” ثقافة الوهم ” حكايات مأثورة جعلت المرأة تتحول إلى معتقد و تركيب صورة نمطية ثابتة عليها
بقلم جليلة بنونة
يا سادة و سيدات المجتمع، يا من تقلدن مناصب عليا في المجتمع، يا ربات البيوت الشريفات العفيفات.
الشيخ النفزاوي يخاطبكم بخطاب يتنافى مع الطبيعة التي استودعها الله جل جلاله في الإنسان, سواء كان ذكر أم أنثى, وهي ثنائية “العقل والشهية”.
هذه الثنائية المزدوجة هي التي تفصلنا عن عالم الحيوان “شهية بدون عقل” وعن عالم الملائكة “عقل بدون شهية”.
فشيخنا المحترم يصنفكن صنف البهيمية مع الحيوان، اي شهية بدون عقل، لهذا نفتح هذه النافذة لتسمعن ماذا يقول فيكن هذا الشيخ العارف بالله.
الشيخ النفزاوي في كتابه “الروض العاطر في نزهة الخاطر”.
اسلوب هذا الكتاب، اسلوب ذكوري بامتياز، وموجه للرجال، و للحق الذكور لا الرجال، ويعتبر شيخنا العارف بالله كتابه منتوج علمي، “لا يهزأ به إلا كل جاهل أحمق قليل الدراية “، بالفعل مادامت المرأة كيان قليل الدراية في نظر شيخنا، لم اتطفل على قراءة هذا الكتاب، ولم اعرف أصلا هذا الكتاب إلا عن طريق كتاب” ثقافة الوهم “.
سنفتح هذه النافذة حول لغة الحكي أو الكتابة عبر حكايات مأثورة جعلت المرأة تتحول إلى معتقد وتركيب صورة نمطية ثابتة عليها، وهذا ما نسميه: “بالجبروت الرمزي”، الذي تتأسس عليه ثقافة الوهم وتصنع انساقا خاصة لدى مستهلكي هذه الثقافة.
أولا أتقدم بالشكر لصاحب هذا الكتاب “ثقافة الوهم “الذي كسر هذه الثقافة التي توهم الناس خاصة الرجال عن تصورات خاطئة عن المرأة، التي انغرست في ذهنهم حتى تحولت إلى صورة نمطية ومعتقد ثابت عن هذا الكيان الانثوي، رغم سعيها إلى تأسيس “ميثاق انثوي” يحمي وجودها من تسلط الثقافة الذكورية.
مع الأسف سعيها كسر بميثاق مضاد إسمه “الميثاق الجسدي” وهو عبارة عن توصيف جغرافي للجسد الانثوي، إنه أيها السادة المحترمين “كتاب الروض العاطر في نزهة الخاطر” لشيخنا العارف بالله النفزاوي ،الذي يشير إلى ثقافة عريقة وهي ثقافة الرجل عن الجسد الانثوي التي أصبحت متأصلة ومتجدرة في العقل الكوري، والغريب في الأمر أن هناك كتب أخرى مشابهة، كلها تبحث في طبوغرافيا وجغرافية هذا الجسد الانثوي كأن المرأة جسد بلا روح وبلا عقل.
وفي مقدمتها شيخنا الفاضل النفزاوي الذي يكشف عن الثقة التامة بالنفس وبلغة التأكيد ان كتابه مادة علمية صحيحة خاصة عندما قال “الروض العاطر” لا يهزأ به إلا كل جاهل أحمق قليل الدراية، بمعنى هو كتاب موضوع للعالم وليس للجاهل، وللعاقل الذكي وليس للاحمق، ولعظيم الدراية وليس لقليلها ،فعلا يتضح من هذا أن شيخنا النفزاوي واثق من نفسه لأن منتوجه علمي ونافع للرجال، فعلا انها ثقافة الخيال والوهم التي تتسرب إلى عقولنا ووجداننا دون أن نسأل أو نشعر، إنها صفات الثقافة الآحادية التي تحتقر ما عداها و تستغل وتستحود العقل الذكوري بأن صورة المرأة هى صورة حقيقية كما صنفها شيخنا النفزاوي، ويجب على عامة الناس أن يؤمنوا بها، بأنها حقيقة،ويركنون إلى صدقها حتى لا يكونوا من الجهلة والحمقى وقليلي الدراية، بمعنى هذا الكتاب يسلب من القارئ درايته ليحل محلها دراية أرقى وهي دراية العالم الذكي مثل شيخنا العارف بالله، وكلام شيخنا النفزاوي لا يختلف عن الموروث الشعبي المتداول بين الرجال في مجالسهم الخاصة عن النساء وطبائعهم وصفاتهم وألغاز الجسد المؤنث التي تعتبر بالنسبة لهم عملية استلاب ذهني، كأنهم في سوق للنساء يجري التداول حول جسد هذه المخلوقة التي تعتبر مثل بضاعة يتداول الناس على جسدها.
فعلا تنزه خاطر شيخنا النفزاوي في جسدنا ياسيدات المجتمع نزهات حرة وأباح لنفسه التصرف في صورة الانوثة وفي جسدها، وجعل الذات المفكرة هي التي تحدد صورة المرأة في ذهن الرجل، ونصب شيخنا نفسه هو و العالم بأسرار المرأة وجسدها وان علمه لا يعلمه إلا هو، وهو الذي عنده مفتاح الجسد وأسراره، وما عليكم انتم يا معشر القراء إلا القبول والرضا بما يقوله خبير الجسد حتى لا تكونو من الجهلة والحمقى وقليلي الدراية.
وخير ما نختم به هو أفضل تشبيه من خاتم الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، “رفقا بالقوارير” تصور النبي صلى الله عليه وسلم معاكس لما سرده شيخنا العارف بالله ، هو تصور جمال الروح وجمال الإنسانية “رفقا بالقوارير” تختزل كل شئ، اللين واللطف والجمال والتألق والحفاظ على المرأة ومعاملتها بكل رفق وعدم الغدر بها، وعنه صلى الله عليه وسلم” إنما النساء شقائق الرجال ما اكرمهن إلا كريم وما اهانهن إلا لئيم” ، اياكم واحتقار المرأة واهانتها.
وعلى قول حافظ ابراهيم” الأم مدرسة اذا اعددتها أعددت شعبا طيب الاعراق، فهي اساس تكوين المجتمع وتطوره، لقد تقلدت وظائف متنوعة في المجتمع وصولا إلى مناصب سياسية التي جعلت منها خير سند للرجل في صنع القرار، تحياتي لكن أيتها البطلات وكل العام والمرأة في تألق وازدهار