تضامن عربي واسع مع المغــــــــرب في قمة ملابـــو
عكس انسحاب وفود دبلوماسية لدول عربية وأفريقية من أشغال القمة العربية الأفريقية الرابعة التي اختتمت أمس في ملابو بغينيا الاستوائية، تضامنا واسعا مع موقف المغرب الرافض لوجود وفد من جبهة البوليساريو في أي نشاط قاري.
وانسحبت من أشغال القمة ثماني دول هي المغرب والسعودية والإمارات والبحرين وقطر والأردن واليمن والصومال، وذلك بعد إصرار دول من داخل الاتحاد الأفريقي على مشاركة “جبهة البوليساريو”.
وأرجع رئيس الوفد المغربي ووزير شؤون الهجرة أنيس بيرو، قرار انسحابه من القمة العربية الأفريقية، إلى “تعمد القمة مشاركة الوفد الانفصالي”، مشيرا إلى أن “المغرب بذل جهودا كبيرة مع دول أفريقية لحل هذا الإشكال، إلا أن بعض الدول حالت دون ذلك”.
واحتج الوفد المغربي بشدة على حضور وفد “البوليساريو” في هذه الأشغال، ما أثار ضجة في الاجتماع، تم على إثرها تأجيل الاجتماع مساء الثلاثاء، وبعد فشل جهود التهدئة تم إقرار الانسحاب نهائيا من القمة.
وقال رئيس الوفد السعودي السفير أحمد بن عبدالعزيز قطان إن بلاده “تساند المغرب في انسحابها من القمة، وكل ما يمس سيادة الدولة المغربية ترفضه السعودية”.
وأكد وزير التغيير المناخي والبيئة الإماراتي، ثاني بن أحمد الزيودي، أن “بلاده تضم صوتها إلى جانب المغرب والسعودية في قرار الانسحاب من القمة”.
وقال مراقبون إن فرض حضور البوليساريو على قمة عربية أفريقية يعكس جهل الدول الداعمة للجبهة الانفصالية بعمق علاقات المغرب عربيا وأفريقيا. وقد يقود هذا الموقف إلى إرباك الشراكة العربية الأفريقية خاصة أن أغلب الدول المنسحبة ذات وزن اقتصادي ودبلوماسي.
وتساءل المراقبون كيف يفرض على أفريقيا أن ترتهن لموقف بعض الدول وتقبل بتهديد مصالحها.
واعتبر الشرقاوي الروداني الخبير المغربي في الدراسات الجيواستراتيجية، أن “الانسحاب يأتي في مرحلة تعرف عودة مرتقبة للمغرب إلى مؤسسات الاتحاد الأفريقي”.
وأكد الروداني في تصريح لـه، أن الدول الخليجية لها موقف واضح وموضوعي في ما يتعلق بالوحدة الترابية للدول العربية وخاصة وحدة الأراضي المغربية، وهو ترجمة فعلية للعلاقات الاستراتيجية بين المغرب ودول الخليج.
ويرتبط المغرب مع دول الخليج بعلاقات وثيقة وسبق أن أيدت انضمام الرباط إلى عضوية مجلس التعاون صحبة الأردن.
واعتبر صبري الحو، الخبير بنزاع الصحراء، في تصريح لـ”العرب”، أن الانسحابات التي وقعت في ملابو إعلان لبداية معركة ستكون شرسة مع بعض البلدان التي استحوذت على الاتحاد الأفريقي، مشيرا إلى أن حضور بوليساريو للقمة العربية الأفريقية هو محاولة لتفويت الفرصة أمام حضور المغرب في القمة المقبلة بأديس أبابا كعضو.
ويؤكد خبراء في السياسات الأمنية، لـ”العرب”، أن تأثير هذا الانسحاب سيكون ما بعده في إعطاء الحجم الحقيقي للمغرب كدولة محورية في معادلات الاقتصاد، وتسوية النزاعات، ومواجهة التحديات الأمنية والإرهابية.
وقالت عضو الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا نزهة الوافي، في اتصال مع “العرب” إن “قرار انسحاب المغرب إلى جانب مجموعة من الدول يؤشر على إفشال كل مخططات الجبهة التي تحاول أن تتسلل بمساعدة أعداء المغرب إلى القمم الرسمية. وإن هذا في الحقيقة نجاح للدبلوماسية المغربية في تحجيم تأثير خصوم الرباط”.
وحمل التضامن العربي مع المغرب أكثر من دلالة لعل أبرزها بداية تبلور موقف جماعي في القضايا الإقليمية، برز أكثر وضوحا بعد إنشاء التحالف العربي لإعادة الاستقرار إلى اليمن، وهذا ثاني تبلور له.
وجاء الموقف العربي الجماعي في قمة ملابو رسالة إلى الدول الأفريقية بأن الشراكة الاقتصادية تتطلب شراكة سياسية، وهو ما سيؤثر على حسابات الكثير من الدول الأفريقية التي تستفيد من مشاريع عربية مختلفة سواء خليجية أو مغربية.
وقاد التعاون الاقتصادي المغربي مع دول أفريقية إلى تغيير جلي في موقفها من البوليساريو، فضلا عن مجاهرتها بدعم عودة المغرب إلى عضوية الاتحاد الأفريقي.
ويرى نوفل البوعمري، الخبير في ملف الصحراء، في تصريح لـه أن انعقاد القمة تزامن مع زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس لأفريقيا وتزايد حجم التأييد لعودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، وهو ما يحرج خصوم الرباط التي نجحت في اقتحام دول كانت تعتبر قلاعا للبوليساريو.
مملكتنا.م.ش.س/عرب