الحيف السياسي في ظل اللوبي القَبَلِي

الخميس 21 مارس 2019 - 17:42

الحيف السياسي في ظل اللوبي القَبَلِي

جمال زورار 

لا يمكن أبدا تجاهل أشراط عديدة في خلفية الفرد السياسي إذا أردنا صياغة نظرية سياسية تؤسس لديمقراطية إجتماعية رصينة، تتطور على سراط محدد المعالم والأهداف الحضارية للأمة.
وعليه فإن دور “الضمير السياسي” يبقى محوريا في توجيه هذا التبلور دون تملص أو تجاهل لمتطلبات دولة التعددية الهوياتية والسياسية ليتحرك في قطبين مختلفي الخصائص وهما الأمن والإقتصاد فقط، دون مراعات لباقي الخصائص على لوحة الحكامة التدبيرية الجيدة. وقد يحتمي من يأبى الخوض في النسق السياسي بحائط الديموقراطية الأغلبية الكلاسيكية حيث تضيع الحسابات بين معادلات عديدة، المجهول فيها هي الصورة النهائية المؤمولة، ليطفو على السطح منطق الآلية دونما منطق النظرية.
و قد أسلفت الخوض في مساوئ الديموقراطية الأغلبية حيث وسمتها في مقال سابق ب “الأغنوقراطية” نسبة للأغلبية الجاهلة كموقف أصلي من أغلبية تجهل كل شيء عن نفسها، ذلك أن كلّ فرد فيها لا يعرف من موقعه الإعتيادي المعيشي سوى المعلومات التي بحوزته أو يحتك بها في فترة وجيزة إبان إنتخابات أقرب إلى» مركاتو « منه إلى » أكورا « سياسية واعية بأهدافها الوطنية و الحضارية. وهو واقع تعيشه بشكل عام أغلب دول العالم الثالث.
و قد يحتمي آخر ب “التناوب” و» المداولة «بين مختلف المتدخلين كهيآت و مؤسسات العيب فيها ذاتي بامتياز حيث يضيع مطلب العدالة » التمثيلية « من داخل هياكلها في غالب الأمر لصالح الوضعية الإعتبارية الإقتصادية المقرونة بالقبلية، بعيدا عن الصبغة الأيديولوجية التي أصبحت خارج الموضة و بعيدا أيظا عن فروض العدالة السياسية المجالية الضامنة لمبدأ تكافئ الفرص السياسية بين الجميع و هنا التكافئ لا ترجمة له إلا بتساوي الحصص التمثيلية من داخل المؤسسات كلها…
مشهد كهذا يوفر ظروف تكون ونمو اللوبي السياسي الإقتصادي القبلي ربما بشكل بطيئ لكن بوضوح يسهل على العين السياسية التقاطه وفك شيفرته النسقية وآثاره السلبية المختلفة و تهديداته. ولطالما ارتبط المفهوم الكلاسيكي للوبي بجماعات الضغط التي تؤثر على سياسات المؤسسات والشركات بل وحتى سياسات دول بأكملها، حيث تسعى دائما لتحقيق مصالحها وأهدافها أيا كانت الوسيلة استنادًا على الأيدلوجيات والأفكار الخاصة بها.
إلا أن هذا المفهوم يأخذ منحى أكثر وبائية وخطرا عندما يستند المعنيون إلى مبدأ القبيلة والهوية الضيقة في تحصين الموقع والمصلحة بشكل عرقي يضاهي النازية فيما سبق من تجارب إنسانية تاريخية. وهو ما يكرس ميكانيكيا لدى باقي المكونات المجتمعية إحساسا بالتهميش والإقصاء والدونية كما يكرس “غربة سياسية” تبعدها عن الدينامية التنموية وجدوى الانخراط فيها
.
و هنا يبرز الدور المحوري ل “الضمير السياسي” في المبادرة و التوجيه و تشذيب الهيكل التنظيمي السياسي بما يضمن :
حق المشاركة السياسية لجميع الروافد : وذلك من خلال ضمان تمثيلية عادلة و دائمة لجميع الروافد في ظل الوحدة الوطنية و التي اعتبرها قدس المقدسات. وهي عدالة تأسيسية و مبدأية زمنيا أي يجب العمل عليها حتى من داخل التكتلات كل وا حدة على حدة بما يضمن في محصلة العملية التنوع المطلوب.
 
التمثيلية القطاعية: وهي ركن من أركان الحكامة والتدبير الجيد من خلال ممثلين “فعليين” ذوي خبرة وحنكة بما يضمن متابعة حقيقية و تفاعلا واقعيا، مثمرا و شاملا دون أضرار جانبية أو تأثيرات على باقي فسيفساء الإقتصاد الوطني.
 
الكفاءة والأهلية: و هنا يجب أن يقف المؤطر بشكل حازم أمام هذا الشرط التنموي الأساسي بعيدا عن أسباب المجاملات، كورقة مرور لا غنى عنها في تجديد و تجويد النخب السياسية من خلال خطة متوسطة المدى عنوانها الحزم و الحس الوطني في استشراف متطلبات المستقبل القريب.
 
مقالي هذا و بشكل مقتضب وصفة إحترازية، هو “ومضة” تحذير من اللوبي السياسي الذي قد يتحول لا قدر الله إلى كارتل سياسي لا “يسمع” إلا ما تمليه عليه مصلحته القبلية العشائرية و الإقتصادية، مقالي دعوة لحصة تأمل و مراجعة، دعوة إلا إعادة ظبط إيقاع الوتيرة الساسية بما يضمن “التوازن الماسي” الذي كان و لا يزال نواة “الإستقرار” و التنمية المنشودة »للجميع« و» بالجميع «

مملكتنا.م.ش.س

Loading

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 - 09:10

خطير جدا .. اغتيال مؤجل .. داخل كواليس خطة جزائرية مفترضة لتصفية ممثل “حماس” بالجزائر

الجمعة 5 سبتمبر 2025 - 07:25

الزفزافي يوجّه رسالة جديدة .. مراجعات فكرية وإشارات إيجابية نحو المصالحة الوطنية

الجمعة 29 أغسطس 2025 - 12:47

الهدهد .. لوبيات غاضبة وأقلام مأجورة ضائعة .. المغرب يصنع التاريخ ومن وراء مقالات “لوموند” يَئِن !

الأربعاء 27 أغسطس 2025 - 22:14

الافتتاحية الصباحية .. حين يسقط الإعلام الجزائري في امتحان الحموشي