ذكريات الزمن الجميل وواقع اليوم

الثلاثاء 26 يونيو 2018 - 14:55

ذكريات الزمن الجميل وواقع اليوم

بقلـــــــم /ع.ا

تحية ما بعد الظهر وفي زمان آتنا غذاءنا والوقت دخول صيف والمكان زاوية ضيقة قابع فيها ومتكى على طاولة مقهى واضعا امامي كوب ماء بارد ارتشف منه المرة تلو المرة والفراغ يقتلني والملل يغزوني حتى اني لست ادري هل هذا انا ام انا هذا ….

ورفعت رأسي من شاشة هاتفي والذي اصبحت يشكوا من كثرة النقر والجر عليه حتى اصابه مرض الربو اذ يحتاج كل مرة ما يطلق عليه بالروديماري .

هززت راسي وابصرت مجموعة ممن اعمارهم تقريبا تبلغ ما بين الخامسة عشر والعشرين تقريبا وفي حر الشمس الحارق المصحوب ببعض الرياح والتي تجمع كل غبار وبقايا تبن وحشيش يابس فترفعه على رؤوس اؤلئك النفر …

فاذا باحدهم يسب الزوبعة والتي هدمت له مشروعه الذي طالما سرحه وذهنه واخذ منه زمنا ليس باليسير ٬ وآخر باليد اليسرى ماسكا شيئا بلاستيكيا لست ادري ما فيه يرتشف منه ويمص …

وآخر غارقا في عالمه الازرق وهو سائر ولم يرفع رأسه حتى كاد يصطدم بنخلة لم يدري هل نزلت من السماء ووقفت في وسط الشارع ام ان احدهم اخطأ الهندسة وجعلها وسط الطريق ….

امور كثيرة سجلتها كاميرا عيني وسجلتها اداة تسجيل اذناي واخرى حيرتني حتى انني لست ادري هل انا انا ام انني لست انا .
واستحضرت في ذهني ما عشته خلال اعوام مضت وبالساعة والدقيقة والثانية على بقعة جغرافية مباركة كشجرة مباركة تؤتي اكلها كل حين باذن ربها …

وتتملكني الحيرة مرات وبالاخص حينما اعبر الحدود الطرقي داخلا الى موقع يذكرني بقلعة ( الموت ) زمن الباطنية تحت امارة الحسن بن الصباح ٬ فهنالك عالم آخر يختلف تماما عن باقي العوالم …

ولولا صحبة لنا طيبون نحسب الاوقات والدقائق متى يبلغ المساء لنلتقيهم ونرتشف معهم فنجان قهوة ناصحين لنا ومعلمين لصح لي ان اقول انه لا فائدة من الذوبان في هذا المكان……رجعت القهقرى بفكري حينما رايت تلك الثلة المذكورة وقد لعب بهم الزمان وسوء المكان فتذكرت اياما لي خلت في مصاف اهل الالواح والصمغ والصلصال …

حياة رغيدة طيبة ولا فرق بينها وبين حياة اهل الجنة اذ الكتاب آنذاك جنة فلا يسمع هنالك الا ترانيم القرآن …

تعال استظهر وامح لوحتك وصلصلها وعرضها لاشعة الشمس وانت في غاية الشوق للثمن الجديد من القرآن …

يفتي عليك الشيخ وانت تخط بقلم القصب آي القرآن …

وتكن للشيخ احتراما وتجله وتقدره كأنه في خلدك ملك هبط من سماء الرحمان .

وما ضربه لك الا فتح مبين وقد عشنا هذا بالتجربة والبرهان .

بعيدا عن زور ماتقيسش ولدي بل الابوان منهم التوصية للمربي بالضرب والتوبيخ ان كان هنالك تمرد او عصيان . اه ثم اه ثم اه …

مضى ذاك الجيل الذي لا يعرف الا اللوح والقرطاس والقلم …

مضى ذاك الجيل القرآني الذي حمل في صدره القرآن والانصاص وعلم الوقف والبيان .

مضى جيل يقعد على الحصير وعود شجر الزيت في يده واللوح قبلته من صبح الى عشاء دون كلل وملل .

يقرأ ويكرر ويراجع وما قضية الارباع خافية والحلقات عن من ذاق وعاش مع زمرة اهل القرآن ….

ولما استبدل العنبر بالبعر وكثرت الحقوق وتذلل الاطفال وعاشوا في خنوع وخضوع ….

ذهب ومضى اللوح الخشبي والذي به يرسخ القرآن .

واصحى مكانه اللوح الكفي الالكتروني وشتان بين الصنفين .

لم يعرف جل الشباب الان الا البلايستور والكوكل والشات حتى تشتت الاذهان وغاب عنها كل وازع بالخير يامر وعن الشر ينهى .

كنا صغار نستغل العطلة بالتوجه قلبيا الى مسجد الحي قصد حفظ بعض سور القرآن .

لم نكن نستحي من كبرنا بل العكس فالعلم يطلب على مستوى الاعمار .

فما العطلة الا عطل وما الفراغ الا سم زعاف قاتل ان لم تستغل في حفظ القرآن …

وحل شبابنا لا يحفظ حتى فاتحة القرآن ….

معذرة فقد سرحت بذهني ولم يوقظني من حلمي الا ضجيج مبارة فقد نسيت انني في موقع اهمل فيه القرآن ….
والكتاتيب خاوية على عروشها بل المساجد ومن يحفظ القرآن على اللوح ويلطخ يديه بالصمغ والصلصال ويستيقظ باكرا ولا يروح من الكتاب الا متأخرا !!!!!!

هل يستوي هو ومن رضى بالذل واتبع اذناب البقر يصفق في كل ناد وفي كل واد هائم ….
هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون .
لوح + قرطاس+ قلم = حفظ القرآن الكريم .

مملكتنـــــــــــــــــــــــــا.م.ش.س

Loading

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 - 09:10

خطير جدا .. اغتيال مؤجل .. داخل كواليس خطة جزائرية مفترضة لتصفية ممثل “حماس” بالجزائر

الجمعة 5 سبتمبر 2025 - 07:25

الزفزافي يوجّه رسالة جديدة .. مراجعات فكرية وإشارات إيجابية نحو المصالحة الوطنية

الجمعة 29 أغسطس 2025 - 12:47

الهدهد .. لوبيات غاضبة وأقلام مأجورة ضائعة .. المغرب يصنع التاريخ ومن وراء مقالات “لوموند” يَئِن !

الأربعاء 27 أغسطس 2025 - 22:14

الافتتاحية الصباحية .. حين يسقط الإعلام الجزائري في امتحان الحموشي