الرباط ــ كلّما اقترب عيد الأضحى عادت “هواجس” كثيرة لتشغل بال قاطني السكن العمودي في المغرب، الذي فرضَ خلال العقود الأخيرة علاقات اجتماعية جديدة “لا قبل للمغاربة بها”، حسب توصيف “سوسيولوجيين”، تبدو بعض تجلياتها بوضوح خلال صبيحة “العيد الكبير”، حين تدقّ “ساعة النّحر”، فتصحبُها “مشاكل تقنيّة كثيرة تتّخذ منحى اجتماعيّا”، عنوانها الأساس: نقص المذابح العموميّة خلال العديد في “مدن الإسمنت العالية”.
ولم تعد هذه “المشاكل” خافيةً، بحكم الفورة التي جرت في التصريح بها وفي استنكارها من طرف ساكني العديد من العمارات، على الرغم من كون مدن مغربية وضعت مذابحها رهن إشارة الساكنة، على غرار العاصمة الاقتصادية، بيد أن العملية ظلّت مشروطة بحدود الطّاقة الاستيعابية، وهو ما أطلق دعوات لخلق “مذابح للقرب، تكون عملية في عيد الأضحى، وصحية لتنقل أقرب للحوم في بقية شهور السنة”.
إرادة سياسية
بوجمعة موجي، الكاتب العام لجمعية حماية المستهلك بالدار البيضاء، قال إن نقص المذابح صار مشكلة حقيقية يواجهها العديد من المغاربة القاطنين في العمارات التي لا تتوفر على فضاءات مخصصة لنحر الأضحيّة وسلخها، معتبراً أن الوضع جعل العديد من البنايات السّكنية تعرفُ اختلالات جمّة من حيث النظافة صبيحة العيد، هذا فضلاً عن غياب إسطبلات لإيواء الأضاحي حتى صبيحة العيد، لأن العمارات غير مجهزة لذلك.
ووضّح موجي، في تصريح لهسبريس، أن “الأمر يحتاج لإرادة سياسيّة لتخفيف العبء على المواطنين؛ فالعديد من العائلات بدأت تقاطع لْعيدْ لكبيرْ تجنّباً لكلّ الفوضى التي يعرفها من انتشار الدماء والمخلفات في أبواب مساكنها أو في جنباتها وصعوبة توصيل الماء إلى السطح”، مسجلاً أن عمارات بُنيت حديثاً صارت تأخذ بعين الاعتبار أن هناك عائلات متمسّكة بشعيرة الأضحى تحتاج إلى قطعة من البناية مخصّصة للذبح ومجهزة بآليات لتعليق الأضحية.
ودعا المتحدث إلى تحديد دفاتر تحملات جديدة تخص المنعشين العقاريين تحتم أخذ هذه المشكلة بعين الاعتبار وتخصيص أماكن لهذه الغاية، لاسيما وأن ثقافة الذبح في المجازر العمومية لا تحظى بالكثير من القبول لدى فئات واسعة من المغاربة، موضحاً أن “الأمر يحتاج إلى حل على المدى القصير والمتوسط، غير أنه كما قلتُ يتطلب إرادة سياسية حقيقية لا تتعامل مع عيد الأضحى كيوم عابر، لأنها مشكلة سنوية، وتلك المذابح يمكن استثمارها طيلة السنة أيضا”.
ابتكار حلول
عبد الكريم الشافعي، نائب رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك بالمغرب رئيس الفيدرالية الجهوية لحقوق المستهلك بجهة سوس-ماسة، قال إن نسبة كبيرة من العمارات تشهد تصدعات كثيرة خلال عيد الأضحى نظرا لكونها غير مجهزة بما يكفي من الآليات التي تتيحُ ذبح الأضحية وفق المعايير والشّروط الصحية المنصوص عليها من طرف الهيئات المختصة، مسجلاً أن العديد من العمارات ابتكرت حلولاً وخصّصت مساحات لهذه الغاية بالتوافق بين ساكنتها، كما حدث مثلا في أكادير.
ولفت الشافعي، في تصريح لهسبريس، إلى أن “المدن المغربيّة مازالت تحتاجُ إلى مذابح عموميّة عصرية أولاً، تحترم كافّة متطلبات السلامة، لكوننا قمنا بزيارات ميدانية للعديد منها ونبهنا إلى اختلالات كثيرة”، مشددا على أن الوقت قد حان لتتجه الدولة إلى خلق مذابح للقرب في الأحياء السكنية حسب القدرة الاستيعابية لكل حي سكني، ولن يكون ذلك مخصصا حصرا لعيد الأضحى فقط، بل أيضا للذبح طيلة السنة وتوصيل اللحوم إلى الحي السكني بلا تعقيدات كثيرة، لاسيما وأن التوزيع حين يكون عبر مسافات طويلة يكون خطيرا، وجملة من الشاحنات التي تقوم بهذا الدور لا تتوفر على مبردات.
واستنكر المتحدث “المشاكل التي يعيشها سكان الإقامات السكنية الذين لم يجدوا عماراتهم مجهزة بما يكفي للغرض، وقد لاحظنا أن كل قاطن بشقة يذبح في فضاء معين، إما في مدخل العمارة أو في السطح أو في البهو أو في المساحات المفتوحة إذا كانت الإقامة مسيّجة”، خاتما بالتذكير بـ”ضرورة التّفكير بجدية في حلّ هذه الإشكالات التي تخلق حزازات كثيرة بسبب ترك الجلود في فضاء ما يتضرر منها ساكن آخر؛ ولهذا حبذا لو كانت مذابح تحل كل هذه المشاكل الطارئة”.
مملكتنا.م.ش.س