هدهد محمود هرواك
اختار الأمين العام و رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران منصة مؤتمر شبيبته السادس ليعود بصفحتين متقابلتين من حيث الشكل الإخراجي المدروس بعناية فائقة؛ شكل؛ استطاع الرجل من خلاله شد الأضواء ساعة كاملة تخللتها قفشات و رسائل أراد أن يبعث بها من داخل معقله و من أمام شبيبته بإيقاع سياسي متنوع لعله كان كافيا لإسالة مداد كثير مغطيا بذلك على كلمة الأمين العام الحالي على الرغم من تذكير الرجل مؤخرا بأنه عضو عادي في المجلس الوطني و أنه يراقب فقط و إن كان عن كثب كل ما يحصل.
بنكيران الذي تلقف بذهاء فخا ملغوما نصب له قبيل المؤتمر رافضا بذلك تكريمه، أشار أنه لم ينته سياسيا و أنه لن يتوقف عن مساندة حزبه بأي وجه كان، بل و في غمرة حماسية لم يتردد بالتأكيد على أن رغبة الجماهير بعودته تجعل منها شبه حتمية و لو كان في قبره، مجاز بنكيران وضفه بدون شك جوابا على من يعملون على إقباره من الأصدقاء كما الخصوم.
ولعل المتابع “للصفحة الأولى” من كلمة رئيس الحكومة السابق سيجد أن غلافها كان في مجمله مأسورا بالماضي؛ ماض لسان حاله يقول: “دعونا نتفق على مبدإ التنازلات المشتركة من أجل صيغة توافقية” فمرة يلوم و يعاتب و مرة يطالب و يرفض أما “الصفحة الثانية” فقد شكلت رسالة جوابية على ما ورد في الغلاف الأول تاركة المساحة لتأويلات عديدة.
فبين المؤسسة الملكية و محيط القصر و دخول حزب الإتحاد الإشتراكي للحكومة و استعدادات الأمين العام الحالي لحزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش للإنتخابات القادمة في الواحد و العشرين بعد الألفين و حراك الريف لم يفت الرجل إعادة خلط الأوراق و “تكريم” شخصه و شبيبته التي كانت أول المدافعين عن ولاية ثالثة بتمرير سكة جديدة توضح معالم القادم من الأيام
و تؤكد أن المواجهة مع حلفاء اليوم (حزب التجمع الوطني للأحرار) قادمة لا محالة.
(“من حقك السي عزيز أخنوش تفوز بانتخابات 2021، ولكن بغينا نعرفو شكون الشوافة اللي قالت ليك هادشي، وشكون عطاك هاد الضمانة، راه 2021 باقا موصلات”. “السي عزيز أنت تعرف موقفي منك، قبل أن يقع ماوقع، وتعرف أن علاقتي بك طيبة، ولذلك بغيت نقول ليك أن زواج السلطة والمال خطر على الدولة”.
“أنت عندك الغاز والمال مبارك مسعود، ولكن متزيدش السياسة حتى هي، ومتكررش التجربة البئيسة ديال الحزب المعلوم، وأنصحك بالحذر من الذين يحيطون بك، وشوف واش باغينك على فلوسك، ولا على شي حاجة أخرى”)
بهذه العبارات نفض الرجل المثير للجدل الغبار على رؤية لملم بها جراح حزبه و أثث لصراع جديد يلوح دخانه في الأفق على غرار الصراع السابق مع حزب الأصالة و المعاصرة. بنكيران بدى أنه يعي جيدا أخطاءه السابقة و أكثر من ذلك بدى أنه متأكد أن لا تنظيم و لا حزب سياسي غير حزبه قادر على إيقاف مشروع زواج السلطة و المال الذي حذر منه لذلك تمسك بثراء الماضي و غناه و هو ما يلمسه المستمع لخطابه إذ سيجد في نفسية الرجل رغبة جامحة في العودة بحنين لقاموس الأسطوانات القديمة لكن لكل عصر إيقاعه و جديد الاسطوانات أنها لن تقرأ في الجهاز السابق لكنها ستسمع في تطبيق حديث! أما لباس النضال فسيكتسي لون المعركة على مقاس شبيبة الحزب التي تشكل الدعامة و القاعدة الأولى لضوء المصباح الذي خفت في عيادة الطبيب، هذا الأخير الذي سيجد نفسه مثل تلك الفتاة التي تكره الكعب العالي لأنها تحتاجه إذ سيكون على رئيس الحكومة الحالي السير مائلا متمايلا و كأنه يقول ما ضرر الإستقواء بالحليف على نيته السيئة!؟ ألم تلمس أيادي الثري أخنوش بموافقة بنكيران ميزانية صندوق التنمية التي قدرت في 5500 مليار سنتيم!؟
ألم يقبل بنكيران لسواد عيون أخنوش حرمان بنعبد الله من الأمر بالصرف في نفس الصندوق حيث تنازل على 40% من تدبير ميزانيته. ثم ما قول بنكيران في 2100 مليار سنتيم الممنوحة لمخطط التسريع الصناعي!؟ بنكيران انتظر أيضا اكثر من شهر لينتخب أخنوش لتشكيل الحكومة و طيلة المدة لم نسمع زواج المال و السلطة! يتساءل الطبيب و بعض المتابعين!؟
لكن بصفحة حرة مشتركة يفضل الأمينان العامان السابق و الحالي نهاية المطاف حفر نفق الإحباط و تدويره بحجر داكن يترك مجالا لمرور شيئ من الضوء بعنوان منطوقه صديقي العزيز.. كن صديقي! و مفهومه لكم أن تنزعوا آخر طعنة فالندوب و الجروح تلتئم و حزب العدالة و التنمية يصطحب موسيقاه أينما ذهب ليسمعها إيذانا بحرب العجائز المراهقين.
محمود هرواك من مراكش الحمراء
مملكتنــــــــــــا.م.ش.س