مُبارزة الموت هكذا أنتهت جمهورية نابليون اعبابو والجنرال المدبوح بعد ساعات من الإنقلاب ” الجزء 3 ”
عبد اللطيف الباز
غادر الكولونيل امحمد اعبابو قصر الصخيرات رفقة أغلب الجنود والضباط صوب مدينة الرباط العاصمة لإستكمال الإنقلاب هناك وتشكيل مجلس الثورة ، وترك في قصر الصخيرات شقيقه الأكبر المقدم محمد رفقة بعض الضباط والجنود لإستكمال البحث عن الملك وكذا حراسة الرهائن .
هكذا إذن غادر اعبابو قصر الصخيرات تاركا وراءه صفحة حافلة من الإجرام . 99 قتيل وعشرات الجرحى خلفهم اعبابو وراء ظهره ، مصائب الدنيا والدين اقترفها الشاب الشرس الملهم الطموح في دقائق معدودات .
في الرباط حاصر جنوده مبنى الإذاعة والتلفزة وأجهزوا على الوحدة العسكرية التي كلفت من النظام لحراستها,في هذه الأثناء استعاد فيها الملك زمام الأمور وكلف وزير الداخلية محمد أوفقير بإنهاء الإنقلاب وعينه منذ حينها وزيرا لدفاع ، وبسرعة تحرك الجنرال أوفقير واستعاد السيطرة في قصر الصخيرات وتم القبض على الضباط والجنود الموالين ﻟـ امحمد اعبابو في أنحاء الصخيرات ثم أرسل أوفقير الجنرال البشير البوهالي إلى الرباط لوقف جنون امحمد اعبابو ،
اعبابو توجه إلى المستشفى وقام باستخراج الرصاصة من كتفه بدون تخدير .بخطى ثابتة نزل الكولونيل امحمد اعبابو درج مبنى القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية بالرباط و دراعه الأيسر لا يزال ينزف دما بعد أن اخترقته رصاصة أصابه بها الكولونيل لوباريس,محاولا منعه من الهجوم على قصر الصخيرات,في حين كانت يده اليمنى ما زالت متشبثة بالسلاح,وراءه توارى جنود من المدرسة العسكرية لأهرمومو مختبئين خلف نوافد القيادة العامة وأسوارها,وأسلحتهم موجهة الى الجانب الآخر.في الضفة الأخر كان الجنرال البشير البوهالي يتقدم هو الآخر بخطوات لا تقل ثقة في اتجاه بوابة المبنى الدي يرأسه بصفته جنرال ماجور للقوات المسلحة الملكية.
وخلفه تماما رابضت وحدات من اللواء الخفيف للأمن قدمت لتحرير المبنى من الانقلابيين.كان الوضع أقرب الى مشهد من أحد أفلام الويستيرن الأمريكية.الرجلان وقفا في مواجهة بعضهما البعض ولا تفرق بينهما الا أمتار قليلة.ولم تكد تمضي الا ثوان تبادل خلالها الرجلان كلمات حادة وبعض الشتائم حتى عمت لعلعة الرصاص أرجاء المكان,وبعد أن أفاق الجميع من دهشة ما حدث اكتشفوا أن الرجلين معا ممددان على الأرض,في جانب كان جسد الجنرال البشير البوهالي مات لحظتها أما الكولونيل امحمد اعبابو فمازال حيا لكنه مصاب إصابة بليغة ، فأمر أقرب المقربين إليه الضابط الوافي عقا بالإجهاز عليه برصاصة الرحمة ، رفض عقا فتح النار على قائده ؛ فنظر اعبابو بحدة في عيني عقا قائلا : “قلت لك أطلق علي النار وهذا آخر أمر أصدره لك”.
فأطلق عقا النار على اعبابو . ومع صدى رصاصة عقا ؛ انتهت جمهورية اعبابو التي دامت لساعات، وانتهى معها فيلم أكشن ورعب بدون مخرج ولا كاميرات ..كان المشهد مقدمة لنهاية يوم أريقت فيه الكثير من الدماء حوالي 500 قتيل.
بدأ من قصر الصخيرات وانتقل الى وزارة الداخلية ومبنى الاداعة الوطنية واستمر الى القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية.انتهى الانقلاب تلك النهاية المعلومة، صحيح أن جمهورية أعبابو قائد انقلاب صخيرات لم تستمر إلا ساعات قليلة وسقطت، لكن كلفتها كانت باهظة للغاية على المغرب الحديث حيث أنتجت مأساة سجن تازمامارت الرهيب (غوانتنامو ذالك العصر).
قضى تسعة جنرالات من أصل خمسة عشر في انقلاب الصخيرات والتصدي له، هو ما وُصف بالكارثة العسكرية.
مملكتنا.م.ش.س