Advertisement
Advertisement

محللون .. قرار “أوبك+” يضبطٌ استقرار الأسعار .. والمغرب “يقلص اللا يقين”

الأربعاء 5 نوفمبر 2025 - 17:21

في خطوة جديدة تهدف إلى ضبط توازنات سوق النفط العالمية أعلن تحالف “أوبك+” عن رفع إنتاج النفط بـ137 ألف برميل يومياً ابتداءً من شهر دجنبر المقبل، مع تجميد أي زيادات إضافية خلال الربع الأول من سنة 2026. ويرى خبراء مغاربة مختصون في اقتصاد الطاقة أن القرار “يبعث رسائل مزدوجة إلى الأسواق: من جهة تأكيدٌ على استقرار أساسيات السوق وتراجع المخزونات العالمية؛ ومن جهة أخرى حرصٌ على تفادي أي تراجع حاد في الأسعار قد يهدّد مصالح الدول المنتجة”.

في المقابل يطرح هذا التطور تساؤلات ملحّة بالنسبة للمغرب، الذي مازال يعتمد “بشكل شبه كامل” على الاستيراد لتغطية حاجياته الطاقية، ويتهيأ لتنفيذ مشروع قانون مالية 2026 بفرضية (تناهز نطاق الثمانين دولاراً لبرميل النفط)، في سياق يسعى إلى الحفاظ على التوازنات الماكرو-اقتصادية وضبط الفرضيات المرتبطة بتقلبات أسعار النفط العالمية والفاتورة الطاقية الوطنية.

استقرار نسبي

مصطفى لبراق، الخبير الاقتصادي في شؤون الطاقة، قال “إن اجتماع تحالف ‘أوبك بلس’ الذي انعقد يوم الأحد الماضي (ثاني نونبر الجاري) أكد استمرار الدول الأعضاء في النهج المحافظ على مستويات إنتاج منخفضة خلال المرحلة الحالية، في انتظار بدء تنفيذ التخفيضات الإضافية المقررة سنة 2026”.

وقال لبراق، ضمن تصريح لجريدة هسبريس، إن “أبرز العوامل وراء هذا القرار تتمثل في الوضع الروسي، إذ تواجه موسكو ضغوطاً أمريكية وحظراً جزئياً على منتجاتها النفطية، ما يضطرها إلى الدفع في اتجاه خفض إنتاج المجموعة للحفاظ على أسعار النفط في مستويات مرتفعة نسبياً، في حدود 70 دولاراً للبرميل”.

وأضاف الخبير ذاته متوقعا أن متم 2025 وبداية 2026 سيتسمان بـ”استقرار نسبي في السوق العالمية، في ظل وفرة الإمدادات وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وهو ما سيُبقي الأسعار في نطاق يتراوح بين 60 و65 دولاراً للبرميل”، غير أنه أردف مستدركاً: “رغم أن ‘أوبك بلس’ تسعى إلى رفع الأسعار عبر تقليص الإنتاج فإنها تحرص على عدم الإضرار باقتصادات الدول المستوردة، لأن أيّ تباطؤ في الطلب العالمي سيعود سلباً أيضاً على الدول المنتجة”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن هذا الاستقرار النسبي للأسعار يشكل عاملاً إيجابياً بالنسبة للمغرب، الذي يستورد كامل حاجياته من المواد النفطية، إذ من المرجح أن تنخفض فاتورته الطاقية مع نهاية السنة الجارية مقارنة بالسنة الماضية، ما سيساعد على الحفاظ على توازناته المالية خلال سنة 2026.

ولم يفتِ الخبير الطاقي استحضار معطى أن “توقعات أسعار النفط تبقى رهينة التقلبات الجيوسياسية، خصوصاً مع استمرار بؤر التوتر والحروب في عدة مناطق من العالم، ما يجعل أي توقع دقيق للأسعار واتجاهاتها أمراً صعباً في الظرفية الراهنة”.

أثر مباشر محدود

محمد جواد مالزي، أستاذ جامعي متخصص في اقتصاد الطاقة، قرأ قرار تحالف “أوبك+” رفع الإنتاج بـ137 ألف برميل يومياً في دجنبر 2025 كـ”إشارة محدودة إلى التيسير في الإمدادات، بعد مرحلة طويلة من التخفيضات الطوعية الهادفة إلى دعم الأسعار”، وزاد مستدركا: “غيرَ أن الزيادة الصغيرة مقارنة بإجمالي الخفض (البالغ 1,65 مليون برميل يومياً) تجعل أثرها المباشر على الأسعار العالمية محدوداً”.

واسترسل مالزي شرحا: “الأسواق النفطية تظل متأثرة بعوامل جيوسياسية هيكلية، منها استمرار الحرب في أوكرانيا، وتوترات الشرق الأوسط، والتباطؤ الاقتصادي في الصين، ما يجعل نطاق تقلب الأسعار واسعاً رغم زيادة المعروض. وتبعاً لذلك من غير المرجح أن يؤدي القرار إلى هبوط ملموس في الأسعار على المدى القصير، لكنه قد يحدّ من اندفاع الأسعار صعوداً مع نهاية 2025”.

وفي إفادته لهسبريس استحضر المتخصص ذاته مشروع قانون مالية 2026، “حيث اعتمدت الحكومة فرضية 80 دولاراً للبرميل كسعرٍ مرجعيّ، وهي فرضية بدت متفائلة نسبياً في ظل توقعات كانت تشير إلى متوسط بين 85 و90 دولاراً للبرميل في نهاية 2025 وفق تقديرات مؤسسات مثل الـEIA والبنك الدولي”، وقال معلقا: “قرار ‘أوبك+’ الحالي قد يمنح بعض المصداقية لهذا الافتراض، لأنه يُرسل إشارة إلى رغبة التحالف في استقرار السوق لا في رفع الأسعار. ومع ذلك فإن تجميد الزيادات في الربع الأول من 2026 يعني أن التحالف سيحافظ على قدرٍ من الانضباط في الإمدادات، ما يُبقي الأسعار قريبة من مستويات 80–85 دولاراً دون أن تنخفض كثيراً. وبالتالي لا يستدعي القرار مراجعة جوهرية لفرضيات المغرب، لكنه يخفّف من هامش الخطأ التصاعدي المحتمل في التوقعات”.

تقليص عدم اليقين

سجل أستاذ اقتصاد الطاقة أن “المغرب باعتباره مستورداً صافياً للطاقة بنسبة تفوق 90% يتأثر مباشرة بتقلب الأسعار أكثر من مستويات الإنتاج العالمية”، مردفا: “رفعٌ طفيف للإنتاج قد يترجم إلى استقرار نسبي أو انخفاض محدود في تكلفة الاستيراد، خاصة إذا ترافق مع تباطؤ الطلب العالمي في الشتاء. إلاّ أن تجميد الزيادات في مطلع 2026 يبقي على مستوى الأسعار ‘عاليًا مستقرًّا’ بدلاً من انخفاض حقيقي”

ومضى المتحدث مستنتجاً: “الفاتورة الطاقية قد تستفيد جزئياً في نهاية 2025 لكنها ستظل مرتفعة نسبياً في الربع الأول من 2026، وهو ما لا يسمح بتراجع ملموس في العجز التجاري أو في كلفة دعم الكهرباء والنقل”.

ومن زاوية اقتصاديات الطاقة فالقرار “يُكرّس سيناريو الاستقرار عند مستويات مرتفعة أكثر مما يفتح دورة جديدة من الانخفاض؛ وبالتالي يظل الضغط قائماً على المالية العمومية المغربية التي تراهن على خفض تدريجي للفاتورة الطاقية لتوسيع هوامش الاستثمار الاجتماعي في السنة الأخيرة من الولاية الحكومية”، يورد المحلل الطاقي ذاته، خاتما: “المكسب الأساسي للمغرب هو تقليص عنصر ‘عدم اليقين’ وليس انخفاض السعر بحد ذاته: استقرارٌ نسبي حول 80 دولاراً يتيح تخطيطاً أدق للإنفاق العام وتخفيفاً جزئياً لضغط التضخم المستورد، لكنه لا يغيّر جذرياً معادلة التبعية الطاقية. من ثمّ يظل رهان المغرب الحقيقي على تسريع الاستثمار في الطاقات المتجددة والغاز الطبيعي لتقليص التعرض لصدمات ‘أوبك+’ المستقبلية”.

مملكتنا.م.ش.س

Loading

Advertisement

مقالات ذات صلة

الخميس 6 نوفمبر 2025 - 14:24

الذكرى الـ50 للمسيرة الخضراء المظفرة.. صاحب الجلالة الملك محمد السادس، “قائد إصلاحي كبير” (عضو بالكونغرس الأمريكي)

الأربعاء 5 نوفمبر 2025 - 22:13

برنامج “متحدون، نسمع بشكل أفضل”.. السيدة الأولى لكينيا تعرب عن عميق امتنانها لصاحبة السمو الملكي الأميرة للا أسماء

الأربعاء 5 نوفمبر 2025 - 17:52

المدير العام لـ “رونو المغرب” يشيد برؤية المملكة في مجال الصناعة

الأربعاء 5 نوفمبر 2025 - 12:37

قرار مجلس الأمن الدولي بشأن الصحراء المغربية ينتصر للحكمة والشرعية