تعتبر هذه المبادرة ثمرة مسلسل تشاوري موسع على المستوى الوطني والمحلي انخرطت فيه كافة الأحزاب السياسية والمواطنين والمنتخبين بالمنطقة، من خلال المجلس الإستشاري للشؤون الصحراوية، بهدف الوقوف على مختلف وجهات النظر المتعلقة بصياغة مشروع للحكم الذاتي في الصحراء. و استكمل هذا المسلسل بإجراء مشاورات على المستويين الإقليمي والدولي حول المبادرة المغربية من أجل الإطلاع على وجهات نظر البلدان المعنية والمهتمة بهذا النزاع الإقليمي.
تضمن المملكة المغربية، من خلال هذه المبادرة، لكافة الصحراويين مكانتهم اللائقة ودورهم الكامل في مختلف هيئات الجهة ومؤسساتها، بعيدا عن أي تمييز أو إقصاء. ومن هذا المنطلق، سيتولى سكان الصحراء، وبشكل ديمقراطي، تدبير شؤونهم بأنفسهم من خلال هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية، تتمتع باختصاصات حصرية. كما ستوفر لهم الموارد المالية الضرورية لتنمية الجهة في كافة المجالات، والإسهام الفعال في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمملكة.
تشكل هذه المبادرة حلا وسطا، وتنسجم مع الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ومبدأ حق تقرير المصير. ويخضع نظام الحكم الذاتي لجهة الصحراء المنبثق عن المفاوضات لاستشارة استفتائية للسكان المعنيين.
وفي محاولة يائسة لإفشال هذه الدينامية الجديدة قدمت “البوليساريو” اقتراحا مبنيا على أطروحات متجاوزة ولا يتضمن أي جديد من شأنه الإسهام في حل هذا النزاع الإقليمي حول الصحراء.
وفي 30 أبريل من سنة 2007 تبنى مجلس الأمن القرار رقم 1754 الذي مثل نقطة تحول في مسار هذه القضية، مرتكزا على أهم النقاط التالية:
عدم وجود أية مرجعية إلى المقترحات السابقة لاسيما مخطط بيكر الثاني؛
دعوة الأطراف ودول المنطقة لمواصلة التعاون التام مع الأمم المتحدة ومع بعضها بعضا لوضع حد للمأزق الراهن ولإحراز تقدم نحو إيجاد حل سياسي؛
تقدير الجهود المغربية المتسمة بالجدية والمصداقية؛
تكريس التفاوض كمنهجية مدعومة من طرف المجتمع الدولي لحل هذا النزاع وكوسيلة للإستجابة إلى حق تقرير المصير؛
طلب الأطراف للدخول في مفاوضات دون شروط مسبقة وبحسن نية، مع أخذ التطورات الحاصلة في الحسبان من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الأطراف؛
و باختيار مجلس الأمن لهذا التحول الحقيقي وتبنيه في القرار رقم 1754، سارت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نفس السياق للقطيعة مع المقاربات السابقة.
وتطبيقا للقرار رقم 1754، دعا الأمين العام للأمم المتحدة الأطراف ودول المنطقة لجولتي التفاوض الأولى والثانية التي انعقدت على التوالي في 18 و 19 يونيو وفي 10 و 11 غشت 2007 بمانهاست.
وتأكدت هذه القطيعة بتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة وبدون تصويت للقرار رقم A/62/116 بتاريخ 17 دجنبر 2007 تأييدا للمقاربة المنصوص عليها من طرف مجلس الأمن التي وسعت مجال الحق في تقرير المصير ليشمل كافة الأشكال الممكنة للتعبير عنه، بشرط أن تكون متوافقة مع الرغبات المعبر عنه من طرف السكان المعنيين ومنسجمة مع المبادئ المعبر عنها بوضوح في القرارين 1514و 1541 والقرارات الأخرى.
وهكذا فإن قرار الجمعية للأمم المتحدة لم يشر إلى المخططات السابقة المتجاوزة ودعم بحزم قرار مجلس الأمن رقم 1754 كما نوه بمسار عملية التفاوض. وبهذا تكون الجمعية العامة للأمم المتحدة قد سارت على نفس خطى قرارات مجلس الأمن.
أكد القرار رقم 1783 الذي تبناه مجلس الأمن في أكتوبر 2007 إيجابية المبادرة المغربية والمجهودات التي بذلها المغرب منذ 2006، في إشارة إلى الإجراءات التي اتخذتها المملكة المغربية من أجل صياغة وتعزيز وتقديم عرضها حول الحكم الذاتي.
وفي ختام الجولات الأربع من المفاوضات التي عقدت بناءا على قرارات مجلس الأمن 1754 و 1783 في يونيو وغشت 2007، وفي يناير ومارس 2008، دعا أوصى الأمين العام في تقريره رقم S/2008/251 الصادر بتاريخ 14 أبريل 2008 الأطراف إلى الإنخراط في مفاوضات مكثفة وموضوعية مع التحلي بالواقعية والرغبة في التسوية.
وفي التقرير نفسه، أكد الأمين العام أن مبعوثه الشخصي سيحيط الأطراف ومجلس الأمن بخريطة طريق، مما سيتقاطع بشكل واضح مع التقييم الذي سيجريه فيما بعد مبعوثه الخاص السيد فان والسوم.
وهكذا أوضح المبعوث الخاص للأمين العام، السيد فان والسوم، أمام مجلس الأمن بتاريخ 21 أبريل 2008 أن استقلال الصحراء الغربية ليس خيارا واقعيا وأن استقلال الصحراء هدفا لا يكمن تحقيقه.
يعتبر هذا الإستنتاج نتيجة لتقييم بناء من طرف المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة اعتبارا لانخراطه القوي في هذا الملف واتصالاته مع كافة الأطراف، ومشاوراته مع باقي أعضاء المجتمع الدولي المعنية والمهتمة بهذا النزاع الإقليمي.
وفي قراره رقم 1813 لسنة 2008 يؤكد مجلس الأمن دعمه الكامل للجهود التي يبذلها الأمين العام ومبعوثه الشخصي، ودعا الأطراف إلى مفاوضات مكثفة وجوهرية، كما شدد على دعوة الأطراف للتحلي بالواقعية والرغبة في التسوية بهدف مواصلة المفاوضات.
وفي تقرير قدم خلال الدورة 63 للجمعية العامة للأمم المتحدة تحت رقم A/63/137 بتاريخ 15 يوليوز 2008 (الفقرة 9)، أعرب الأمين للأمم المتحدة عن اتفاقه مع المبعوث الشخصي على أنه لا يمكن الحفاظ على مسار المفاوضات إلا بمحاولة التوصل إلى وسيلة للخروج من حالة الجمود السياسية الراهنة من خلال تحلي الطرفين بالواقعية وروح التوافق.
ومع ذلك صعدت الجزائر و”البوليساريو” من هجماتهما المتسمة بالعنف ضد شخص وولاية المبعوث الشخصي الأممي مما يذكر بالموقف السابق الذي تبنته الجزائر إزاء السيد دي سوتو سنة 2004. وبموقفها هذا تؤكد الجزائر من جديد معارضتها لأي حل يسعى إليه المجتمع الدولي.
ورغم الترحيب بتبني اعتماد مجلس الأمن للقرار 1813، والذي يؤيد نهج الواقعية وروح التوافق، سارعت الجزائر و”البوليساريو” إلى جعل المبعوث الأممي هدفا لهجماتهما إلى حد إعلان القطيعة ورفض وساطته.
تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة وبدون تصويت، بتاريخ 5 دجنبر 2008 القرار رقم 63/105، الذي أقبر نهائيا المقاربات المتجاوزة والعقيمة التي أثبتت الأمم المتحدة عدم قابليتها للتطبيق وكرست المرجعية المتعددة والأشكال المختلفة لمبدأ حق تقرير المصير. كما عززت كذلك مركزية التفاوض للتوصل إلى حل يحظى بقبول الأطراف الأخرى كما نصت عليه قرارات مجلس الأمن 1754، 1738، 1813.
بعد نهاية مهمة السيد فان والسوم، عين السيد الأمين العام السيد كريستوفر روس مبعوثا شخصيا جديدا للعمل مع الأطراف ودول الجوار على أساس قرار 1813 والقرارات السابقة، مع الأخذ بعين الإعتبار التطورات الحاصلة من أجل التوصل إلى حل دائم وعادل ومقبول من الأطراف المعنية بقضية الصحراء.
شكلت الزيارة الأولى للسيد كريستوفر روس للمغرب وللمنطقة في الفترة ما بين 18 و 24 فبراير 2009 مناسبة للقاء الأطراف من أجل الإطلاع على وجهات نظرهم حول المراحل المقبلة للمفاوضات ودراسة الظروف اللازمة لتهيئة الجولة الخامسة من المفاوضات التي انطلقت سنة 2007.
أكد المبعوث الأممي الجديد التزامه بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1813 في إطار استمرارية العمل الذي قام به السد فان والسوم، والدخول في مرحلة مكثفة وجوهرية من المفاوضات على أساس المقترح المغربي بخصوص الحكم الذاتي.
جاء تقرير الأمين العام حول الصحراء المغربية تحت رقم S/2009/200 بتاريخ 13 أبريل 2009 ليؤكد أولية القرار رقم 1813 وضرورة انخراط الأطراف في مفاوضات معمقة مع التركيز على أهمية الإعداد الجيد للجولة المقبلة من المفاوضات وذلك بعقد اجتماعات تمهيدية مصغرة.
تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم 30 أبريل2009 القرار رقم 1871 الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع, والذي يجدد ويؤكد دعم المجلس لكافة مقتضيات القرار 1813 لأبريل 2008 معززا بذلك المرجعية الأساسية التي لا محيد عنها والتي وضعتها الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي ونهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية .
وبموجبه حافظ مجلس الأمن على أحكام القرار 1813 برمته, مما يضع بشكل دائم, عمل الأمم المتحدة وجهود المبعوث الشخصي للأمين العام, في إطار الاستمرارية, رافضا بذلك منطق العودة إلى الوراء الذي تقترحه الأطراف الأخرى, ومعززا في نفس الوقت وبشكل أقوى المسلسل الذي انطلق منذ أبريل 2007 بفضل المبادرة المغربية للحكم الذاتي.
كما أكد القرار مركزية مسلسل المفاوضات ورفض الانصياع لأساليب الابتزاز السياسي وممارسات التحرش والاستغلال التي واكبتها ومحاولات الالتفاف عن المنحى الأساسي المتمثل في المفاوضات.
أكد تقريرا لأمين العام للأمم المتحدة رقمS/2010/75 بتاريخ 6 أبريل 2010، من جديد على ضرورة قيام الأطراف بإظهار إرادة سياسية للانخراط في مناقشات جوهرية وضمان نجاح المفاوضات. بالإضافة إلى ذلك، يدعو التقرير المجتمع الدولي لإيلاء المزيد من الاهتمام لقضايا إجراء إحصاء اللاجئين و تنفيذ برنامج للمقابلات الشخصية.
تبنى مجلس الأمن القرار 1920، الذي تم اعتماده بالإجماع بتاريخ 30 أبريل 2010 ، معززا التوجهات الجديدة والمعايير الأساسية المنصوص عليها في القرارات الأخيرة لمجلس الأمن، والتي ينبغي أن تحكم استمرارية المسلسل السياسي، وتوجيه العمل الذي يقوم به المبعوث الشخصي للأمين العام للتوصل إلى حل سياسي.
بالإضافة إلى ذلك، صمم المجتمع الدولي على صون وتعزيز الدينامية الإيجابية التي نجمت عن تقديم مبادرة الحكم الذاتي المغربية. وكرر كذلك تقييمه الايجابي للجهود الجادة وذات المصداقية للمغرب للخروج من المأزق، وذلك من خلال الدعوة لمفاوضات مكثفة وجوهرية مبنية على أساس الواقعية وروح التوافق، مع الأخذ بعين الاعتبار الجهود المبذولة منذ عام 2006.
يعبر هذا القرار، على أن استمرار الوضع الراهن ليس مقبولا على المدى الطويل، ويؤكد على الحاجة إلى إحراز تقدم، ويدعو الأطراف ودول المنطقة للتعاون بشكل وثيق وكامل مع الأمم المتحدة ومع بعضها البعض لكسر الجمود والمضي قدما نحو حل سياسي. كما يدعو الأطراف إلى إظهار المزيد من الإرادة السياسية في المفاوضات، وذلك في إطار الأولوية المعترف بها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، من خلال محتواها الغني والعميق ورؤيتها الإستراتيجية، وتطابقها مع للقانون الدولي وطابعها الديمقراطي المفتوح وفلسفتها التي تدعو إلى منطق التسوية و”الحل الثالث”.
تبنت اللجنة الرابعة خلال الدورة 65 للجمعية العامة للأمم المتحدة، دون تصويت، بتاريخ11 أكتوبر2010، القرار رقم A/C.4/65/L.5 بشأن قضية الصحراء، الذي يدعم عملية المفاوضات الجارية، ويشدد على مسؤولية الأطراف ودول المنطقة من أجل التعاون التام مع الأمين العام ومبعوثه الخاص ومع بعضها البعض للتقدم نحو إيجاد حل سياسي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
عقد الاجتماع الثالث غير الرسمي تحت رعاية المبعوث الشخصي للأمين العام في 8 و9 نوفمبر 2010، بمشاركة جميع الأطراف، وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 1920. و خلال هذا الاجتماع، شدد المغرب على ضرورة إعطاء دفعة جديدة للمفاوضات حول الصحراء، من خلال اعتماد منهجية مغايرة لكسر الجمود الحالي. ولقي هذا الإقتراح قبولا من طرف المبعوث الشخصي، السفير كريستوفر روس.
كما أكد المغرب استعداده لمواصلة المفاوضات على أساس آليات مجلس الأمن وبوجه خاص على أساس مبادرة الحكم الذاتي المغربية، التي تمت الإشادة بجديتها ومصداقيتها من طرف المجتمع الدولي.
و أعرب المغرب أيضا عن استعداده للتفاوض حول حل واقعي وقابل للتحقيق على أساس مبادرة الحكم الذاتي المغربية، التي جرى التأكيد صراحة على أولويتها من طرف مجلس الأمن. وقد أكد المغرب من جديد على عدم جدوى المخططات السابقة التي لازالت الأطراف الأخرى متشبثة بها وعدم إمكانية القيام باستفتاء على أساس خيارات غير قابلة للتطبيق.
ـ في إطار استمرار مسلسل المفاوضات، كان الاجتماع الرابع غير الرسمي، الذي عقد تحت رعاية المبعوث الخاص للأمين العام في منهاست في 16و17و18 ديسمبر 2010، فرصة للوفد المغربي لتقديم عدد من المبادرات والمقترحات لإعطاء فرصة أكبر للتفاوض، وتسريع وتيرتها وتحسين جودتها وفعاليتها. كما كان مناسبة أيضا لإثارة الإنتباه إلى ضرورة عدم حصر الجولات التي يقوم بها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء في إعداد جولات التفاوض فقط، وإنما إدراجها ضمن دينامية تهدف للإستماع للموجودين في المنطقة، اللذين يمكنهم المساهمة في تسهيل العملية من أجل التوصل إلى حل يخدم مصالح المغرب العربي.
وأعرب الوفد عن الإرادة القوية للمغرب من أجل التوصل إلى حل نهائي لقضية الصحراء على أساس واقعية مبادرة الحكم الذاتي المغربية التي رحب بها المجتمع الدولي بأسره، مشيرا إلى إن خطة الحكم الذاتي تمثل فرصة حقيقية لجميع شعوب المنطقة.
في الاجتماع غير الرسمي الخامس الذي انعقد في الفترة من 21 الى23 يناير2011 في غرينتري، بالولايات المتحدة، قدم المغرب عدة أفكار عملية لتسريع وتيرة المفاوضات حول الصحراء، وأكد من جديد استعداده لإيجاد حل سياسي للنزاع الإقليمي على أساس مشروع الحكم الذاتي. وتتعلق هذه الأفكار بعملية المفاوضات وليس بالحل السياسي. وطرح الوفد المغربي فكرة تنويع مهمة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء وتوسيع نطاق المشاركة في المفاوضات ، لتشمل ممثلي الشعب من المحافظات الصحراوية ، ودراسة الوضع الفعلي للموارد الطبيعية في المنطقة وكذا الطريقة الإيجابية لاستغلالها لصالح السكان المحليين.
كان الاجتماع السادس غير الرسمي الذي عقد بتاريخ 7 و 8 و 9 مارس 2011 في” ميليها” (مالطة)، فرصة للمغرب لإصدار عدد من الملاحظات حول محدودية ما يسمى بمقترح “البوليساريو”، الذي يستند على أطروحات متجاوزة من حيث المرجعية والمضمون غير قابل للتنفيذ. لقد أعرب المغرب أيضا عن استغرابه لعدم قيام الطرف الآخر بمناقشة مسألة حقوق الإنسان التي كان قد أصر عليها في السابق.
– تبنى مجلس الأمن بتاريخ 27 أبريل 2011، القرار رقم 1979 حول الصحراء، مشيدا بالجهود التي تبذلها المملكة المغربية، من خلال مبادرته للحكم الذاتي والإجراءات المتخذة من قبل جلالة الملك محمد السادس، من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان على الصعيدين الوطني والإقليمي.
ويشجع هذا القرار أيضا، المقترحات المقدمة في إطار مقاربة جديدة لعملية التفاوض من خلال إشراك الممثلين الشرعيين للساكنة بالأقاليم الجنوبية للمملكة في المفاوضات والمناقشات الموضوعية بشأن قضايا تدبير الشأن العام المحلي.
ويشدد القرار أيضا على مسؤولية الأطراف الأخرى في المأزق السياسي الراهن والوضع المأساوي لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف في الجزائر.
فيما يتعلق بحقوق الإنسان، فان هذا القرار لا يشير إلى أية آلية دولية للمراقبة، ولكنه يرحب بالجهود التي يبذلها المغرب في هذا المجال. وبهذا لم يأخذ بعين الاعتبار مناورات الأطراف الأخرى لتشويه سمعة الإنجازات والإصلاحات المعلن عنها من قبل جلالة الملك، من خلال إنشاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط.
من جهة أخرى، نوه المجلس برغبة المملكة في تقوية التعاون مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة من خلال المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان. ولأول مرة طالب مجلس الأمن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للقيام بإحصاء الساكنة المحتجزة في مخيمات تندوف فوق الأراضي الجزائرية من أجل ضمان حماية دولية لهم وتمكينهم من التعبير عن إرادتهم السياسية من خلال إجراء مقابلات شخصية.
خلال انعقاد الدورة السابعة من المفاوضات غير الرسمية في مانهاست يومي 7 و 8 يونيو2011، أعربت المملكة عن ارتياحها لمصادقة مجلس الأمن على القرار 1979، والذي يدعو الجزائر إلى تمكين المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من تسجيل وإحصاء المحتجزين في مخيمات تندوف فوق الأراضي الجزائرية.
وبناء على ذلك، دعا المغرب، كل من الجزائر و”البوليساريو” إلى تحمل مسؤوليتهما كاملة في مجال حقوق الإنسان، مبرزا الإنجازات التي حققتها المملكة في هذا السياق، والتي ثمنها مجلس الأمن، مثل إنشاء المغرب لمؤسسة الوسيط، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان مع فتح تمثيلية له بمدينة العيون.
كما حث المغرب الأطراف الأخرى على تسهيل مهمة المفوضية السامية للاجئين من أجل إحصاء الساكنة المحتجزة في مخيمات تندوف.
كما تناولت هذه الجولة، قضايا تتعلق بالموارد الطبيعية وتمثيلية الساكنة الصحراوية. وبخصوص هذه الأخيرة، فإن المغرب أوضح أن “البوليساريو” لا يمكن أن يستمر في الإدعاء بأنه الممثل الوحيد لهذه الساكنة.
خلال الجولة الثامنة من المفاوضات غير الرسمية التي عقدت في مانهاست من 19 إلى 21 يوليوز 2011، أكد المغرب على ضرورة إعطاء فرصة للمقاربة التجديدية للأمم المتحدة من أجل تسوية قضية الصحراء. مؤكدا عزمه على مساندتها لكونها تعطي دفعة جديدة لحل هذا النزاع، مع ضرورة إشراك ممثلين يتمتعون بالمصداقية والشرعية من طرف الساكنة.
أدان المغرب بقوة حالة الجمود غير المقبولة التي اختلقتها الأطراف الأخرى، وجدد نداءه للمنتظم الدولي وللجزائر، بصفتها البلد المستضيف للاجئين فوق ترابها، لتطبيق القانون الدولي الإنساني أولا وقبل كل شيء، خاصة ما يتعلق بتسجيل و إحصاء الساكنة التي تعيش بمخيمات تندوف بالجزائر.
كما أدان المغرب كذلك تنكر “البوليساريو” لالتزاماته المتعلقة بمعالجة قضية حقوق الإنسان، التي كان يطالب بها هذا الأخير سابقا والتي قبلها المغرب، المعروف بقوة ترسانته القانونية في هذا المجال.
وموازاة مع ذلك، ألح المغرب على ضرورة إشراك ممثلين شرعيين يحضون بالمصداقية من داخل الأقاليم الجنوبية، في الاجتماعات المقبلة، للإستماع إلى آرائهم وإدماج اقتراحاتهم والتفكير في حل نهائي لهذا النزاع.
تبنت اللجنة الرابعة للدورة 66 للجمعية العامة للأمم المتحدة، دون تصويت، في 10 أكتوبر 2011، القرار (A/C.4/66/L.5) حول قضية الصحراء، الذي يدعم عملية المفاوضات الجارية ويشدد على مسؤولية الأطراف ودول المنطقة على التعاون التام مع الأمين العام ومبعوثه الشخصي ومع بعضها البعض للتقدم نحو إيجاد حل سياسي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
فيما يخص البعد الإنساني المتعلق بالنزاع الإقليمي حول الصحراء، شارك المغرب في عدة لقاءات ومبادرات لغرض وحيد هو تخفيف معاناة سكان مخيمات تندوف بالجزائر. في هذا السياق، ينبغي الإشارة إلى أن برنامج الزيارات العائلية تم تعزيزه واستمر دون انقطاع، على الرغم من محاولات تسييس الأنشطة الإنسانية من قبل الأطراف الأخرى.
و في نفس السياق ، تم تنظيم ندوة، ذات طابع غير سياسي، حول الثقافة الحسانية، تحت رعاية المفوضية العليا للاجئين، في مادير بالبرتغال في سبتمبر 2011.
كما عقدت الأطراف، تحت رعاية المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبحضور المبعوث الخاص للأمم المتحدة، في جنيف، يومي 24 و 25 يناير 2012، الاجتماع الثاني لتقييم عملية تنفيذ تدابير بناء الثقة. حيث ساهم المغرب خلال هذا الاجتماع، بشكل إيجابي، من أجل اعتماد تدابير جديدة، تهم على الخصوص زيادة عدد المستفيدين من البرنامج الخاص بالزيارات العائلية عبر الجو و ذلك باستخدام طائرات أكبر حجمــــــــا. و اتفق الأطراف على عقد ندوتين أخريين، ذات طابع غير سياسي، واعتماد خطة عمـــل جديدة بشأن تدابير بناء الثقة.
خلال الجولة التاسعة من المحادثات غير الرسمية التي عقدت في مانهاست بين 11 و 13 مارس 2012، جدد المغرب التزامه القوي بالمساهمة بشكل فعال في إيجاد حل مبتكر يتجاوز الطرق التقليدية، من أجل الخروج بقضية الصحراء من الطريق المسدود، منددا بتصلب الأطراف الأخرى و إصرارها على مواقفها، خاصة ما يتعلق بإحصاء ساكنة مخيمات تندوف.
و أعرب المغرب في هذا الصدد، عن أسفه لكون عملية الإحصاء، التي تعتبر حقا إنسانيا غير قابل للمساومة، ومطلبا ليس فقط للمغرب بل أيضا للمجتمع الدولي، لم تنجز إلى غاية الآن، مشيرا إلى أن مجلس الأمن سبق له أن دعا في قراره رقم 1979 (2011) إلى تعداد السكان في مخيمات تندوف.
كما ذكر المغرب بأن مبادرة الحكم الذاتي هي مبادرة جريئة، جاءت تلبية لنداءات مجلس الأمن بالأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي، قابل للتفاوض ومقبول من الطرفين، موضحا أن هذه المبادرة تضل مفتوحة للنقاش والتفاوض.
و من جهة أخرى، أشار المغرب إلى أن الجولة التاسعة من المحادثات غير رسمية، جرت في سياق خاص يميزه التغييرات الإيجابية التي ولدت مع “الربيع العربي” ، والدينامية الجديدة في العلاقات المغاربية. و في هذا الصدد، أشار الوفد المغربي إلى أن هذا المعطى الإقليمي الجديد يتطلب من جميع الأطراف تغيير نظرتهم واعتماد نهج تقاربي جديد و بناء.
تبنى مجلس الأمن بالإجماع، يوم 24 أبريل 2012، القرار رقم 2044 (2012)، الذي جدد فيه تأييده للمعايير التي حددها المجلس من أجل التوصل إلى حل سياسي و نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء و تعزيزه لمسلسل المفاوضات كطريق وحيد لتسوية النزاع و دعم المقاربات المبتكرة.
أكد هذا القرار مرة أخرى، تميز المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وكذا المبادئ الأساسية للواقعية وروح التوافق، كوسيلة للتوصل إلى الحل السياسي الذي يدعو إليه المجلس.
كما عكس القرار، عزم المجتمع الدولي على دعم الالتزام الصادق و المسؤول لجميع الأطراف في مفاوضات مكثفة وجوهرية وتجنب الجمود و استراتيجيات التضليل.
رغم المحاولات المتكررة لاستغلال قضية حقوق الإنسان في الصحراء المغربية، رحب مجلس الأمن بالتدابير التي اتخذها المغرب، في إطار عملية تعميق الإصلاحات السياسية في المملكة. وأشاد المجلس، في هذا الصدد، بتفعيل المكتبين الإقليميين للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في العيون والداخلة، و كذا بالتفاعل الإيجابي مع الإجراءات الخاصة الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة.
من ناحية أخرى، جدد مجلس الأمن، للمرة الثانية، دعوته للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للعمل، وفقا لولايتها وممارساتها، إلى إحصاء ساكنة مخيمات تندوف، وذلك بالتشاور مع الجزائر، البلد المضيف. و عليه، فان هذه العملية لم تعد مجرد مطلب أخلاقي أو مسؤولية قانونية دولية؛ بل أصبحت التزاما سياسيا أكدته الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة.
أعربت المملكة المغربية عن أملها في أن يكون تبني القرار رقم: 2044، حافزا لاستمرار عملية المفاوضات في صفاء، بعيدا عن منطق الجمود الذي تعتمده الأطراف الأخرى.
نظرا للمرحلة المهمة التي تمر بها حاليا قضية الصحراء، أجرى المغرب تقييما شاملا للتطورات الأخيرة تلخص في الاستنتاجات الثلاثة التالية:
1 / الجمود في المفاوضات، بعد عقد تسع جولات من المفاوضات غير الرسمية، في غياب أي أمل في التقدم؛
2 / الانزلاقات غير المقبولة التي تم تحديدها في التقرير الأخير للأمين العام الأمم المتحدة، و التي تعتبر غير عادلة في حق المغرب؛
3 / الممارسات والتصريحات والمبادرات التي يقوم بها المبعوث الشخصي و خط سيره غير المتوازن والمنحاز، خلافا للمهمة الموكلة إليه من قبل الأمين العام للأمم المتحدة عبر رسالة تعيينه المؤرخة في يناير2009، وتعارضا مع المعايير التي حددها مجلس الأمن للأمم المتحدة.
تقاسم المغرب هذا التقييم مع الأمين العام للأمم المتحدة، وأخبره بسحب ثقته من المبعوث الشخصي للصحراء، السيد كريستوفر روس، مطالبا إياه باتخاذ التدابير اللازمة في هذا الصدد.
عين الأمين العام للأمم المتحدة، يوم 15 يونيو 2012، السيد ولفغانغ فايسبرود ويبر (ألمانيا) ممثلا خاصا جديدا ورئيسا لبعثة المينورسو، ليحل محل السيد هاني عبد العزيز، الذي انتهت ولايته في أبريل 2012.
شارك المغرب، يومي 19 و 20 سبتمبر 2012 بجنيف، في الاجتماع الثالث لتقييم البرنامج الخاص بتدابير بناء الثقة، الذي تشرف عليه مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR)، بين سكان الأقاليم الجنوبية للمملكة وعائلاتهم في مخيمات تندوف بالجزائر، و ذلك بحضور وفود من الجزائر وموريتانيا والبوليساريو.
خصص هذا الاجتماع، أساسا، لتقييم الزيارات الأسرية عن طريق الجوي، والندوات غير السياسية التي تم تنظيمها في إطار تدابير بناء الثقة و تنفيذها في إطار الولاية العامة للحماية الإنسانية للمفوضية السامية للاجئين و كذا وفقا للاتفاقيات الدولية المتعلقة بممارسات وقرارات المفوضية في هذا المجال.
قام المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بقضية الصحراء السيد كريستوفر روس، بزيارة للمغرب في 27 أكتوبر 2012. تندرج هذه الزيارة في إطار الجهود المبذولة لإحياء العملية السياسية الرامية إلى إيجاد حل سياسي و نهائي وتوافقي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
تأتي هذه الزيارة أيضا، اثر الاتصال الهاتفي ليوم 25غشت 2012، بين جلالة الملك محمد السادس، نصره الله والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الذي كان فرصة للتأكيد على ضرورة تحقيق تقدم في عملية التسوية على أسس صلبة و سليمة، و الامتثال للمعايير الواضحة الواردة في قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وخصوصا إظهار الواقعية وروح التوافق والاعتراف بالطابع الجاد و الصادق للجهود التي بذلها المغرب في إطار مبادرة الحكم الذاتي.
بتاريخ 28 نونبر 2012، قدم المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بقضية الصحراء، أمام مجلس الأمن تقريرا، و ذلك طبقا للقرار رقم 2044 لمجلس الأمن. ويأتي هذا التقرير على اثر اتصال صاحب الجلالة نصره الله، بالأمين العام للأمم المتحدة يوم 25 غشت 2012، و كذا بعد جولة السيد كريستوفر بالمنطقة والتي شملت المغرب (الرباط و أقاليم جنوب) والجزائر (الجزائر العاصمة، ومخيمات تندوف) وموريتانيا واسبانيا وفرنسا.
عزز التقرير موقف المغرب بشأن عملية المفاوضات في النقاط التالية :
الجمود في مسلسل التفاوض، و ضرورة إعطاء دينامية جديدة من خلال نهج جديد و ذلك مع التشبث بالمعايير الأساسية التي حددها مجلس الأمن من أجل تحديد رؤية لهذه العملية؛
ضرورة التمييز بين الأمور السياسية والعسكرية والإنسانية و تلك المتعلقة بحقوق الإنسان، موضحا أن الشأن السياسي يظل وحده من ضمن اختصاصات المبعوث الخاص؛
دور ومسؤولية الجزائر لإيجاد حل لهذا النزاع الإقليمي المفتعل، و ضرورة تطبيع العلاقات بين الجزائر والمغرب من أجل إحراز تقدم في المفاوضات؛
التهديدات الأمنية والتطورات في المنطقة التي تفرض تبني نهج جديد يقوم على قدر أكبر من التنسيق بين المغرب والجزائر من أجل مواجهة التهديدات بما فيها الأمنية في مخيمات تندوف.
لقي التقرير ردود فعل إيجابية من بعض أعضاء مجلس الأمن الذين جددوا دعمهم لعملية المفاوضات لإيجاد حل سياسي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية مؤكدين على الواقعية والجدية للمبادرة المغربية للحكم الذاتي كأساس لتسوية النزاع. كما أشادوا بجهود المغرب في تعزيز حقوق الإنسان من خلال الآليات الوطنية والتفاعل الإيجابي مع التدابير الخاصة بمجلس حقوق الإنسان. وأكدوا أيضا على ضرورة إعطاء إمكانية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين لإجراء التعداد العام لساكنة تندوف.
سيظل المغرب ملتزما بجدية وبحسن نية، بمبادرات وجهود الأمم المتحدة من أجل تخطي المأزق وإنهاء الوضع الحالي و التوصل إلى حل سياسي و واقعي ودائم ومقبول من الطرفين مرتكز على المبادرة المغربية للحكم الذاتي و على الاحترام الكامل لسيادة ووحدة تراب المملكة.
بقلم الشريف مولاي محمد الخطابي