المملكة المغربية قوة عظمى في مجال الطاقة الشمسية على الصعيد العالمي
تزخر المملكة المغربية بالعديد من المؤهلات التي تساهم بشكل كبير في منحها المكانة لتصبح قوة عظمى في مجال الطاقة الشمسية، ليس فقط على الصعيد الأفريقي وإنما على الصعيد العالمي، وذلك من خلال المشروع الكبير الذي تم إطلاقه في مدينة ورزازات والذي سيكون بمثابة نقلة نوعية في إنتاج الكهرباء من الطاقة النظيفة.
تجري الاستعدادات في المغرب لافتتاح محطة ضخمة للطاقة الشمسية لإنارة مدينة كاملة ليلا، الشهر المقبل.
وستستخدم محطة الطاقة الشمسية الحرارية في مدينة ورزازات والتي تعتبر هوليود المغرب وشمال أفريقيا، دفء الشمس لإذابة الملح الذي يحتفظ بحرارته لتشغيل توربينات بخارية في المساء.
وعلى مساحة 3 آلاف هكتار و7 أرضيات و500 ألف لاقطة شمسية، يهدف مشروع نور بورزازات إلى توليد 580 ميغاواطا من الكهرباء، كافية لإنارة مليون منزل.
ولاحظ البنك الدولي أن محطة “نور ورزازات” هي أول مجمع للطاقة الشمسية في المغرب، وتعد خطوة بالغة الأهمية في برنامج المغرب للطاقة الشمسية الرامي إلى إنتاج الطاقة الشمسية بقدرة إجمالية تصل إلى 2 جيغاواط بحلول العام 2020، لافتا إلى أن المشروع يجسد تصميم المغرب على تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري، والتحول إلى زيادة استخدام الطاقة المتجددة، والمضي نحو تبني استراتيجية إنمائية منخفضة الانبعاثات الكربونية.
ويأتي هذا المشروع في إطار تعهد المغرب بتوفير 42 بالمئة من حاجته للكهرباء من الطاقة المتجددة بحلول 2020.
وأعلنت الوكالة المغربية للطاقة الشمسية “مازن” أن سعر الطاقة التي تنتجها المحطة الحرارية المركزة نور بورزازات، سيكون أقل مما كان متوقعا، حيث صرح بدر يكن، مدير معهد بحوث الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة، أن تكلفة الإنتاج انخفضت من درهمين لكل كيلو واط في الساعة التي كانت متوقعة في بداية المشروع إلى 1.61 وحتى 1.50 درهم ليلا، مبرزا أن مشروع نور للطاقة الشمسية المركزة، يعتبر إنجازا مهما لتكنولوجيا لاقطات القطع المقعرة، بإثبات أنه يمكن إنتاج الطاقة الشمسية بسعر تجاري تنافسي، وهو أدنى بكثير مما تم تحقيقه حتى الآن، وفي الوقت نفسه يضيّق الفجوة بين كلفة الطاقة الشمسية المنتجة باستخدام تكنولوجيا الخلايا “الفوتوفولطية” وكلفة التكنولوجيا الحرارية الشمسية.
وبينما يقوم المهندسون بوضع اللمسات الأخيرة على محطة “نور 1” والتي ستتبعها ثلاث محطات أخرى، تلمع نصف مليون لاقطة هلالية الشكل في أفق الصحراء. حيث تقوم هذه المجموعة المؤلفة من 800 صف من اللاقطات بمتابعة الشمس بينما تمر في السماء، فتسمع صوت المحركات كل بضع دقائق تحركها، بينما يطول ظلها ناحية الشرق مع اقتراب الشمس من الغروب. وستشكل المحطات الأربع في ورزازات بعد الانتهاء من بنائها مساحة تساوي مساحة مدينة الرباط، وستولد 580 ميغاواطا من الكهرباء كافية لإمداد مليون بيت، وستنتج “نور 1” وحدها 160 ميغاواطا.
وأشار البنك الدولي إلى أن استغلال أشعة الشمس بمجمع ورزازات سيساهم في توليد الطاقة وتجنيب المغرب التعرض لتقلبات تكاليف الاستيراد، إلى جانب إتاحة إمكانية تصدير الطاقة الخضراء إلى البلدان المجاورة.
يذكر أن أغلب دول العالم اكتشفت إمكانات توليد الطاقة الشمسية من الصحراء منذ عقود، ففي الأيام التي أعقبت حادث تشيرنوبيل النووي في عام 1986، أكد عالم الفيزياء الألماني غيرهارد كنيس أن الصحاري في العالم تتلقى قدرا من الطاقة في غضون ساعات قليلة تكفي حاجات الطاقة البشرية لمدة عام كامل، ورغم ما يطرحه مثل هذا التحدي، إلا أنه تم التقاط هذه الطاقة ونقلها إلى المراكز السكنية لسد حاجاتها.
ويبدو أن الطاقة النظيفة ستساهم في إقبال السينمائيين من مختلف دول العالم على إنجاز مشاريعهم الفنية في مدينة ورزازات التي تعد الأولى في العالم تستعمل الطاقة النظيفة في الإنارة.
وتعتقد وزيرة البيئة في المغرب حكيمة الحيطي، أن الطاقة الشمسية يمكن أن يكون لها نفس التأثير الذي أحدثه النفط في المنطقة القرن الماضي، وأوضحت أن المشروع الذي تبلغ تكلفته 9 مليار دولار لازدهار بلادها الصحراوية، أثار العديد من المخاوف.
وأضافت الحيطي “نحن لسنا دولة منتجة للنفط، حيث نستورد 94 بالمئة من طاقتنا كالوقود الحفري من الخارج، مما يثقل على ميزانية دولتنا”، وتابعت “لكن عندما سمعنا عن إمكانات الطاقة الشمسية، قلنا ولم لا؟”.
وأوضحت المتحدثة باسم هيئة الطاقة مها القادري أنه من الممكن تصدير الطاقة إلى أوروبا ولكن بعد إنشاء خطوط نقل الطاقة، والتي لا توجد بعد.
وتجري الترتيبات على قدم وساق قبل شهر واحد من إطلاق المرحلة الأولى من المشروع، حيث يتسابق أكثر من ألف عامل معظمهم من المغاربة لإصلاح الأسلاك الكهربائية، عبر دوريات عمل تستمر لمدة 12 ساعة خلف جبال الأطلس، وسيشاهد العالم الافتتاح الكبير من خلال الشاشات الصغيرة.
وذكر مدير بنك “سوسيتيه لاستثمارات الطاقة” أحمد البارودي أنه بعد انتهاء المشروع سيكون المغرب قادرا على تصدير الطاقة عن طريق خطوط نقل الضغط العالي لتغطية كامل جنوب المملكة وموريتانيا كخطوة أولى، كما يظل تصدير الطاقة شمالا إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط هدفا رئيسيا للمغرب.
مملكتنا.م.ش.س