بنجرير (إقليم الرحامنة ) – سلط نخبة من الباحثين والعلماء، اليوم الاثنين ببنجرير (إقليم الرحامنة)، في الملتقى الروحي الدولي الخامس لمولاي علي الشريف، الضوء على خصوصيات الهوية الروحية للمغرب وما تختزنه من قيم إنسانية وحضارية.
وأبرز المتدخلون، في هذا الملتقى، المنظم من طرف مؤسسة مولاي علي الشريف دفين مراكش، حول موضوع “خصوصية الهوية الروحية والتصوف السني المغربي .. رباط أبدي بالعترة النبوية الشريفة وركن أساس في بناء المشترك الإنساني الكوني”، النموذج الروحي “المتفرد” للمغرب في العالم الإسلامي وموازنته بين الأصالة والانفتاح.
وفي هذا السياق، أوضح رئيس مؤسسة مولاي علي الشريف دفين مراكش، مولاي سلامة العلوي، أن “الهوية الروحية للمغرب، تحت قيادة أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أرست الأسس لمدرسة روحية متجذرة في المرجعية النبوية الشريفة، ومنفتحة على قيم السلم والتعايش”.
وأضاف أن “المغرب ظل على امتداد قرون فضاء للتلاقي الروحي والثقافي بين الشعوب”، مشيرا إلى أن هذا الموعد الفكري والعلمي “يشكل محطة للتأمل في الدور المركزي للهوية الروحية المغربية في حماية المجتمع من نوازع التطرف، وفي تمتين الروابط مع العترة النبوية الشريفة”.
وخلص إلى أن “خصوصية الهوية الروحية المغربية، بما تحمله من ارتباط وثيق بالعترة النبوية الشريفة، وما تكرسه من قيم المحبة والتآخي، تمثل رصيدا حضاريا غنيا يتعين الحفاظ عليه وصيانته، وتقاسمه مع مختلف بلدان العالم، كإسهام مغربي أصيل في إرساء أسس المشترك الإنساني الكوني”.
من جهته، أبرز مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بمراكش آسفي، عبد اللطيف شوقي، أن إصلاح التعليم يظل خيارا استراتيجيا يستند إلى التشبث بالثوابت الوطنية، مؤكدا أن هذه المرجعيات تعد حصنا منيعا ضد مظاهر التطرف والغلو، ومدخلا لترسيخ قيم الاعتدال والوسطية والتسامح.
وشدد السيد شوقي على أن الارتقاء بالقيم الإنسانية النبيلة داخل المنظومة التربوية يمر عبر التربية على فضائل السلوك والاقتداء بالسيرة النبوية الشريفة، بما يعزز ثقافة الحوار والتعايش، ويكرس الاعتزاز بالهوية الوطنية بشتى روافدها.
من جانبه، أكد مدير الشؤون المؤسسية بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، خالد بادو، أن “التجربة الصوفية المغربية رسخت، عبر قرون، توازنا فريدا جعل منها مرجعا روحيا داخل المغرب وخارجه”.
وأوضح السيد بادو أن هذه التجربة أبانت عن قدرتها على مواجهة مختلف مظاهر الغلو والتشدد، من خلال ترسيخ قيم الوسطية والاعتدال، والإعلاء من شأن المحبة والتسامح والتعايش، وأضحت جسرا للحوار الحضاري ومجالا للتلاقي الروحي بين مختلف الشعوب والثقافات.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أوضح عدد من الشيوخ والعلماء أن التجربة المغربية في التصوف السني “لا تنحصر في بعدها الديني، بل تمتد لتشكل أرضية مشتركة لبناء الحوار الإنساني الكوني”، معتبرين أن “الهوية الروحية للمغرب تحمل رسالة عالمية قوامها المحبة والتسامح والاعتراف بالآخر”.
وفي هذا الصدد، أشاد رئيس المجلس الوطني للدراسات العربية والإسلامية بنيجيريا، البروفيسور ياهوزا سليمان إمام، بدور مؤسسة إمارة المؤمنين، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في تعزيز الدبلوماسية الروحية للمغرب، مشيرا إلى جهود المغرب في تقاسم تجربته الروحية مع الدول الإفريقية لمحاربة الكراهية ونبذ التطرف.
ويتضمن برنامج الملتقى، الممتد من 29 شتنبر الجاري إلى 3 أكتوبر المقبل، ندوات وجلسات فكرية تحتضنها مؤسسات جامعية وتربوية بكل من مراكش وبن جرير، تتناول قضايا تتصل بتراث التصوف المغربي وأثره في تعزيز السلم الاجتماعي وتحصين الشباب من خطاب التطرف والانغلاق.
ويختتم الملتقى، المنظم بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وجامعة القاضي عياض وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بمراكش آسفي، وبتعاون مع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، بحفل ختامي بمراكش، يتم خلاله الإعلان عن الفائزين بـ”جائزة مولاي علي الشريف للدراسات والأبحاث العلمية” في دورتها الثانية، في خطوة تروم تشجيع البحث الأكاديمي حول الهوية الروحية والتصوف السني المغربي