التصوف بالمغـــــــــرب مكن من ترسيخ الهوية الدينية التي تضمن الأمن الداخلي والتسامح وحب الآخر
- التنوع الذي يشكل الوحدة، هو حالة اجتماعية ناضجة تعبر عن التجانس والتعايش بين مكونات الشعب الواحد مهما كانت مختلفة ومتباينة في ما بينها. ومن الممكن الوصول إلى هذه الحالة الراقية في الوجود البشري عبر تثبيت المشترك في الانتماء الوطني، وتثمين الاختلافات باعتبارها ثراء. وهذا ما ميز التجربة المجتمعية المغربية عبر تراثها الصوفي الذي لطالما ثمنه علماء المغرب ومسؤولوه.
في إطار الإشادة بالموروث الحضاري المغربي الذي يحض على الأمن والتعايش بين الجميع داخل الوطن الواحد، تسعى العديد من الندوات والملتقيات في المغرب إلى تثبيت وتثمين التراث الصوفي المغربي الذي حافظ منذ قرون على تعايش العديد من الطوائف والأديان داخل المملكة. فقد أكدت ثلة من العلماء المشاركين في ندوة نظمت بقصر المؤتمرات بمدينة العيون المغربية، أن التمسك بالمذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني يعد في المغرب نوعا من الحصن للحفاظ على الهوية الدينية المغربية.
وأضاف المشاركون في هذه الندوة، التي نظمتها جمعية الزاوية الدرقاوية الفاضلية في إطار الملتقى الدولي الثاني للزاوية تحت شعار “الزاوية الدرقاوية الفاضلية دعامة للثوابت الوطنية والدينية”، أن التصوف السني بالمغرب مكن من ترسيخ الهوية الدينية التي تضمن الأمن الداخلي والصفات النبيلة للسلوك القويم، والتسامح، وحب واحترام الآخر.
وأوضح المشاركون في هذه الندوة أن التصوف السني، الذي لعب دورا رياديا في ترسيخ التربية الروحية ونشر القيم الأصيلة والكونية للإسلام، يعد أحد ثوابت الأمة المغربية ومكونا هاما من مكوناتها، حيث انتظم إلى جانب العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والإمامة العظمى في تثبيت الوحدة الدينية والوطنية للمغرب والمغاربة.
وأبرز المشاركون أن التصوف السني، باعتباره منظومة من القيم الأخلاقية التي يكتنزها الدين الإسلامي الحنيف، يعتبر تجربة روحية تسمو بالأخلاق، مشيرين إلى أن المملكة المغربية تعتز بهذا الموروث الصوفي السني الكبير الذي عمل أهله في الماضي على رعايته وتعهده وترسيخ قيمه الهادية والبانية في مختلف ربوع البلاد.
التصــــوف بالمغـــــــــرب مكن من ترسيخ الهوية الدينية التي تضمن الأمن الداخلي والتسامح وحب الآخر
وأكد العلماء أن التصوف السني ضمن للمغرب أمنا روحيا وحضاريا لأن أهله تمسكوا بثوابت الأمة المغربية الدينية والوطنية اعتقادا وتطبيقا وتعليما ونشرا وتأليفا، فضلا عن تميز المغاربة بأن خصهم الله بالمشايخ الصالحين والعلماء العاملين الذين بصموا تاريخ المغرب بنشر الهدي الرباني المؤثر، وسلكوا سبل الوسطية والاعتدال والتسامح وحسن التعايش والتعاون ونفع الغير وغير ذلك من القيم النبيلة التي يحتاجها الإنسان المعاصر.
وخلص المتدخلون إلى أن القيم الروحية تشكل دعائم ضرورية لبناء مجتمعات متوازنة ومتضامنة ومسؤولة، مشيرين إلى أن النهوض بقيم المواطنة والتضامن والعمل من أجل الصالح العام هي قواسم مشتركة بين الطرق الصوفية وكافة المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني.
وقارب المشاركون في هذه الندوة، التي حضر جلستها الافتتاحية والي جهة العيون والساقية الحمراء، السيد يحضيه بوشعاب، عدة مواضيع انصبت حول “دور الأزهر الشريف في العلاقات الروحية بين مصر والمغرب” و“دور الفكر الصوفي في التربية على المواطنة” و“الارتباط الروحي بين المغرب العربي والسودان” و“آفاق التربية الروحية عند الزوايا الصوفية بالمغرب وجنوب الصحراء” و “معالم التربية السلوكية في التجربة الصوفية بالصحراء، الطريقة البصيرية نموذجا” و“تأصيل السلوك التربوي بالمجال الصحراوي، قراءة في نصوص من التراث المحلي” و“دور الزوايا في وحدة المجتمع السنغالي” و“التصوف السني: ثابت من ثوابت الهوية الدينية المغربية وضامن للوحدة الترابية”.
يشار إلى أن هذا الملتقى، الذي يهدف بالأساس إلى إبراز العمق الديني والتاريخي للزاوية الدرقاوية الفاضلية عرف مشاركة ثلة من العلماء من دول السودان ومصر والسنغال وموريتانيا إلى جانب شيوخ الزوايا بالمملكة .
مملكتنا.م.ش.س