المادة 70 من القانون التنظيمي رقم 113.14، وهاجس الثقة بالجماعات

الخميس 5 سبتمبر 2024 - 15:06

يصادف شهر أكتوبر من كل سنة انعقاد إحدى الدورات العادية للجماعات، وفق ما تنص عليه أحكام القانون التنظيمي المشار إليه أعلاه. غير أن دورة أكتوبر لهذه السنة، تصادف مطلع السنة الرابعة من عمر الولاية الإنتدابية للمجالس الجماعية، والتي نص المشرع في المادة 70 من الباب الثالث للقانون التنظيمي أنه يجوز خلالها لثلثي أعضاء المجالس الجماعية المزاولين تقديم ملتمس مطالبة رؤساء هذه الأخيرة بتقديم استقالتهم، وأحاط المشرع هذا الملتمس بضمانات تهدف لحماية استقرار الأجهزة التقريرية للوحدات الترابية، وذلك بتضييق نطاق تطبيقه، حيث لا يجوز تقديمه إلا مرة واحدة. كما أقر وجوبية إدراجه بجدول أعمال الدورة العادية الأولى للسنة الرابعة التي يعقدها المجلس ( أي حصر نطاق التطبيق خلال دورة أكتوبر للسنة الرابعة من عمر ولاية المجلس). كما أحاط استمرار رؤساء المجالس بضمانة إمكانية رفض تقديم الإستقالة في وجه ثلثي أعضاء المجلس 2/3، ورفع نصاب هذه العملية، حيث حصره في أغلبية مقدرة بثلاثة أرباع الأعضاء المزاولين 3/4، حتى يتسنى لهم بواسطة مقرر في نفس الجلسة المذكورة، أن يطلبوا من عامل العمالة أو الإقليم إحالة الأمر على أنظار المحكمة الإدارية المختصة لطلب عزل الرئيس.

ومن خلال القراءة المتأنية للمادة المذكورة، تظهر الرغبة الواضحة للمشرع في ضمان استقرار المجالس الجماعية، وذلك من خلال الأنصبة اللازمة للقيام بعزل رؤساء المجالس الجماعية، وكذلك من خلال تضييق نطاق تطبيق المادة وحصرها في دورة واحدة، بشكل يعقد حسابات الراغبين في الأمر.

لكن يحسب للمشرع حرصه على ضمان وجوبية إدراج الملتمس خلال الدورة المعنية، بما يضيق من سلطات الرئيس في وضع جدول أعمال الدورات، بما يضمن احترام الديمقراطية، واحترام اختيارات المنتخبين.

ويلاحظ من خلال المقارنة بين منتصف ولاية المجالس السابقة (2015-2021) والولاية الحالية، ارتفاع عدد المجالس التي لجأ أعضاؤها لهذا الأمر، ناهيك عن المجالس التي استبقت منتصف الولاية والتي عرفت الحل، لأسباب متعددة، لاحظها المتتبع والمهتم بالشأن الترابي.

وفي تقديرنا المتواضع، نرجع هذا الإرتفاع الملاحظ، للسياق السي الذي عرفته عمليات تشكيل المجالس الجماعية سنة 2021، من تدخلات فوقية، فرضت تحالفات غير طبيعية، منسجمة مع التحالفات المركزية دون مراعات للخصوصيات المحلية، ولطبيعة الصراع على المستوى المجالي. وذلك بواسطة التحكم في منح التزكيات والتحكم في منتخبي الهيئات الحزبية محليا وفي اختياراتهم، حيث وصلت الأمور في بعض الأحيان للتهديد بتعريض غير المنضبطين لقرارات الأحزاب لدعاوى العزل أمام القضاء الإداري بعلة التخلي الضمني عن الإنتماء السياسي رغم ما قد يقال في الأمر من ضرب لمبدأ دستوري يتعلق بشخصية التصويت. ونتيجة لكل ما سبق وجد العديد من المنتخبين أنفسهم أمام تحالفات هشة، وعدم انسجام ظهر جليا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، فجر الأوضاع أحيانا، وسيسفر عن مجموعة من الإضطرابات على المستوى الترابي. وهو ما قد يكون معه الفاعل الحزبي ملزما بإعادة النظر في اختياراته السابقة، وترك هامش الحرية لمنتخبي الجماعات، للتعبير عن ارادتهم واختياراتهم التي قد لا تتوافق بالضرورة مع توجهات الفاعل المركزي، وإلا فما الجدوى من الديمقراطية المحلية؟ وما فائدة اللامركزية إن كانت متحكم فيها ؟

ادريس بنفائدة
باحث بسلك الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية
كلية الحقوق السويسي، جامعة محمد الخامس بالرباط

Loading

مقالات ذات صلة

الخميس 22 أغسطس 2024 - 20:10

تبون والجيش وغزة

السبت 3 أغسطس 2024 - 16:58

أي تدبير للملك العام المائي ؟ – قراءة في مضامين القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء –

الجمعة 29 ديسمبر 2023 - 09:46

عزالدين ازيان .. شاورها ودير بريها

الثلاثاء 5 ديسمبر 2023 - 11:15

استدامة اضرابات التعليم .. الطلقة السياسية الفارغة !