ليلى أطوف .. المتأسلمون و جنون العظمة
ليلى أوطوف
تعتبر زيارة قداسة البابا إشارة ضمنية تحمل ما عظم شأنه من معاني ، و خاصة ان الزيارة تمت بموجب دعوة من الملك محمد السادس . ضمنيا تحمل الزيارة رسائل مشفرة للشعب المغربي و خاصة من لا يؤمن بالاختلاف و حرية المعتقد و يظن أنه المكون الواحد الأحد للبلاد دينا و هوية و عرقا و لغة إنها فرصة ليتعود المجتمع على تقبل الاختلاف و نبذ التعصب و التطرف و عظمة الأنا .
إثر تصفحي لوسائل التواصل الإجتماعي تفاجأت بالغضب العارم الذي عم صفوف أغلبية المعلقين حول الحفل الذي أدته الاوركيسترا أمام الملك و قداسة البابا بمعهد تكوين الأئمة . و بالذات دمج الموسيقى مع الأذان و باقي التراتيل المسيحية و اليهودية ، معتبرين الأذان مقدسا رافضين تدنيسه بباقي الترانيم . بداية، الأذان لا يصل إلى درجة القدسية لأنه مجرد نداء للصلاة ، و إن سلمنا بقدسيته فما علينا إلا التسليم بقدسية منبه الساعة أيضا .
إن الطبيعي في المقدس أنه يقودنا إلى الصفاء و الحب و التسامح و الإحترام و تقبل الاختلاف شكلا و لونا و فكرا و ملة (….) ، عوض النرجسية و جنون العظمة الذي جعل كتائب السلفية يضعون كل خارج عن نحلتهم و ملتهم في خانة المتدني الذي لا و لن يعلو مقامه عنهم .
هكذا مبادرات ستجعل المجتمع يألف شيئا فشيئا مظاهر الإختلاف و التنوع و المساواة بين الجميع ، فلإسلام ديانة سماوية كباقي الديانات و معتنقوه في المرتبة نفسها لمعتنقي باقي الديانات ، بل أنه لمن الوجب إخضاع الإسلام الراديكالي للعقل النقدي كسائر الديانات و الإيديولوجيات .
لنستطيع مواجهة المد السلفي الوهابي و الإخواني المستورد الذي استعمر ثقافتنا المحلية التي عرفت بالتسامح و التنوع، و حاولوا إلباس طابع البداهة للتطرف و العنف و العنصرية ضد الديانات و الأقوام المخالفة لهم و كل من جعلهم محل انتقاد ، بل سعوا إلى اعادتنا لحياة البدو و الجاهلية التي اعتادوا عليا فيما مضى . لذا فمن الضروري إغلاق سبل الزحف حول هويتنا الحقيقية من طرف شرذمة تجار الدين بكل ما أوتينا من إمكانيات .
دون غفل منابر التحريض على التطرف و على رأسهم رابطة العلماء المسلمين ، و التي تضم بعض الشيوخ المغاربة أرباب خطابات الكراهية الذين تسللوا إلى بيوتنا و اكتسحوا أذهاننا حتى صار البعض منا يسلم بصحة أننا الجنس الأسمى و الأعظم على وجه الأرض .
إن حديثنا عن التطرف يقودنا إلى استحضار ضرورة التسلح برغبة و إرادة سياسية قوية تتطلع إلى وضع إستراتيجية محبكة واضحة المعالم لصد كل أنواع التطرف التي قد نصادفها .
وبالتالي المستهدف الأول هو النظام التعليمي ، لأن التعليم هو الوسيلة الوحيدة و السبيل الوحيد للحد من تمدد خطاب الكراهية و الإستثمار في الناشئة ، لنشر قيم المحبة و التسامح و المساواة و القطع مع جميع أشكال و مظاهر التطرف و اللاتسامح و الحقد على من لا ينتمي إلينا .
مملكتنا.م.ش.س