عيد العـــــرش الركيزة الأولى والدعامة القوية للعلاقة بين الراعــي ورعيتـــه
تَحل اليــوم ذكرى عيد العرش المجيد، عيد تربع جلالة الملك محمد السادس نصره الله على عرش أسلافه المكرمين، حيث أن جلالته أعلن ملكا رسميا على المغرب في 30 يوليوز 1999، ليصبح الملك السادس والعشرين في الأسرة العلوية الفيلالية التي تحكم المغرب منذ سنة 1666.
وما المشاريع العملاقة الإصلاحية والتنموية التي تمخضت عن مبادرات ملكية سامية، إلا تجسيدا لانخراط جلالته إلى جانب شعبه الوفي، في مشاريع التنمية الشاملة، وبناء الوطن في إطار الجهوية الرصينة والديمقراطية الحقة، التي ترعى حقوق الفرد والجماعة وتصون مكتسبات الوطن وثوابته وحدوده التاريخية.
عيد العرش المجيد مناسبة لتمجيد منجزات العرش في مختلف جهات المملكة ومناسبة أيضا للتعبير عن رضا الشعب قاطبة عن سياسة جلالة الملك الرشيدة وعن تفاؤل الشعب بالمستقبل، رغم المعيقات التي لا تزال ترتسم على طريق النمو، وعن ثقة الشعب في مبادرات جلالة الملك وجهود جلالته من أجل إحداث تغييرات جذرية وإصلاحات عميقة جوهرية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي والدبلوماسي في إطار المشروع الحداثي الذي تبناه جلالته والذي دعمه دستور 2011 الذي أسس لبناء دولة عصرية ، حديثة وديمقراطية، وركز على الهويات الثقافية للشعب المغربي وعلى طموح المغرب لمواكبة التغييرات الكبرى التي يشهدها العالم.
الشعب المغربي على يقين تام بأن لجلالة الملك محمد السادس الفضل، كل الفضل، في كل مبادرة تروم بناء المغرب الجديد وفي كل مشروع يهدف إلى تحقيق نمو وتطور البلاد، وهو لا يتأخر في الإعراب عن حبه وإعجابه بمليكه، هذا الإعجاب الكبير الذي يقابله إعجاب العالم بذكاء ملك المغرب ودهائه وحكمته في تعامله مع القضايا المقلقة التي يشهدها العالم في شتى نواحي المعمور، تعاملا ينطلق من اقتناع جلالته بحتمية العمل الجماعي من أجل السلام والوفاق عبر الحوار دائما ووفق مبدأ التفاهم و التعايش السلمي والتعاون بين الأمم والشعوب لخير الإنسانية جمعاء.
ومن أجل هذه الغاية، انخرط جلالة الملك في تنفيذ سياسة اقتصادية واجتماعية في القارة الإفريقية من منطق التعاون الطبيعي بين دول الجنوب، الصاعدة أو السائرة على طريق النمو، وسخر لتلك الغاية إمكانيات المغرب الهائلة وتجاربه الواسعة التي راكمها عبر مخططاته التنموية منذ الاستقلال، وفاء منه لالتزامات جلالته من أجل مستقبل إفريقيا التي ترسخت فيها جذور المغرب الذي صار همزة وصل بين إفريقيا وأوروبا وباقي قارات العالم.
وبهذا يكون المغرب قد أضاف الفعل إلى القول، واضعا كل إمكاناته وتجاربه في خدمة إفريقيا وشعوبها الناهضة، في إطار الدبلوماسية الملكية الناجحة التي أرست قواعد جديدة للتعامل بين الدول الإفريقية وقربت المواقف المتباعدة وعجلت بخلق مفهوم جديد للتعاون جنوب ـ جنوب. ومعلوم أن إصرار الشعب المغربي على الاحتفال بعيد العرش نابع من شعوره الوطني بأن العرش هو المأتمن على استقلال المغرب ووحدة ترابه وأمل الشعب في الحرية والإنعتاق من ربقة الاستعمار.
ولم يختلف حماس الشعب المغربي في الجنوب عن حماسه في الشمال، وهي المنطقة التي كانت خاضعة للحماية الإسبانية، حيث بادرت الحركة الوطنية وهي في بداية نشأتها، إلى إعلان مظاهر الفرح في تطوان وطنجة، ورفع الرايات وصور جلالة السلطان، وإقامة تجمعات خطابية تمجد الوحدة الوطنية وتجدد الولاء للعلاش العلوي المجيد وفي هذا الصدد نشر الوطني الغيور المجاهد المرحوم محمد العربي الشاوش وهو من أعلام الوطنية والعلم والأدب والشعر بتطوان، مقالة بمجلة دعوة الحق ، عدد 234، ( 1989) استعرض فيها مظاهر الاحتفالات الشعبية بعيد العرش : “رغم امتعاض الإدارة الاسبانية من هذا الواقع الذي، لم تستسغه من جهة باعتبار منطقة حمايتها في الشمال منفصلة سياسيا وإداريا عن المنطقة الجنوبية الواقعة تحت الحماية الفرنسية ، ومن جهة أخرى لم تتجرأ على منع مظاهر الأفراح الشعبية اتقاء لأي حدث لا طاقة لها لمواجهته بعد أن ذاقت الأمرين من المقاومة الشمالية المسلحة العنيفة”.
ويضيف أن : «الحركة الوطنية رفعت، بالمناسبة، برقية إلى جلالة السلطان يوم 18 نونبر 1934، تضمنت تهنئة الحركة الوطنية بشمال المغرب لجلالته ولسمو ولي عهده “أمير الأطلس” مولاي الحسن، مع الدعاء لجلالته بطول العمر وكامل السعادة. وقد وقع على هذه البرقية كل من الزعيم عبد الخالق الطريس والتهامي الوزاني و عبد السلام بن جلون و محمد افيلال و الحسين ابن عبد الوهاب و محمد داود».
كما أصدرت جريدة الحياة التطوانية التي أنشأها الأستاذ عبد الخالق الطريس عددا خاصا بعيد العرش يوم 18 نونبر 1934، تضمن العديد من المقالات الوطنية لرجال الحركة الوطنية بالشمال، تمجد التفاف الشعب المغربي قاطبة حول العرش العلوي المجيد وتدعو إلى مزيد من اليقظة في مواجهة الاستعمار الفرنسي والإسباني تمهيدا لمعركة الاستقلال الوشيكة.