فيسبـــــــــوك يخطط لسرقة عقولنا بإرادتنـــــــــــــا
- المستقبل الذي سنشهده في عالم تكنولوجيات الهواتف الذكية المتطورة، سيكون مختلفا عما نعيشه الآن، فعبر قناع الواقع الافتراضي ستعيش كما لو كنت في فيلم للخيال العلمي قد لا تكون المتحكم في أحداثه.
من المعروف أن المؤتمر العالمي للهواتف النقالة يشكّل حدثا يتم خلاله تحديد جدول الأعمال المستقبلي في مجال التكنولوجيا، ولكن يبدو أن المستقبل لا يستقر في هذا العالم.
في البداية، ترى شخصا يوهمك بأنه يلعب كرة القدم، ثم يتم تمرير الكرة إلى أصدقاء آخرين يقفون إلى اليسار، في مكان ما حيث خط نظرك. سوف تدير رأسك لمشاهدته، أو أنك سوف تبحث عن السماء المشمسة، المعلقة فوق ساحة تقف أنت في وسطها بين الأشجار المصطفة على الجانبين، وخلفك، يمتد شارع على طول الساحة.
في حقيقة الأمر أنت لست موجودا في ذلك المكان، على الأقل بالمعنى المادي، وإنما أنت ترتدي قناع الواقع الافتراضي (virtual reality) ) “في.أر” لمشاهدة فيديوهات بدقة 360 درجة. بدلا من مجرد المشاهدة تشعر بأنك جزء من الفيديو وموجود في مكان الأحداث.
باستخدام قناع الواقع الافتراضي “جير في.أر” يمكن للشخص أن يشاهد الفيديو وكأنه جزء منه.
انتشرت مظاهر الواقع الافتراضي في المؤتمر العالمي للهواتف النقالة هذا العام. وهي تذكّر بمدى سرعة تحرك الاتجاهات في عالم التكنولوجيا سريع الحركة، وكان عام 2015 قد شكل سنة الساعة الذكية وغيرها من المنتوجات التكنولوجية التي يمكن ارتداؤها، وقد سادت هذه الدعاية خلال المؤتمر العالمي للهواتف النقالة في العام الماضي.
خلال مؤتمر هذا العام، كان عدد الأجهزة القابلة للارتداء قليلا، وبعد زمن أقل مما كان متوقعا، كانت الأجهزة موجودة فوق أجسام المستخدمين، منذ أن تم طرحها في السوق.
تناول المؤتمر العالمي للهواتف النقالة هذا العام كل ما له علاقة بالواقع الافتراضي حتى قبل بدء الاحتفالات، حيث قدم مارك زوكيربرغ المدير التنفيذي لفيسبوك مفاجأة إطلاق غالاكسي سامسونغ “أس 7” و”آس 7 إيدج” المتميزين بتحسينات في أداء الكاميرا والذاكرة والبطاقة عبر الإعلان عن شراكة بين الشبكة الاجتماعية وشركة الأجهزة في مجال الحقيقة الافتراضية.
الهاتـــــــــف الذكي هو مركز كل شيء حيث يتناقص تدريجيا وضعه كهاتف ليصبح مفتاح التفاعل الدائم مع ما يحيط بك حيثما كـــــــــــــــــــــــنت
وعلى مدار أكثر من أربعة أيام (إلى غاية 25 فبراير) اجتمعت أكثر من ألفي شركة متخصصة في الاتصالات والتكنولوجيات الإلكترونية في مدينة برشلونة الأسبانية في المؤتمر العالمي للهواتف النقالة للعام 2016. وبلغ هذا العام عدد المشاركين في هذا اللقاء السنوي خمسة وتسعين ألفا من محترفي القطاع والميادين المرتبطة به.
مارك زوكيربرغ مؤسس شركة فيسبوك للتواصل الاجتماعي ورئيسها التنفيذي كان أبرز نجوم المؤتمر في برشلونة. وفي لحظة تحبس الأنفاس توجه إلى منصة العرض فيما كان الجميع يرتادون أقنعة الواقع الافتراضي على وجوههم.
اعتبر محللون وخبراء أن هذا هو المستقبل الذي يعدنا به فيسبوك، سيسرق عقولنا ويتحكم فيها عن بعد. في ذات الوقت اشتعل الجدل والسخرية على الشبكات الاجتماعية.
لم يحفل زوكيربرغ للأمر بل عبر عن استغرابه بالقول “إنه الجنون بعينه، نحن في العام 2016، فيما يوجد حتى الآن أربعة مليارات من البشر لا يتوفرون على الإنترنت”. زوكيربرغ أثنى خلال تدخله أمام الآلاف من الصحافيين على شركة سامسونغ التي تربطه بها مشاريع مستقبلية.
الشركة الكورية الجنوبية الحاضرة بقوة في المؤتمر عرضت جديدها من الهواتف النقالة الذكية. لقد أصبح “الهاتف النقال هو كل شيء. هذا هو شعار المؤتمر العالمي للهاتف النقال في برشلونة. هذا العام، أكثر من ذي قبل، الهاتف الذكي هو مركز كل شيء حيث يتناقص تدريجيا وضعه كهاتف ليصبح أكثر فأكثر أداة مفتاح متعددة الخدمات والفوائد، تسمح لك بالتفاعل الدائم مع ما يحيط بك وحيثما كنت”.
وفي كلمة ألقاها أمام الحضور في المؤتمر العالمي، أبرز زوكيربرغ الطبيعة المتغيرة للاستهلاك وتبادل المحتوى، بدءا من النص إلى الصور والفيديو مع مرور الوقت، وكيف أنها تحسنت بشكل مطرد جراء تسريع الإنترنت.
وأضاف “أعتقد أن ما سوف نحصل عليه بعد ذلك، والذي من شأنه أن يحدث في وقت أسرع مما نتوقع، هو القدرة على تبادل مشاهد الفيديو بشكل كامل، وليست فيديوهات ثنائية الأبعاد فحسب، ولكن في الحقيقة، مقطع الفيديو والمشهد بأكمله”.
|
وقال آرثر فان هوف، المؤسس المشارك للشركة السينمائية المنتجة لتطبيق ”في.أر”، “إن فيسبوك قد لا يكون مكانا سيئا يتم من خلاله بدء استعاب المستهلكين لوجود الحقيقة الافتراضية”. وأضاف “في الوقت الراهن نحن نركز على إنشاء السوق. ونحن متأكدون من أن الناس يفهمون حدود ما هو ممكن”.
فـــــــــــــــــرص ضخمة
قال فان هوف للحاضرين في المؤتمر العالمي للهواتف النقالة بخصوص مسألة الواقع الافتراضي، إن شركته أخذت مؤخرا سماعات “في.أر” إلى دور رعاية المسنين، لتجربة التطبيقات الممكنة على كبار السن الذين لم يعودوا قادرين على زيارة أبنائهم، أو حضور المناسبات العائلية. تمتلك شركة “إيمرسف ميديا” المتخصصة في التصوير بخاصية “في.أر” نماذجها الخاصة وغير المألوفة.
وأوضح مايلز ماك غفرن، المدير التنفيذي للشركة “لقد قمنا بالعديد من الأعمال مع الجيش، والجنود الذين يعانون من الصدمات الناجمة عن ضغط الاضطربات. ويمكن أن يكون من المدهش اعتماد هذه التقنية من وجهة نظر طبية”. ولكن تعتبر هذه التطبيقات متخصصة. في الواقع موضوع الحقيقة الافتراضية يشمل مجالات واسعة.
وتوقع كيفن كوران، أحد الذين يدرسون علوم الكمبيوتر في جامعة ألستر، أن يتم الإقبال على استهلاك تكنولوجيا الحقيقة الافتراضية على نطاق واسع.
وقال إن “الواقع الافتراضي هو عنصر سحري يمكنه أن يجعل من هذا العالم الافتراضي مكانا يجمع أموالنا وخدمتنا من أجل تحقيق ما هو أفضل. سوف نرى الناس في مترو الأنفاق والمقاهي وأماكن أخرى وهم يرتدون ‘الأقنعة’، لأن ذلك سوف يكون أشبه بالإدمان. وسوف يأخذك من نفسك ويقطع عليك أفكارك بعدم التصديق”.
أوضح كوران أنه حتى في مجالات الحياة حيث من الصعب حاليا تطبيق الواقع الافتراضي، مثل الذهاب إلى السوبر ماركت لاقتناء المشتريات، سوف يكون هناك المزيد من الخيارات أمام تقنية “في.أر” في وقت قريب. وأضاف “إذا كنت من منشئي المحتوى ‘في.أر’ فما عليك فعله سوى إعادة تصميم تجربة. إنها أمر غامر وقوي، في النهاية سوف يبدأ توليد المحتوى، وسوف يتم عرض التكنولوجيا القادمة بأسعار مقبولة”.
ولكن وصول أقنعة “في.أر” (الواقع الافتراضي) إلى مختلف مناطق العالم ليس أمرا حتميا. تواجه صناعة التطبيقات التي تدور في فلك مطوري تقنية “في.أر” العديد من التحديات.
|
إعادة تصميم التجــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــربة
وأكد ميهاي بوهونتو، الذي يرأس وحدة المنصات الناشئة في شركة سامسونغ أن “المشكلة الأكبر في السوق هي فرص تحقيق المداخيل المالية. وبالفعل، ليس هناك الكثير من الطرق أمام المطورين لكسب المال”.
لكن يعتقد ماك غفرن، الرئيس التنفيذي لشركة “آيمرسف ميديا” أنه سوف يتم حل هذه المشكلة مع مرور الوقت بنفس الطريقة التي تمكنت من خلالها وسائل الإعلام من جني الإيرادات. ويشير إلى أن الاهتمام الكبير بالحقيقة الافتراضية بمثابة “ذروة الذهب”، وسوف يسعى المعلنون إلى الحصول على ذلك.
وقال “إن ما سنراه سوف يكون مختلفا عن التطور الذي شهدته وسائل الإعلام على مر السنين. وسوف تكون العلامات التجارية هي السبب في ذلك. الواقع الافتراضي سوف يستمر في النمو ويصل إلى حد الانفجار. وأعتقد أن تأثير هذا الفضاء سوف يكون على الطريقة التي نستهلك بها المحتوى، إنه لأمر مدهش تماما”.
ويوافق كوران على ذلك ويقول “سوف يشعر المستخدمون بآثار ذلك في وقت قريب جدا. وسوف نشهد آخر الأجيال المقنعة”.
يعتقد جولي أسك، وهو محلل بمؤسسة فورستر للأبحاث، أن رؤية زوكيربرغ حول الحقيقة الافتراضية سوف تجعل من وسائل الإعلام الاجتماعية مقنعة، واصفا الشراكة بين شبكات التواصل الاجتماعي والشركات المنتجة لتطبيقات الحقيقة الافتراضية أشبه بـ”التطبيق القاتل”.
وقالت الشركات المصنعة للأجهزة مثل سامسونغ، إنها قد تكون في حاجة إلى المزيد من الاعتماد على هذه الأنواع من الشراكات لبيع أجهزتها.
ويرى محللون آخرون أكثر تشاؤما أن بدعة “الحقيقة الافتراضية” سوف يتم اقتلاعها قريبا، نظرا لغياب محتوى فريد يمكن أن يجعلها تستمر، على الأقل على المدى القصير .
مملكتنا.م.ش.س/عرب