الثلاثاء 1 أغسطس 2023 - 19:56

حين بلغ الحسن الثاني رحمه الله عامه الستين، كان المغرب قد امتلك زمام الأمور في الصحراء، متجها نحو انشغالات أخرى سياسية واقتصادية واجتماعية. وبعد 28 سنة من الحكم، ضمن الملك استقرارا نهائيا للبلد، ومضى يستكمل ما عطّله أعداؤنا في الشرق والغرب.

وحفل عامه الستون بمجموعة من الأحداث، منها استقباله عناصر من البوليساريو الذين لم تفوض لهم الجزائر الحق في اتخاذ القرار، وانعقاد القمة العربية الطارئة عندنا، حيث تم تأسيس لجنة القدس، وظهر بعض اللين على الرئيس الجزائري الشادلي بنجديد. كما زار الملك فرنسا في ضيافة فرانسوا ميتران الذي كان يخفي ميله للطرح الجزائري.

وفي الندوة الصحافية المشتركة، أصر الحسن الثاني على الحديث باللغة العربية فاضطر ميتران إلى استعمال سماعة الترجمة، وكان في ذلك رسالة إلى من يهمهم الأمر. لكن المعارضة كانت لا تزال تخلق مشاكل للقصر، وهو ما سيفجر إضرابات 1990 التي عرفت عنفا مشابها لأحداث 65 و81 و84.

بعد 28 سنة من الحكم، كانت البنيات التحتية لم تعرف تطورا كبيرا، لم ينجز آنذاك من الطرق السيارة سوى ما بين الرباط والدار البيضاء، وكان عدد الطرق السريعة لا يزال محتشما، وكذلك إنجازات السكك الحديدية، وهذا يبين أن حرب الصحراء والمعارضة الشديدة وضعتا الكثير من العصي في عجلات المغرب، والملك في عامه الستين.

بعد أيام، سيبلغ محمد السادس عامه الستين، وهو يحكم البلاد منذ 24 سنة، وقد حقق المغرب مكاسب سياسية كبيرة على الصعيد الوطني والدولي، أهمها استفتاء 2011 الذي أعطى لرئيس الحكومة صلاحيات جديدة، كما اعترف بالأمازيغية لغة رسمية للبلاد بعد العربية، كما أن المرأة المغربية احتلت مقاعد أكثر في البرلمان ولو بإقرار النسبية.

وتم إقبار الاستفتاء في الصحراء إلى الأبد وتحويل جل أعدائنا السابقين إلى أصدقاء، خاصة إسبانيا، المستعمر السابق للصحراء. ونجح المجهود الدبلوماسي بشكل بارز في مسح كل نجاحات الأعداء. لكن إنجازات محمد السادس على مستوى البنيات التحتية والاستثمارات في عمق إفريقيا والعلاقات الاقتصادية مع أقطاب العالم، هي التي تلفت الانتباه أكثر وتميزه عن الملوك السابقين.

أنجز محمد السادس 80% من الطرق السيارة والسريعة، وهو الآن بصدد مد القطار فائق السرعة بين طنجة وأغادير، وحتى في مجال بناء السدود حقق ما يقارب 9 مليارات متر مكعب (قيمة السدود بحقينتها لا بعددها)، كما أنه قريب من تحقيق استقلالية طاقية تتجاوز 52% بفضل الطاقات المتجددة.

أما الموانئ فإن طنجة المتوسط والناضور والداخلة ستجعل البلاد أهم حتى من بعض الدول الأوروبية. وفي الميدان الصناعي أصبح المغرب في عهده قاعدة دولية لتصنيع السيارات والطائرات مع قطع غيارها، وقد ظهر من حجم الاستثمارات القادمة أن هناك تحولا هائلا سيدفع المغرب إلى احتلال مراكز أولى في إفريقيا، شمالها وجنوبها، وفي الشرق الأوسط وفي البحر البيض المتوسط.

وأخيرا أقول: إنه لن يكون هناك ملوك مغاربة كثيرون يصل الفريق الوطني لكرة القدم في عهدهم إلى نصف نهاية كأس العالم لكرة القدم.

لا أستطيع أن أحيط بكل إنجازاته الكثيرة، لكن الذي يبدو للعيان أن بإمكان محمد السادس أن يطمئن إلى أن ما حققه في 24 عاما لم يحققه المغرب في 43 سنة من الاستقلال.

Loading

مقالات ذات صلة

الجمعة 28 يونيو 2024 - 21:09

من هم أعداء المرأة المغربية ؟

الخميس 25 يناير 2024 - 11:50

“الصواب” البارد

السبت 24 سبتمبر 2022 - 13:11