شذرات من العمل الحزبي
زكرياء شوقي
حين تنتمي لأي حزب سياسي مهما كان نوعه فأنت تنتمي أولا وقبل كل شيء لتنظيم ، تحكمه قوانين ومبادئ وأفكار وخط سياسي واضح. ولكل منا نزعته الثورية التي تجعله يتشبث بهاته المبادئ والقوانين إلى حد مفرط ، يصبح فيه التنظيم مقدسا. غير أنه وما إن تتغلغل في صفوف التنظيم الحزبي وتعرف خباياه حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، كل هذا وذاك يجعلك تطرح عديد التساؤلات :
هل التنظيم الحزبي خط فكري متصل ؟ أم أنه مجموعة من القوانين التنظيمية لا ينبغي الخروج عنها ؟؟ وهل شعارات الحزب تمثل الحزب في ديمقراطيته الداخلية ….
كل هذه الأسئلة وغيرها تكبر وتكثر يوما بعد يوم ، ومع مرور الوقت يبدأ المناضل الحزبي في إكتشاف خبايا التنظيم السياسي ، ويطلع على عورته التي يغطيها شعار لا علاقة له بواقع الحزب. فيدخل المناضل في صراع مع نفسه ، ومع الأطراف الأخرى. فيضطر ه ذلك إلى التكتل من داخل الحزب ، إما أن يمارس السياسة أو تمارس عليه السياسة وفي كثير من الحالات تمارس به السياسة. في إعدام تام لكل المواقف الإنسانية والمبادئ الرفاقية أو الأخوية. فتتحق القاعدة الشهيرة بأنه من مبادئ السياسة إنعدام الأخلاق.
وبالعودة إلى الصراع الذي يدخل فيه المناضل حين تنكشف له خطوط اللعبة ، تجد أن المناضل الذي يرفض التماهي والتماشي مع الوضع فهذا ،في غالب الأحيان يصارع كل تلك الشعارات الزائفة ، فيصبح نشازا داخل التنظيم الحزبي ، رغم أنه يرفض سياسة القطيع التي تصبح جميلة ورائعة حين تلبس حللا مزخرفة بمصطلحات رنانة من قبيل الإختلاف ، والحق في التعبير ، والديمقراطية ، والنزاهة… ليس العيب أن تقصيني بكل وضوح لأني اختلف معك ، بل العيب الأكبر أن تقوم بإغتيالي باسم ديمقراطية الأصوات ، فتظهر أنت للعموم جميلا وكأنك ملاك ، لتجعل مني شيطانا وتجعل من عملي شيئا في خبر كان. وهنا تطبق الأحزاب على مناضليها ما لا ترضاه لنفسها.
كل تنظيم يدعي الديمقراطية ، النزاهة والوضوح … ، تظهر حقيقته في المحافل الكبرى بين التجييشقراطية والكولستقراطية والإحتياطقراطية…. كثير من الخبث السياسي يظهر كل ما إقترب موعد مؤتمر وطني أو جهوي…. ، فتصبح أيها المناضل وكأنك في غابة مليئة بالضباع إما أن تحتمي داخل مجموعة أو تنسحب بهدوء ، وحتى لو قررت أن تصدر صوت الحق من داخل مجموعتك فتأكد أنها ستكون أول من ينهش لحمك ، ويريق دمك…. كل هذا لأجل مقعد داخل هيئة من الهيئات المحسوبة على القيادة الصورية والمزيفة للحزب .
خبرنا الأحزاب وفهمنا معها معنى التنظيم ، وعرفنا أي تنظيم يريده حراس هاته الأحزاب ، التي باتت كالمعابد لها كهنة وخدام ، وصاحب سر وحامل المفتاح . يذكرونني هؤلاء النوع من السياسيين بسدنة البيت الحرام زمن الجاهلية .
إنها العصبية السياسية لا يشيخون لا يتعبون لا يمرضون لا يموتون ، يتحدثون عن تجديد النخب ، و عن التشبيب والانفتاح ، يطربون الأذان بكلمات تشرح النفوس ، لكنهم يمارسون نقيض ما يدعون ، يقتلون الحس الإبداعي ، ويقضون على كل نفس من أنفاس التجديد ، يتبنون فكرة واحدة ” هم ولا شيء غيرهم ” . وهنا يجد المناضل نفسه أمام واقع حتمي تجسده القولة الشهيرة ” أرض الله واسعة ” .
لكن السؤال الذي أطرحه دائما وسأظل أطرحه في كل مرة ، هل الماضي يلاحق المستقبل ؟؟ أم أن الحاضر يجب أن يعلن قطيعة مع ماضيه ؟؟؟
حين نتحدث فنحن نتكلم عن واقع مرير عشناه داخل هذا الحزب أو ذاك ، لكن ونحن نطرح في كل هاته الأمور التي نرفضها ، والتي فرضت علينا بحكم أننا مجرد شباب حديث العهد بالعمل السياسي والحزبي ، الذي لو لم تفرضه الظروف والكوطا لما توفر له مكان داخل هاته الأحزاب ، لما لا نطرح سؤالا وجيها أي حزب نريد ؟؟ أي عمل سياسي نطمح له ؟؟ وأي بديل ممكن في ظل ما هو كائن ؟؟
حين نتحدث فنحن نتكلم عن واقع مرير عشناه داخل هذا الحزب أو ذاك ، لكن ونحن نطرح في كل هاته الأمور التي نرفضها ، والتي فرضت علينا بحكم أننا مجرد شباب حديث العهد بالعمل السياسي والحزبي ، الذي لو لم تفرضه الظروف والكوطا لما توفر له مكان داخل هاته الأحزاب ، لما لا نطرح سؤالا وجيها أي حزب نريد ؟؟ أي عمل سياسي نطمح له ؟؟ وأي بديل ممكن في ظل ما هو كائن ؟؟
وأنا بدوري سأطرح سؤالا إلى متى سيستمر الشباب في التآمر ، والتواطئ ، والعمل على تمرير المراحل داخل أحزاب ، لا يعتبرهم ملاكها إلا مجرد رقم ونسبة فرضتها ديمقراطية يطبلون بها وحداثة يتغنون بها ؟؟؟ وما غايتنا من ممارسة العمل الحزبي والسياسي ؟
مملكتنا.م.ش.س