الدبلوماسية البيولوجية والصراع نحو القيادة
شيماء أيت سوا
مراكش ــــ الحكمة في الدبلوماسية أنها تشكل احد مصادر قوة الدولة وأداة الحصول على المغانم ودرء المفاسد والخسائر، بها تستطيع الدولة تجميع الأصدقاء وتفريق الخصوم، وإيجاد الظروف المواتية لتحقيق الأهداف اتسع مفهوم الدبلوماسية إلى ان شمل مجموعة من الأبعاد، فقد أصبح يحتوي معاملات على المستوى الدولي والمحلي والاقتصادي والرقمي و الاديولوجي والبيولوجي …حقا انه مفهوم مرن.
البحث عن المصالح غاية تعدد سبلها قد تبدو أحيانا الدبلوماسية الرسمية الحلقة الضعيفة في جلب المصالح على المدى البعيد، والماكينة الأقل قدرة على الإقناع بالنوايا الحسنة وبالتأثير في الرأي العام في اي مجتمع خارجي مستهدف، ولطالما لجأت العديد من الدول إلى إبداع نماذجها الخاصة من أنماط الدبلوماسية المصالح وتطوير بعض المفاهيم المتعلقة بالتسويق السياسي والثقافي للدول.
ولعل الدبلوماسية البيولوجية إحدى معالم هذا التطوير.
لم يعطى أي تعريف خاص لهذا المفهوم، مما يؤكد راهنتيه كسياسة تلتوي تحت الغطاء الدبلوماسي.
نعم إنها “فيروسات دبلوماسية” وهو عنوان تحقيق استقصائي تبحث فيه الصحافية البلغارية “دليانا غايتاندزيفا” التي أجرت تحقيقا ميدانيا حول طبيعة التجارب داخل مركز لونمار والهدف منها، علما أن المختبرات الأمريكية البيولوجية حول العالم تتلقى تمويلا في إطار برنامج عسكري يعرف باسم “برنامج المشاركة البيولوجي التعاوني”
تظهر أهمية التحقيق من خلال وجود مختبرات بيولوجية أمريكية على مقربة من روسيا، في الدول التي شكلت الاتحاد السوفياتي سابقا وهو الأمر الذي أشارت له روسيا سابقا منبهتا من احتمال تطوير أسلحة بيولوجية قرب حدودها، بما في ذلك نشر الأمراض باستخدام الحشرات.
تشمل هذه الأسلحة كل الكائنات الدقيقة كالبكتريا والفطريات والفيروسات وكذلك السموم الموجودة في الطبيعة المفرزة بواسطة هده الكائنات أو المشتقة من النباتات والحيوانات.
تندرج الأسلحة البيولوجية والنووية وكذلك الكيميائية تحت مسمى أسلحة الدمار الشامل، لكن الأكثر تميزا هي الأسلحة البيولوجية وذلك لان أول أسلحة الدمار الشامل المستخدمة في الحروب ولما تتميز به أيضا من صغر الحجم وسهولة الحصول عليها وسهولة استخدامها وانتشارها السريع بالإضافة إلى قدرتها التدميرية الفتاكة.
إن استخدام الأسلحة البيولوجية بدأ في الحروب منذ 14 قرنا قبل ميلاد المسيح، فخلال القرن السادس قبل الميلاد سمم الأشوريون أبار العدو بفطريات جعلت العدو يصاب بالهذيان، وفي القرن 14 أثناء حصار “كافا” ألقى تثار جثث المصابين بالطاعون في المدينة لنشر الوباء للعدو.
أما في العصر الحديث فقد تطورت الأسلحة البيولوجية، فخلال الحرب العالمية الأولى، استخدم الجيش الألماني “الجمرة الخبيثة” ومرض “الرعام” و “الكوليرا” كأسلحة بيولوجية.
العوامل البيولوجية من السهل الحصول عليها واستخدامها ولن يحتاج الأمر إلا لكمية ضئيلة جدا لقتل مئات الآلاف من البشر والحيوانات، فالأسلحة البيولوجية من السهل جدا إخفاؤها ولكن من الصعب نسبيا اكتشافها والحماية منها، وذلك لأنها غير مرئية، عديمة الطعم وكذلك الرائحة تنتشر في صمت بشكل مرعب، فيمكن نشرها بطرق مختلفة ومتعددة عن طريق الهواء والطعام وكذلك الماء أما حتى يكون السلاح البيولوجي فعالا فيجب أن يكون منتشرا في الهواء حتى يصل منه كمية كافية إلى الرئتين حتى تحدث الإصابة.
حيث يستخدم الهواء والماء كطريقة مثالية لنشر عامل بيولوجي لوقوع إصابات جماعية.
أليسوا من وقعوا اتفاقيات ومعاهدات السلام وحقوق الإنسان والحريات العامة واتفاقيات حظر استحداث وتخزين الأسلحة البكثريولوجية هم نفسهم من يعهد لهم تسيير هذه المختبرات
المبدأ يجيب أن ما من صداقة دائمة وما من عداوة دائمة، إلا أن الدوام لا تعرفه إلى المصالح.
“صراع مستمر وتنافس حول الغنائم والرعية في سبات “
مجتمع دولي ممزق بصراعات مريرة على السيادة
إنها الهيمنة الأمريكية وهي إحدى حقائق الحياة، رغم اختلاف أفكار وادوار وشخصيات الرؤساء الأمريكيين أنفسهم إلا أن السؤال ” السيطرة أم القيادة”
هناك فرق بين أن تجعل العالم يجتمع من حولك ويتحالف معك وأنت تقوده بما يحقق المصالح العامة، وبين أن تضع قدميك على رؤوسهم وتفرض عليهم إرادتك ومصالحك.
ان الفعل المتزن هو أن القيادة لا تلغي الهيمنة والسيطرة يمكن أن تحقق بعضا من درجات القيادة.
والقيادة ليست حالة طارئة أو عطية أو هدية ولا هي تسلسل وظيفي أو منصب تشريفي يعطى لقاء عمل أو انجاز، ولا هي منصب يتوارثه الأنباء عن الآباء أو ارث.
إنها صيرورة متماسكة بين مستويات السطح والعمق والارتفاع.
لقد أصبح يتضح لنا أن السفينة واحدة والهدف مشترك والمصلحة تجمعنا والقيادة في هذا الوضع لم تعد تقتصر على زعيم واحد، أصبحنا نتحدث عن عالم الغد بمصالح مشتركة وامن قومي موحد داخل نظام جماعي وصحة عالمية تؤمن استمرارية الأعراق والتسلسل البشري.
أي الحفاظ على البقاء بزعامة دبلوماسية صحية موازية توحي ببداية نهاية القطبية الواحدة وتستدعي تدخل مختلف قنوات الفاعلين الدوليين والمحليين.. انه إنقاذ الكوكب والدعوة مفتوحة.
مملكتنا.م.ش.س