المهدي بن بركة مناضل شهم نذر حياته خدمة للعمل السياسي الجاد والنضال الوطني الهادف
أجمع مشاركون في ندوة دولية نظمت مساء اليوم الجمعة بالرباط، على أن المهدي بن بركة، الذي مرت 50 سنة على اختطافه بباريس، مناضل شهم ، سياسي مغربي يساري من مؤسسي حزب الاستقلال نذر حياته خدمة للعمل السياسي الجاد والنضال الوطني الهادف.
المولد والنشأة
ولد المهدي بن بركة في يناير عام 1920 في الرباط بالمغرب.
الدراسة والتكوين
درس بكوليج مولاي يوسف في الرباط، وظل يعمل -مع الدارسة- محاسبا بسيطا في أسواق الجملة لمساعدة أسرته كان عضوا بالفرقة المسرحية داخل الكوليج الذي كان يدرس به أبناء المعمرين والأعيان فقط، واشتهر بتفوقه الدراسي، ويُروى أنه عندما كان المعلم يتخلف عن الحضور إلى الفصل، كان المهدي يُكلف بإلقاء الدرس بدلا منه.
حصل على أول بكالوريا عام 1938، كما حصل على دبلوم بشعبة الدراسات الإسلامية بعدها بفترة قصيرة.
سطع نجمه فلفت إليه انتباه المقيم العام الفرنسي الجنرال نوكيز الذي أرسله برفقة تلامذة متفوقين في رحلة إلى العاصمةباريس.
ولم تكد تمر سنة واحدة حتى نجح في تحقيق حلمه بدراسة الرياضيات وحصل على البكالوريا في هذا الاختصاص سنة 1939.
كان يريد أن يكمل دراسته في فرنسا، غير أن اندلاع الحرب العالمية الثانية دفعه لتغيير خططه، وتوجه إلى الجزائر وهي وقتئذ تحت الاحتلال الفرنسي، وحصل هناك على شهادة البكالوريوس في الرياضيات، ليصبح بذلك أول مغربي يحقق هذا الإنجاز.
الوظائف والمسؤوليات
بعد حصوله على البكالوريوس، تمكن بن بركة من الولوج إلى المدرسة الملكية في منتصف أربعينيات القرن العشرين لتدريس ولي العهد آنذاك الحسن الثاني ورفاقه مادة الرياضيات، فجمعت الدراسة بين الأمير والأستاذ، غير أن السياسة والطموحات الشخصية فرقتهما لاحقا.
التجربة السياسية
في عقدي الثلاثينيات والأربعينيات عصفت أحداث كثيرة بالمغرب الذي كان وقتها يرزح تحت نير الاحتلال الفرنسي، وتنامت ـ في هذه الأجواءـ مشاعر الوطنية في نفوس الشباب التواق إلى طرد المحتل.
في هذا السياق وقّع المهدي بن بركة يوم 11 يناير سنة 1944 ـوعمره 24 سنة فقط ـ على وثيقة المطالبة بالاستقلال التي طالبت فرنسا بالرحيل عن المغرب، وتسليم السلطة إلى القيادة الشرعية للبلاد ممثلة وقتها في السلطان محمد بن يوسف الملقب بمحمد الخامس.
أحدث صدور الوثيقة رجة سياسية في المغرب، فقامت مظاهرات حاشدة في الحواضر الكبرى وفي مقدمتها الرباط وسلا وفاس، وخرج الآلاف يطالبون بالاستقلال، ويؤيدون كل ما جاء في الوثيقة.
غير أن فرنسا اختارت التصعيد، واعتقلت كثيرين بينهم بن بركة الذي قضى في السجن بضع شهور قبل أن يخرج ويخصص له حزب الاستقلال ـوكان أحد مؤسسيه ـ استقبالا كبيرا.
أقلقت حيوية المهدي الاحتلال الفرنسي الذي قرر اعتقاله مجددا عام 1951 ونفيه إلى الصحراء جنوب البلاد، ووحدها زوجته من كانت تزوره مرتين في السنة، وكانت تحتاج إلى يومين كاملين لتصل إليه، بحسب ما حكاه ابنهما البشير.
لم يفرج عنه إلا عام 1954، أي بعد سنة من نفي محمد الخامس والأسرة الملكية إلى جزيرة كورسيكا.
نشط بن بركة في العمل السياسي المطالب بعودة الملك من المنفى وخروج المحتل الفرنسي، وطالب خلال عدة لقاءات جماهيرية بتوحيد الجهود السياسية لإخراج المحتل وعودة الشرعية الحاكمة ، وبفضل هذه المواقف وغيرها، تبوأ بن بركة بعد استقلال المغرب رسميا عام 1956 منزلة خاصة داخل هرم السلطة، حيث عُين في العام نفسه رئيسا للمجلس الاستشاري الذي ضم ممثلين من مختلف الهيئات السياسية والنقابية، وجعل منه بن بركة مدرسة للتدرب على ممارسة الديمقراطية.
مملكتنا.م.ش.س/و.م.ع