التصــــــوّف حصن منيع ضد التطرف الديني في المملكة المغربية الشريفة
لطالما لعب التصوف في المغرب، دورا محوريا في مجابهة التطرف والأفكار المتشددة التي تميل نحو قراءة النص الديني وفق منظور يتخالف مع جوهر الدين الإسلامي السمح الذي ينبذ العنف ويحض على التسامح والتعايش في سلام.
وقد كان انتشار التصوف في المغرب بداية يهدف أساسا إلى نشر الإسلام إلى ما وراء الحواضر والمدن، حيث أنه بدأ منذ القرن الثالث عشر الميلادي يتوغل في الأرياف. من ثمة ومع مرور الزمن أضحى يمثل خصوصية تنطبع لدى أغلب المجتمع المغربي كونه ديدن للاعتدال والتسامح، ويناقض في جوهره كلّ فكر متعصّب من شأنه أن يبرّر العنف والتطرف باسم الدين.
هذا ويتميز المشهد الصوفي المغربي حاليا بتنوع الطرق والزوايا التي تمتد على طول التراب المغربي، ومن أشهرها؛ الطريقة الكتانية، العلوية، البودشيشية، الزاوية الريسونية، مجلس أهل الله، الطريقة البوعزاوية والطريقة المعينية.
في سياق متصل، ومع تصاعد وتيرة الأخطار الإرهابية المدفوعة بالتشدد الديني، في السنوات الأخيرة، خاصة بعد ظهور ما سمّي بتنظيم “الدولة الإسلامية” وسيطرته على قطاع واسع من سوريا والعراق وانتشار مناصريه في ليبيا ونيجيريا وغيرهما، وارتباط هذا التنظيم بشبكات تجنيد تستجلب له الشباب “المقاتل”، ممّن يملكون وعيا محدودا بجوهر الإسلام وطبيعته، من بلدان عديدة من العالم من بينها المغرب، أضحت مسألة التركيز أكثر على إحياء الفكر الصوفي في المملكة، ضرورة قصوى توليها القيادة المغربية ورجال الدين والمؤسسات الرسمية، وغير الرسمية، العناية اللازمة من أجل أن يكون التصوف الحصن المنيع الذي من شأنه أن يجابه التطرف.
وفي هذا السياق، فقد تموقع التصوف كعنصر أساسي ضمن استراتيجية إعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب. وهي استراتيجية وضعتها المملكة، من ضمن أبعادها تفعيل التصوف كمحدد للسلوك، بهدف مواجهة التيار السلفي المتشدد بصيغته التقليدية والجديدة. حيث اعتبرت السلطات أن مصدر الخطر يكمن في الأيديولوجية السلفية.
من جهتهم يرى مراقبون أنّ هذه الاستراتيجية المغربية التي تعوّل على الحركة الصوفية لمجابهة التشدد من شأنها أن تعالج ظاهرة الإرهاب وما يتعلق بها من تكفير، على اعتبار أنّ التصوّف يتعلّق بالذوق ومقام الإحسان وبعلوم التربية ومراتب السلوك٬ وأن زرع الفكرة الصوفية هي أول خطوة لهزم الفكرة الإرهابية٬ التي تتخذ الإسلام قناعا للمخادعة. فالتصّوف الإسلامي بما يحمله من قيم تحضّ على التسامح٬ ومن عمق اجتماعي وقدرة على الاقتراب من الناس والتفاعل مع مختلف فئاتهم ومحاورتهم حوار القلب للقلب٬وكذلك على دمج الثقافي والأدبي والفني٬ من شأنه أن يكون حصنا منيعا أمام تشدد المتطرفين ونزوعهم نحو الانغلاق.
كما يمكن أن يكون ضمانة لتبلور وعي جديد لدى الشباب يقيهم من الانزياح عن الوسطية والاعتدال نحو الغلو والتطرف.
مملكتنا .م.ش.س