الرباط ــ هل يستفيد فعلا سكان العالم القروي من 14 مليار درهم التي تمثل رقم معاملات عيد الأضحى المبارك؟ سؤال بات يطرح بقوة بعد الغلاء الكبير الذي عرفته أسعار الأضاحي هذه السنة، وتباين المواقف بخصوصه بين مؤيد ومشكك.
وتأتي هذه التساؤلات استنادا إلى تصريحات وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، التي أكد فيها أن عيد الأضحى يظل موعدا سنويا مجتمعيا ومهما لمربي الماشية يتم فيه تحويل 14 مليار درهم إلى العالم القروي، وهو الرقم الذي اعتبره البعض ضخما ولا ينعكس على البوادي المغربية.
في قراءته للموضوع، يرى إدريس الفينة، الخبير الاقتصادي، أن رقم المعاملات الذي يحققه عيد الأضحى، والمتمثل في 14 مليار درهم، “يبقى رقما مهما ويمكن أن يكون أكثر، وقد يصل إلى 20 مليار درهم”، مبرزا أن “جزءا كبيرا منه يؤول إلى البادية والفلاح و’الكساب’، باعتباره صاحب المنتج الأساسي في هذه المناسبة”.
واستدرك الفينة ضمن تصريح لهسبريس: “‘الكساب’ يستفيد من جزء من الأرباح وليس من رقم المعاملات كله”، مبرزا أنه “يستفيد من جزء من الأرباح قد يتراوح بين 5 و10 بالمائة، وحتى الفلاح يستفيد من الحصة نفسها أو أكثر”.
وسجل الخبير الاقتصادي ذاته أنه “بعد مناسبة عيد الأضحى ينظم الفلاحون الحفلات ويشترون مقتنيات يحتاجونها طيلة العام، مع إصلاح المنزل أو تجديد القطيع”، معتبرا أن مداخيل العيد تساهم في تحسين حياة سكان البادية.
أما بخصوص الوسطاء ونصيبهم من العملية فأكد الفينة أنهم يحصلون على حصة من الأرباح “ليست كبيرة، يمكن أن تصل إلى 2 أو 3 ملايير درهم”، مشددا على أن “دورهم يبقى مهما في العملية لأن الفلاح عادة ما يبيع منتجه في محله، والوسيط هو الذي يبحث عنه في الوسط القروي ويوصله إلى سكان المدينة”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “عددا من الفلاحين أصبحوا يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي لعرض منتجهم، ويأتيهم المواطن لاقتناء الأضاحي من المكان، إلا أن هذه العملية تبقى محدودة في المغرب”، مشيرا إلى أنها “بعد فترات ستصبح أكثر انتشارا وتصب في مصلحة المواطن الذي سيقصد الفلاح مباشرة، ما سيؤدي إلى اندثار الوسيط شيئا فشيئا مع تطور وسائل التواصل الإلكتروني بشكل عام”.
من جهته اعتبر إدريس العيساوي، الباحث والمحلل الاقتصادي، أن “سكان القرى المغربية لا يستفيدون كثيرا من الأموال الرائجة في العيد”، والحديث هنا عن 14 مليار درهم كمداخيل لبيع الأضاحي، مؤكدا أن “الوسيط هو المستفيد الأكبر من العملية”.
وسجل العيساوي أن “الوسائط” في النظريات الاقتصادية “لا تعني الهوامش السلبية، بل لها دور في الدورة الاقتصادية”، وزاد: “هؤلاء لما يكثر عددهم تكثر آلياتهم”، مؤكدا أن “الأهم في بيع وشراء الأضاحي اعتبارها صندوق تخزين للمال بالنسبة للعاملين في القطاع الفلاحي بالمغرب”.
وأضاف المحلل الاقتصادي ذاته، ضمن تصريح لهسبريس، أن هناك تغييرا كبيرا على مستوى إعداد الأضاحي، ما اضطر إلى استيراد عدد كبير من الأضاحي من الخارج، “وهذا ما جعل الأثمان ترتفع بشكل ملحوظ جدا”.
وأفاد العيساوي بأن “المغاربة اشتروا الأضاحي بالأثمان التي طرحت عليهم”، وأضاف: “عدد كبير من المستوردين الذين يتوفرون على الأموال الضرورية استطاعوا أن يؤدوا ثمن هذه الأضاحي، وحققوا من ورائها أرباحا مهمة جدا”، معتبرا أن “ذلك يدخل في إطار تغيير الشكل الذي كان معروفا في المجال الزراعي بالمغرب”.
مملكتنا.م.ش.س/وكالات