جـــدل إستقــــلال القضاء يهيمن على المجتمع المغـــــــــــــربي
السلطات إتخذت العقوبات في حق القضاة، بعد دراسة ملفاتهم دراسة وافية، والاستماع إلى ما أبدوه من دفوعات رفقة مؤازريهم أثناء مرافعاتهم.
أثارت قضية المستشار السابق بالمحكمة الإدارية بالرباط، محمد الهيني، جدلا في الأوساط الإعلامية والحقوقية بالمغرب، حيث نظمت “هيئة دعم استقلالية القضاء”، وقفة تضامنية، الخميس بالرباط، احتجاجا على قرار عزل المستشار، وتوقيف أربعة قضاة آخرين، مطالبة باستقلالية القضاء المغربي.
وجاء قرار العزل الهيني، بعدما رفعت أربعة فرق برلمانية وهي فريق العدالة والتنمية، وفريق التقدم والاشتراكية، وفريق التجمع الوطني للأحرار وفريق الحركة الشعبية، شكاية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، على خلفية تدوينة فيسبوكية أبدى من خلالها القاضي المعزول رأيه في مشروعي القانونيين التنظيميين للسلطة القضائية اللذين كانا معروضين على مجلس النواب بغرفتيه للموافقة عليهما، واعتبرت الفرق البرلمانية الأربعة الأمر استفزازا للمؤسسة التشريعية.
وفي تصريحات لـ”العرب” قال محمد الهيني إن “قرار العزل له تداعيات سياسية على اعتبار أن الشكاية كانت من قبل رؤساء فرق الأغلبية البرلمانية ومن بينهم رئيس فريق حزب العدالة والتنمية عبدالله بوينو، ووزير العدل والحريات مصطفى الرميد الذي ينتمي لنفس الحزب، يعني أن الشكاية هي لفريق برلماني ولحزب سياسي وهو حزب العدالة والتنمية، وبالتالي فكيف لوزير العدل أن يبت في ملف يكون فيه الخصم والحكم”.
وأكد الهيني، على أن القرار هو قرار سياسي انتقامي، غير مرتبط بفساد مالي أو أخلاقي أو إداري، قائلا “هدا القرار جاء بسبب الأحكام التي أصدرتها ضد رئيس الحكومة في ملف تشغيل المعطلين، والأحكام التي أصدرتها في وزارة العدل وغير ذلك من الوزارات التي يديرونها، وهذا يمثل خرقا سافرا لأبسط شروط ومقومات المحاكمة العادلة”.
واعتبر القاضي المعزول، أن قرار عزله يعتبر إخلالا لمبادئ الدستور، مقتضى الدستور والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وبمبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية، وفيه ضرب لحريات التعبير ومحاولة لإخراس أصوات القضاة الذي يطالبون باستقلالية السلطة القضائية في إطار الثوابت والمؤسسات.
وتعليقا على قرار العزل، قال عادل بن حمزة وهو برلماني وناطق رسمي باسم حزب الاستقلال، إن قرار عزل القاضي محمد الهيني “سيبقى جرحا غائرا في تاريخ العدالة ببلادنا، كنا نأمل أن يتم تدبير مرحلة انتقالية في حياة القضاء المغربي، بالكثير من الهدوء وطول النفس”.
وأضاف بن حمزة في صفحته على فيسبوك، “كنا نأمل أن تبقى قرارات العزل مقترنة بممارسات الفساد التي يعرفها الجسد القضائي والتي تحط من سمعته، لا أن تشمل الرأي مهما كان حادا ومختلفا”.
هذا وبلغ عدد القضاة الذين مثلوا أمام المجلس الأعلى للقضاء بالمغرب، في إطار مساطر تأديبية، خمسة قضاة، وتراوحت المخالفات المنسوبة لهم ما بين “ارتكاب إخلالات بالواجبات المهنية باتخاذ موقف يكتسي صبغة سياسية، والإخلال بواجب التحفظ، وبين الإخلال بالشرف والوقار والكرامة”، ويعتبر القاضي الهيني القاضي الوحيد الذي شمله العزل.
وأكد بيان المجلس الأعلى للقضاء، على أن السلطات اتخذت العقوبات في حق القضاة، بعد دراسة ملفاتهم دراسة وافية، والاستماع إلى ما أبدوه من دفوعات رفقة مؤازريهم أثناء مرافعاتهم وبعد المداولات الجادة، وفق ما جاء في البيان.
ومن جهتها اعتبرت وزارة العدل والحريات، في بيانها، أن ما أقدم عليه القاضي يعد “إخلالا بالواجبات المهنية واتخاذ مواقف ذات صبغة سياسية والإخلال بواجب التحفظ”.
وحسب بيان وزارة العدل، أعطى العاهل المغربي الملك محمد السادس موافقته على الاقتراحات التي تقدم بها المجلس الأعلى للقضاء ومن بينها عزل القاضي الهيني.
مملكتنا.م.ش.س/عرب