- تعد رياضة ركوب الخيل من أكثر الرياضات التي تجمع بين المتعة والتمارين التي تعزز اللياقة وتحسن الحالة النفسية وتزيد الشعور بالثقة. وتتطلب هذه الرياضة المواظبة والقدرة على التحكم في توازن الفارس والجواد في الآن نفسه، لا سيما خلال المنافسات والمسابقات. وتلقى الفروسية رواجا كبيرا في البلدان العربية التي تشتهر بأجود الخيول في العالم.
يعتقد كثيرون أن رياضة ركوب الخيل هي مجرد الجلوس على ظهر الجواد وتوجيهه وأنها لا تتطلب جهدا كبيرا لممارستها. ويرى الباحثون أن هذه الفكرة المسبقة لا علاقة لها بالواقع، والأكثر من ذلك يؤكدون على أن ركوب الخيل يتطلب الكثير من اللياقة البدنية، فخلال الركوب يستخدم الراكب جسمه كله لتوجيه الخيل ودفعه إلى الأمام. وينتج عن هذا تطور أفضل لإحساس التوازن والتنسيق لدى الراكب ولردود فعله أيضا، وبالتالي تتحسن مرونة العضلات الأساسية للجسم ويقل توترها ويتحسن تناغمها ولياقتها.
وصنفت رياضة ركوب الخيل كأحد تمارين التقوية وتعتبر نشاطا ضد المقاومة، يؤدى بمجهود يشتمل على انقباض ثابت من العضلات دون أي حركة مرئية في زاوية المفصل، وهذا يعني أن زاوية المفصل وطول العضلات لا تتغيران خلال الانقباض الذي حدث نتيجة مقاومة مستقرة لضغط طبق عليها.
ولأن رياضة ركوب الخيل تتطلب مجهودا شأنها في ذلك شأن الكثير من الأنشطة الرياضة الأخرى، يتمتع من يمارسها بانتظام ومواظبة بقوام رشيق ومتوازن.
وتقول هاجر الحميدي، أخصائية علاج طبيعي، إن معظم المبتدئين بالركوب يشتكون في البداية من آلام في عضلات الفخذ الداخلية ولكن سرعان ما يتغير الوضع للأحسن عن طريق الممارسة المنتظمة لأنها تجعلها أقوى. وتتعزز مرونة الألوية لأنها تقوم بالانقباض والانبساط المستمر لأجل السيطرة على حركة الخيل.
ويؤكد الباحثون أن ركوب الخيل يحسن التنفس ويعتبر تمرينا مفيدا للقلب والأوعية الدموية لأنه يتطلب المزيد من الجهد والطاقة وكفاءة الأوعية الدموية وهذا يختلف حسب حركة الخيل ونوعية ركوبها والسرعة والخفة.
وتساعد هذه الرياضة على حرق السعرات الحرارية وتعتمد كمية الحرق على قوة السرعة وطول المسافة التي يقضيها الراكب على ظهر الخيل.
الأشخاص الذين يمارسون رياضة ركوب الخيل، بانتظام ومواظبة، يتمتعون بقوام رشيق ومتوازن وبحالة نفسية إيجابية
وتوصي الحميدي المبتدئين بالتحضير قبل الشروع في ركوب الخيل. وأوضحت أن تمرين القرفصاء يعد من أفضل التمارين التحضيرية، ذلك أنه تمرين يستهدف ويشغل جميع عضلات الأرجل. ويتلخص هذا الإعداد في جلوس القرفصاء في وضع الثبات، دون تحريك، لمدة دقيقة أو أكثر.
وحثت على الجلوس على الخيل في وضع سليم يحافظ على المنحنيات الطبيعية للعمود الفقري لأن الجلوس بطريقة صحيحة لفترة طويلة يقوم على تحسين وضع القوام. ويمكن ضبط ذلك من خلال إبقاء الحوض في وضع مستقيم ومحايد لا يغير وضعيته.
وأضافت أن ممارسة هذه الرياضة بحاجة لتوفير الوقود الجيد للجسم لمساعدته على حسن الأداء لفترة طويلة. وهذا الوقود يتركز في اختيار الأطعمة المناسبة الخفيفة والصحية وتناولها قبل ركوب الخيل وتجنب الطعام الكثير لأنه يمكن أي يسبب الشعور بالغثيان.
ولمنع حدوث أي إصابات عضلية يشدد أخصائيو العلاج الطبيعي على ممارسة تمارين الإطالة قبل ركوب الخيل وبعده للحفاظ على مرونة العضلات وتخليصها من التشنج أو التصلب.
وحدد الباحثون أن ركوب الخيل يجب أن يتم لمدة 30 دقيقة على الأقل أو أكثر، لثلاث مرات في الأسبوع.
ولا تقتصر فوائد هذه الرياضة على الجسم، بل تمتدّ إلى فوائد لها علاقة بالصحة العقلية والنفسية أيضا فهي تعلم الصغار أهميّة العناية بالحيوانات كما أنّها تجعل الّذي يمارسها يشعر بالمتعة من خلال مشاهدته للطبيعة والتعرّف على أماكن جديدة. وتبعث أيضا على الشعور بالراحة النفسية والهدوء والتأمّل كما أنها تخلق نوعا من التوافق ما بين الشخص والحصان الذي يركبه بحيث يصبح وكأنه رفيق أو صديق له.
ويعلم الركوب تطوير الثقة بالنفس واحترام الذات، ويعد أحد النشاطات التي تساهم في خفض مستوى التوتر، بالإضافة إلى أنه يعلم الصبر والانضباط والتركيز والتفاهم والتعاطف والرحمة وضبط النفس. وتوصلت دراسة أنجزت من قبل جمعية الخيل البريطانية إلى أن ركوب الخيل يحفز المشاعر النفسية الإيجابية بالدرجة الأولى. وكانت أكثر من 80 بالمئة من الردود على الاستبيان تؤكد شعورها بالسرور والاسترخاء والنشاط والمرح للغاية حالما تركب الخيل.
وهذه الحركات التي يقوم بها ذو الاحتياجات الخاصة أو يساعده المختص على القيام بها من خلال تعليمات شفهية محددة أو مساعدة يدوية تفيد جدا في تطوير توازن الجسم وتحسين الحركة في مجموعة مهمة من عضلات الجسم وتقويتها مثل عضلات الظهر وعضلات الرجلين ومجموعة أخرى من العضلات الصغيرة في الجسم، ويمتد هذا التأثير الجيد إلى حركة المفاصل وليونتها ووضعية الجسم ككل.
وعند الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع التوتر العضلي فإن ركوب الخيل يساعدهم كثيرا في التخفيف من الشد العضلي وذلك مع الحرارة اللطيفة المنبعثة من جسم الخيل وحركته حيث يمكن تدريب الخيل على القيام بأنواع مختلفة من الحركة أو المشي تناسب حالات معينة من الإصابات الحركية والعضلية.
وأظهرت الدراسات الحديثة في عدد من البلدان الغربية الفوائد الجمة للعلاج بركوب الخيل للأشخاص (أطفالا أو بالغين) من الذين يعانون من الشلل الدماغي بأنواعه وفئاته المختلفة أو الذين يعانون من ضمور العضلات أو الصلب المفتوح أو التصلب المتعدد والاضطرابات الحركية عند فئة متلازمة داون وغيرها من المتلازمات الوراثية.
ويحتاج ركوب الخيل إلى انتباه وتركيز جيدين من قبل الشخص وذلك يفيد كثيرا الأطفال الذين يعانون من فرط النشاط وعجز الانتباه والتركيز وكذلك الذين يعانون من اضطراب التوحد. ويفيد كذلك في تطوير الإدراك والتكامل الحسي عند هذه الفئات فهناك مدخلات حسية من قبل المكان الذي يتم به ممارسة ركوب الخيل وهناك مدخلات حسية كذلك من الحيوان مثل لونه وحجمه ورائحته وصوته وحركته إضافة إلى مدخلات حسية من المدرب. وهنا يقوم المعالج الوظيفي بتركيز انتباه الطفل إلى معلومات حسية معينة ودمجها مع معلومات حسية أخرى.
وتؤكد الطبيبة الألمانية سوزانة بير أخصائية العلاج بركوب الخيل أن هذه الطريقة تساعد على شفاء الأطفال الذين يعانون من الإعاقة منذ الولادة وتشرح ذلك بقولها “تنتقل تموجات الخيل الناتجة من تحركه للأمام والخلف أثناء سيره إلى فهم الطفل، فتساعده على فهم كيفية حركة الإنسان السليم رغم افتقاده الشعور بها”.
ويساعد العلاج عبر ركوب الخيل في علاج مشكلة النطق لدى الأطفال، إذ غالبا ما يشعر الأطفال بتعب كبير وملل من كثرة تمارين العلاج لتحسين النطق لديهم، ما يجعلهم يرفضون العلاج أحيانا. ولكن ركوب الخيل لا يشعرهم بأنهم في حصة علاج، فيقدمون أداء أفضل لا يخلو من المتعة والمرح.
ولضمان سلامة الأشخاص، تدعو جمعية مدربي الخيل الأميركية إلى ضرورة الالتزام بارتداء الخوذات لأنها يمكن أن تقلل من شدة إصابات الرأس أثناء الركوب. ويذكر أن إصابات الرأس تمثل حوالي 60 بالمئة من الوفيات الناجمة عن حوادث الفروسية .
مملكتنا.م.ش.س/عرب