بعض المؤهلات السياحية بجماعة تونفيت
احماموش الحسين
لا ريب أن القطاع السياحي هو أحد أهم القطاعات الاقتصادية الذي أولى له المغرب أهمية بالغة منذ فجر الاستقلال، فإذا كانت في البداية المراهنة على المناطق الساحلية كوجهات لتنشيط هذا القطاع، إلا أنه بات يلوح في الوقت الحالي اهتمام بالمجالات الداخلية؛ مما نتج عنه بروز أشكال جديدة من الممارسات السياحية، مرتبطة بالأساس بالمناطق الجبلية التي تزخر بتنوع وغنى منتوجها السياحي الذي لم يستغل بعد على النحو المطلوب.
وفي هذا السياق، تعد جماعة تونفيت، التي تنتمي إلى جبال الأطلس الكبير الشرقي وبالضبط إلى سفوحه الشمالية، نموذجا للغنى السياحي الذي تمتاز به المناطق الجبلية، والذي تمتزج فيه عناصر التراث الطبيعي النفيس، والمؤهلات الثقافية التي راكمها الإنسان الأمازيغي على مر العقود في تلك المجالات.
وعلى هذا الأساس، فقد أريد من خلال هذا المقال؛ محاولة تشخيص والتعرف وكشف الستار عن أهم المؤهلات السياحية لهذا المجال الجبلي، الذي يستدعي مبادرة لا بد منها، بغرض تثمينها وتأهيلها لتصبح وجهة سياحية من شأنها خلق فرص الشغل للعديد من الشباب المتحمس لمثل هذه الميادين، ومن شأنه كذلك، أن تكون دعامة أساسية للاقتصاد المحلي للساكنة. وسيتم اقتضاب وإيجاز هذه المؤهلات في النقط التالية:
تنوع تضاريسي يجمع بين الجبال الشاهقة والمنخفضات المنبسطة: فجماعة تونفيت بحكم موقعها الجغرافي تتميز بتضاريس وعرة شديدة الارتفاع، إذ توجد على ارتفاع 1952 متر على مستوى سطح البحر. هذه المنطقة تحيط بها مجموعة من الجبال؛ أهمها جبل المعسكر الذي يبلغ علوه 3200 م وجبل العياشي الذي يبلغ 3755م، مع وجود العديد من المنخفضات والأودية العميقة. هذا التنوع يضفي على المجال رونقا جماليا ساحرا من شأنه إغراء السياح خصوصا الأجانب.
مجال غابوي غني ومتنوع يشكل إمكانا للجدب السياحي: تتوفر جماعة تونفيت على ثروات غابوية مهمة ومتنوعة، يمثل فيها شجر الأرز والبلوط الأخضر حوالي 80%، بمساحة إجمالية تصل على التوالي إلى: 30000 هكتار و15000هكتار، هذا بالإضافة إلى أصناف أخرى نادرة كالعرعار والتايدا والصنوبر الحلبي … وغيرها من التشكيلات النباتية الأخرى التي تغطي في مجملها مساحة كبيرة وشاسعة تناهز 48491 هكتارا.
كما يحتضن هذا المجال الغابوي تنوعا بيولوجيا مهما متمثل في الوحيش بمختلف أنواعه وأصنافه. هذا الإمكان الطبيعي يمثل مرتعا خاصبا لممارسي هواية القنص، وكذلك هواة الجولات الاستكشافية والعلمية.
العيون؛ موارد مائية تلعب دورا بارزا في الاستقطاب السياحي: بحكم موقعها الجغرافي في عمق جبال الأطلس الذي يتميز بارتفاعاته الشاهقة، وبأهمية تساقطاته الثلجية، ونظرا لبنيته الجيولوجية؛ فإن الجماعة تتوفر على العديد من العيون أهمها: “أغبالو نأيت أوخليف”، “أغبالو الغراب”، “أغبالو نوردوز”، “أغبالو نلموا نلحنا”، و”الحمات نمتشيمن”، هذه الأخيرة؛ تختلف عن سابقتها، بكونها عبارة عن عيون انبثاقية ذات مياه عذبة دافئة، تستهوي كل زوارها.
هذه الموارد المائية تشكل نقط يمكن استغلالها لا للشرب فقط، بل لترويج المنتوج السياحي بالمنطقة أيضا.
التراث المعماري: يعد السكن التقليدي بجماعة تونفيت؛ إرثا حضاريا ومكونا أساسيا من مكونات المشهد الجغرافي. كما أنه معطى يبرز مظاهر التكيف والتأقلم مع الظروف الطبيعية الصعبة، بالإضافة إلى كونه يعطي فكرة عن طبيعة العلاقات الاجتماعية التي تربط أفراد المجتمع الأمازيغي، والأنشطة الاقتصادية التي كانت مصدر رزقهم، هذا السكن يستمد مقاوماته من المحيط الطبيعي القريب منه، كما أن بناءه يتم بطرق تقليدية، مما يجعل منه تراثا يمكن ترويجه لإنعاش القطاع السياحي بالمجال الجبلي عامة وبجماعة تونفيت خصوصا.
الصناعة التقليدية: تزخر جماعة تونفيت بغنى تراثها المادي واللامادي، الذي يعكس ارتباط الإنسان الأمازيغي بأرضه وبعمقه الحضاري، وتعد الصناعة التقليدية كأحد أبرز المكونات الثقافية التي تعكس هذا الغنى الثقافي للمجتمع الأمازيغي، فالجماعة تشتهر بحياكة الزرابي والجلاليب الصوفية، مما يجعل من هذا الجانب خاصية تميز المجالات الجبلية، فحتى الوسائل المعتمدة في هذا النشاط تقليدية أيضا “أسطا”، هذه الخصوصيات المحلية قد تساهم بقسط كبير في إنعاش القطاع السياحي.
وإجمالا، وبالرغم من عدم الإحاطة بمختلف المؤهلات السياحية التي تعرفها جماعة تونفيت، إلا أنه يمكن الحسم بأن مقومات السياحة الجبلية حاضرة بها، وأنها تتوفر على نقط قوة عديدة في هذا الجانب، يمكن الاستناد عليها لتأسيس قطاع سياحي واعد، يساهم في الدينامية الاقتصادية للساكنة المحلية، ويزيد من إشعاع المنطقة وانفتاحها.
مملكتنا.م.ش.س
