الأمم المتحدة، فيما تواصل القرية الثقافية الإفريقية، “هنا إفريقيا” (This is Africa) تنشيط ساحة الراشدي، إلى غاية 18 يناير 2026.
وقد تم تصميم هذا المشروع للاحتفاء بثراء الثقافات الإفريقية، ضمن رؤية تنسجم مع إرادة المملكة في تعزيز موقعها كملتقى ثقافي قاري، مع اقتراب احتضان المغرب لكأس إفريقيا للأمم 2025.
و بالموازاة مع هذا الزخم الفني، تواصل المدينة تنفيذ سياسة إرادية في المجال البيئي. إذ تحظى الشواطئ التي تشهد إقبالا كبيرا، مثل عين الذياب، وعين السبع، ومدام شوال، بعناية معززة تشمل عمليات تنظيف مكثفة وجمع منتظم للنفايات، بالإضافة إلى حملات تحسيسية لتذكير المصطافين بالسلوكات الضرورية للحفاظ على جودة السواحل.
وفي هذا الإطار، أطلقت شركة التنمية المحلية “كازا بيئة” بشراكة مع جماعة الدار البيضاء، يوم 12 يوليوز الجاري، النسخة الخامسة من الحملة الصيفية للتوعية “صيف نظيف”. وتهدف هذه المبادرة التي تمتد على مدى شهرين، إلى تعزيز السلوكيات البيئية المسؤولة، من خلال سلسلة من الأنشطة المخصصة بخمسة فضاءات عمومية تعرف إقبالا مهما، وعلى مستوى المقاطعات الستة عشرة للمدينة.
وقد تم وضع برنامج يجمع بين القرب والإبداع: قرى تحسيسية، قافلة متنقلة بعشر سيارات هجينة، نشيد رسمي، ورشات بيداغوجية، أنشطة ترفيهية، وتوزيع هدايا خلال نهاية كل أسبوع، ما يجعل من النظافة مسؤولية جماعية مشتركة.
وتواكب هذه الجهود حملة رقمية وإعلامية واسعة النطاق، بفضل شراكات مع وسائل الإعلام الوطنية، واستراتيجية تأثير يقودها سفراء ملتزمون، إلى جانب تفاعل حي على شبكات التواصل الاجتماعي، من خلال ألعاب، واستطلاعات، ومسابقات، ومضامين إبداعية أصلية.