يعتني المغاربة بالفروسية عناية فائقة حيث أنها تشكل أحد فنون الحرب، وظاهرة احتفالية مستحسنة لدى القبائل المغربية، فبرع الفرسان المغاربة وتمرسوا على هذا الفن سواء تعلق الأمر بزمن الحرب أو زمن السلم حيث تصبح الفروسية ظاهرة تسلية ومتعة وفرجة.
بعروض من فنون “التبوريدة” الاستعراضية التقليدية، مساء الأربعاء، تواصل المهرجان الدولي للفروسية بالجديدة (وسط) المغربية، حيث تنافس الخيالة (الفرسان) في “سربات” (فرق خيالة) من مناطق مختلفة من المغرب في إظهار فنون الاستعراض بالخيول.
ويحاكي الخيالة بذلك معارك التحرير واحتفالات الانتصارات، ممتطين أجود الخيول، تكسوها سروج مزركشة ومطرزة، ومرتدين أزياء مغربية تقليدية، وهم يحملون بنادق محشوة بالبارود.
وشارك في هذا الاستعراض 18 “سربة”، كل واحدة منها مكونة من 15 خيالا (فارسا)، تمثل جهات المغرب ومناطقه المختلفة، تتمايز من حيث ألوان ملابس الفرسان، وسروج الخيول.
ويقود كل سربة قائد يسمى “العلام”، يتوسط بجواده أفراد السربة، ويتميز عنهم بلباس مختلف، كما يتمز جواده بسرج مختلف عن سروج خيول باقي الأعضاء، وتنسب السربة إلى قائدها “العلام”، أو إلى المنطقة التي تنتمي إليها.
مع إعطاء “قائد السربة” (العلام) إشارة البداية تنطلق الخيول المدربة في الركض دفعة واحدة، وينفرد الخيالة المتحدرون من مناطق أمازيغية بترديد أهازيج تعبر عن أمجاد فرقتهم وبطولات منطقتهم.
وأثناء الركض يقوم الخيالة بحركات استعراضية ببنادقهم، تختلف من سربة إلى أخرى، وحين الاقتراب من خط الوصول يستعد الخيالة لإطلاق البارود بشكل جماعي، فمعيار نجاح “حركة سرب الخيالة” هو سماع الجمهور لطلقات بارود الفرسان وكأنها طلقة واحدة.
وبينما تختار بعض “السربات” أن تطلق البارود في الهواء إلى الأعلى، تختار “سربات” أخرى أن تطلقه نحو الأرض، ومتى نجحت الفرقة في توقيع عرضها باستعراض يتناغم فيه أداء كل أعضاء الفرقة، تتعالى هتافات تشجيع الجمهور، الذي تابع أطوار هذا الاستعراض في مدرجات الحلبة التي احتضنته.
وتعد الفانتازيا أو “التبوريدة” (استعراضا يحاكي معارك التحرير واحتفالات الانتصار)، نموذجا للاحتفالات الجماعية التي تبرز قوة الفارس المتمرس الماهر، وترتبط بجملة من المواسم والمناسبات الدينية والاحتفالات الشعبية كالزواج والختان وغيرهما، حتى يتسنى للفرسان بخيولهم المنمقة وبنادقهم إطلاق العنان لمهاراتهم الإبداعية على صهوة جيادهم في جو احتفالي يملؤه دوي البارود في السماء إلى جانب “عبيدات الرمي” في شكل منظم تحت شروط العلام”، وسيرا مع هذه الحركات ترقص الخيول انسجاما مع نغمات «الغِيطة» وإيقاعات الطبول .
وقال أعراب داداوي، مهندس زراعي متخصص في الإنتاج الحيواني، ومسؤول عن قطاع “التبوريدة” بمعرض الفرس، إن “التبوريدة في الأصل طريقة للفرح، وهي الآن طريقة لرد الاعتبار للمجاهدين القدامى في الحروب، والتي كانت للحصان فيها مكانة مهمة”.
وأضاف أن “لفنون التبوريدة طرقا كثيرة تختلف من منطقة إلى أخرى، فمثلا في المناطق الصحراوية تكون طلقة البارود في اتجاه الأرض، لأن الأهالي هناك يعيشون على أراض رميلة، في حين تكون الطلقة في مناطق أخرى نحو السماء، كما يكمن الاختلاف في طريقة مسك البندقية، ولجام (عقال) الحصان، ونوعية السروج وجودتها، وغيرها من الميزات الدقيقة، لكنها كلها تندرج في مسمى التبوريدة”.
وافتتحت الدورة الثامنة للمهرجان الدولي للفرس بالجديدة (وسط) المغربية، وتتواصل إلى غاية 18 من الشهر الجاري، وتعرف هذه الدورة التي تنظم تحت شعار “الفرس، فنون ومهن”، تنظيم مسابقات ومباريات دولية ومحلية، بمشاركة متنافسين محترفين من المغرب وخارجه، وعروض استعراضية من فنون “التبوريدة”.
وتشهد الدورة تنظيم المباراة الدولية لجمال الخيول العربية، والتي قال المنظمون إنها تخضع لقوانين منظمة المؤتمر الأوروبي للحصان العربي، وتشارك فيها زهاء مئة من الخيول يملكها مربون ينتمون إلى عدة دول من أوروبا والشرق الأوسط.
كما تشهد تنظيم المباراة الدولية للقفز على الحواجز، والتي تضم 27 مباراة من فئة 3 نجوم، والتي تضم 9 مباريات تندرج ضمن قائمة “لونجين” الخاصة بالجامعة الدولية للفروسية من بينها 3 جوائز مؤهلة لكأس العالم.
هذا وتنظم البطولة الدولية للخيول البربرية تحت رعاية المنظمة العالمية للحصان البربري، ويشارك فيها حوالي ستين من الخيول المنتمية إلى بلدان شمال أفريقيا وبعض الدول الأوروبية.
يضاف إلى ذلك تنظيم محاضرات علمية في التاريخ والاقتصاد والفنون المرتبطة بالفرس، وعروض ترفيهية وتعليمية للأطفال والزوار.
ويشارك 92 عارضا في الدورة الثامنة للمهرجان الدولي للفرس بالجديدة، من المغرب بينهم مؤسسات عمومية مدنية وعسكرية وشركات خاصة.
ويحضر مشاركون من دول عربية وأوروبية بينها الإمارات والسعودية وسلطة عمان والجزائر وتونس، وفرنسا وبلجيكا وإيطاليا وهنغاريا ورومانيا. وحلت البرتغال ضيف شرف هذه الدورة من المهرجان .
مملكتنا.م.ش.س/عرب