القنيطرة – تم بالقنيطرة، تسليط الضوء على نشأة قضية الصحراء المغربية، وذلك خلال جلسة نقاش نظمت في إطار الدورة الثانية للندوة الإعلامية حول القضية الوطنية، بالكلية الملكية للدراسات العسكرية العليا.
وأجمع الخبراء المشاركون في هذه الجلسة، المخصصة لتقديم عدد من الأعمال التي تتناول قضية الصحراء المغربية، على التأكيد على أن التنافس الاستعماري الأوروبي أثر، بشكل عميق، على النظام الإقليمي وأفرز توترات واضطرابات أدت، كما أريد لها، إلى إعادة تشكيل حدود المنطقة، وتركت ندوبا في التاريخ المعاصر.
وفي معرض حديثه عن مؤلفه “قضية الصحراء: أصول صناعة استعمارية 1884-1975″، قدم الأستاذ الباحث بمعهد الدراسات الإفريقية بجامعة محمد الخامس بالرباط، رحال بوبريك، لمحة حول الفترة الاستعمارية، لاسيما الإرهاصات الأولى لاختلاق هذا النزاع المفتعل.
وأشار إلى أن الحدود التي رسمها المستعمرون لم تكن تتطابق مع الواقع السوسيو-أنثروبولوجي والسياسي للمنطقة، مضيفا أن فصل المغرب عن امتداده الصحراوي تسبب في اجتزاء أراضي كانت تاريخيا مغربية، لاسيما الصحراء المغربية، حيث أحدثت إسبانيا أربع إدارات مختلفة.
واعتبر أن هذا الواقع جعل عملية استرجاع الأراضي المغربية معقدة، حيث وجدت المملكة نفسها تتفاوض مع كل إدارة من هذه الإدارات على حدة، بهدف إعادتها إلى كنف الوطن.
من جهته، أكد المؤرخ الجيلالي العدناني، مؤلف كتاب “الصحراء في محك الاستعمار: نظرة جديدة على القضايا الترابية”، على أهمية الأرشيف الذي يثبت مغربية الصحراء.
وشدد السيد العدناني، الذي يتناول مؤلفه قضية الصحراء المغربية استنادا إلى أبحاث جغرافية وخرائطية، على أهمية الأرشيف والمحفوظات في فهم المسار التاريخي، من الاستعمار إلى استرجاع الأقاليم الجنوبية.
وتقدم هذه الأرشيفات، التي استغلها المؤلف بعناية، شهادات ومراسلات تاريخية من مجموعة من الفاعلين السياسيين الأجانب، التي تشهد على الروابط التاريخية التي طالما وحدت القبائل الصحراوية وسلاطين وملوك المغرب عبر الزمن.
من جانبه، ذكر المؤرخ، برنار لوجان، الذي تطرق في مؤلفه “تاريخ المغرب: من النشأة إلى الزمن الراهن” للبعد الأطلسي للمملكة، بالتقاليد البحرية المهمة للمغرب وأسطوله، والذي سيتعزز اليوم عبر إنجاز مشروع خط أنبوب الغاز المغرب-نيجيريا على طول ساحل المحيط الأطلسي.
وقال إن هذا المشروع، الذي سيشمل جزءا مهما من غرب إفريقيا، يروم جذب كل إنتاج المحروقات للبلدان غير الساحلية بالمنطقة، بهدف دمجه ونقله انطلاقا من الصحراء المغربية نحو طنجة.
وأشار السيد لوجان إلى أن تعزيز التنمية الاقتصادية للمملكة سيكون مدفوعا بهذا المشروع الطموح، وذلك بفضل الواجهة الأطلسية الممتدة من طنجة إلى الحدود مع موريتانيا، والتي توفر انفتاحا كاملا على المحيط.
وفي نفس السياق، أبرز أستاذ الجغرافيا السياسية الفرنسي، إيمريك شوبراد، مؤلف كتاب “جيوسياسية ملك”، التوجه الثابت للدبلوماسية المغربية في حل هذا النزاع المصطنع في إطار الهيئات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة.
وأكد أن المملكة، من خلال الثبات على هذا التوجه، حققت نجاحات دبلوماسية واضحة، تمثلت في انخراط ودعم العديد من الدول للمبادرة المغربية للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية.
وأبرز أن العديد من الدول اعترفت بمغربية للصحراء، وقامت بتغييرات إيجابية لصالح الطرح المغربي، بفضل الجهود الدبلوماسية الحثيثة.
وقال إن المملكة أثبتت في السنوات الأخيرة شرعية قضيتها الوطنية عبر إجراءات ملموسة على أرض الواقع، ونتائج اقتصادية إيجابية في مختلف المجالات.
ويجمع هذا الحدث المنظم، على مدى يومين، تحت عنوان “الصحراء المغربية: الأسس التاريخية وديناميات التنمية” أساتذة بارزين وشخصيات مرموقة على المستوى الدولي، في إطار أنشطة بحثية ودراسات منظمة لفائدة ضباط القوات المسلحة الملكية والضباط المتدربين بالكلية.
مملكتنا.م.ش.س/و.م.ع