فنجان قهوة .. وفتاة !

الجمعة 18 أكتوبر 2019 - 20:57

فنجان قهوة .. وفتاة !

زينبة بن حمو

ولجت إلى المقهى المفتوح على الهواء من كل جانب، تحمل حقيبة سفر صغيرة و تحتضن كتابا، آختارت طاولة بعيدة عن الحشد وضعت حقيبتها على كرسي فارغ و آرتمت على الآخر تقابل الشارع و تصد عن الجميع.

فتحت الكتاب و أخذت قلم رصاص بين أصابعها و آنهمكت في متابعة النص الذي بدأته في القطار..

جاء الناذل فرفعت رأسها و قالت : قهوة سوداء لو سمحت !.

سألها بآقتضاب : في كأس أم في فجنان؟

أجابت بآقتضاب كذلك : فنجان.

عادة لا يسألون فكل أنثى تحب القهوة في فنجان، لكن يبدو أن لديه شكوك..

هندامها البسيط غير المرتب و نظاراتها التي تخفي نصف وجهها و تحجب عينيها الواسعتين آتساع العالم، و شعرها الأشعت الذي يغطي رأسها المسكون بالأسئلة، كل ذلك قد يكون أوحى له أنها ليست كأي أنثى، و أنها لم تعد تهتم بكل تلك التفاصيل..

رفعت رأسها عن الكتاب، وضعت القلم و تناولت فنجانها، وقربته من أنفها، أغلقت عينيها وأشمت عبير القهوة كأنه رحيق الحياة، لم تستطع يوما التخلص من هذه العادة..

آرتشفت رشفة من قهوتها و هي تتأمل الشارع في شرود، كأن الضجيج يعم الفضاء أصوات محركات السيارات، أحاديث المارة، و نقاشات المتواجدين بالمقهى، كانوا جميعا ذكورا ، لاحظت ذلك حين تجاوزت كل تلك الطاولات بحثا عن مكان منزو وفارغ..

لم تلتفت إليهم ولم تعر وجودهم أي آهتمام، لقد أدركت أنها عصية على هذه المخلوقات السطحية الضعيفة، ليس هناك رجل يستطيع تحمل آمرأة عنيدة قارئة..

لطالما كانوا يحومون حولها، لطالما آجتذبهم جمالها وأسرتهم أنوثتها الصارخة، إنها مثل قنديل مشع وسط الظلام، يسعى إليه الناموس بسعادة ثم ما يكاد يحترق من وهج الإضاءة و حرارة المصباح..

في هذه اللحظة تذكرت لقاء رسميا جمعها برجل مثقف ومسؤول وواثق من نفسه،كان يفترض باللقاء أن يدوم لعشرين دقيقة، يأخذها من وقته الثمين كما أخبرها حين وافق على اللقاء.. لكن الحديث طال و تحول الأمر إلى مناظرة آستمرت ثلاث ساعات و كان يمكن أن تستمر إلى الأبد ربما، لولا أنها وقفت بهدوء وآعتذرت بسبب آلتزام مسبق، طلب منها أن تظل لدقيقة أخرى ، جلست و هي تنظر إليه، قال دون مقدمات ؛ هل تقبلين الزواج بي ؟

لم تكن تعلم أنها مازلت تحافظ على بقايا خجل أنثوي بريء، آرتفعت الحرارة فجأة في المكتب، آحمرت وجنتاها و طأطأت رأسها..

يا للإحراج !

سكتت لبرهة، آستجمعت كل ما ظل في رصيدها من جرأة و رفعت رأسها، نظرت إليه و أجابت بثقة أنها لم تعد تفكر في الآرتباط، وأنها تتمنى أن يستوعب أن الأمر لا يتعلق به هو تحديدا، لكنه يخصها هي.

فهي ببساطة لم تعد تملك متسعا من الصبر ولا قدرة لها على التأقلم مع وضع جديد غير الذي تعيشه الآن بكل سعادة و أريحية .

في ذلك اليوم قررت أن تغلق ذلك الباب إلى الأبد، بعد أن غادرت اللقاء أرسلت رسالة وداع أخيرة على الواتساب لرجل ظلت تربطها به شعرة معاوية.

ب.س :
القصة من وحي الخيال..الواقعي.

مملكتنا.م.ش.س

Loading

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 - 09:10

خطير جدا .. اغتيال مؤجل .. داخل كواليس خطة جزائرية مفترضة لتصفية ممثل “حماس” بالجزائر

الجمعة 5 سبتمبر 2025 - 07:25

الزفزافي يوجّه رسالة جديدة .. مراجعات فكرية وإشارات إيجابية نحو المصالحة الوطنية

الجمعة 29 أغسطس 2025 - 12:47

الهدهد .. لوبيات غاضبة وأقلام مأجورة ضائعة .. المغرب يصنع التاريخ ومن وراء مقالات “لوموند” يَئِن !

الأربعاء 27 أغسطس 2025 - 22:14

الافتتاحية الصباحية .. حين يسقط الإعلام الجزائري في امتحان الحموشي