الرباط تراوح بين الانفتاح على المحيط الأفريقي والاندماج في الاقتصاد العالمي، ممّا يجعلها بوابة جذابة للاستثمار بفضل تمتعها بالاستقرار.
لإمكانات الهائلة التي تمتلكها أفريقيا في مجال الاقتصاد والأعمال، جعلت منها محلّ اهتمام الاقتصادات الكبرى الباحثة عن فضاءات بِكرٍ للاستثمار، غير أنّ هذا الاهتمام يبدو أنّه لن يستطيع أن يُفعّلَ بطريقة سلسة وسليمة إلاّ عن طريق التركيز على المغرب بوصفه بلدا يسعى لاكتساب قوة اقتصادية ولكونه يُعدّ جسرا يربط مختلف بلدان القارة مع العالم، بحسب ما أفادت به دراسة صادرة عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، تناولت بالبحث تقريرا أعدّه كلّ من بيتر فام وريكاردو رنيه لاريمون، صدر مؤخراعن المركز الأفريقي التابع للمجلس الأطلنطي (وهي مؤسسة بحث أميركية في القضايا الاستراتيجية والاقتصادية).
أفريقيا هي موطن سبعة اقتصاديات، تُعدّ الأكثر نموا في العالم، وبحلول سنة 2050 يتوقع أن يتجاوز عدد سكان القارة نظيره في الهند والصين مجتمعتين حيث سيتضاعف ليصل إلى 2 مليار نسمة. زيادة على ذلك سيكون هذان الملياران من الأفارقة أصغر (عمريا) من نظرائهم في أيّ مكان آخر من العالم، وسيمثلون واحدًا من أربعة عمال على المستوى العالمي مع حلول منتصف القرن.
أمام هذا الوضع يقدّم المغرب حلاّ محتملا بفضل تمتعه بالاستقرار وتنامي قوته الاقتصادية إلى جانب مساهمته في استتباب الأمن الإقليمي ممّا يجعله بوابة جذابة للاستثمار، وشريكا مهما للولايات المتحدة في أفريقيا. فضلا عن ذلك فالمغرب هو البلد الأفريقي الوحيد الذي أمضى اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأميركية.
أوّلا، إلى أنّ المغرب قام بإصلاحات جريئة أدّت إلى أن يصبح واحدا من بين المستقبلين الخمسة الأوائل للاستثمار الأجنبي في أفريقيا ويرتقي إلى المرتبة السابعة والسبعين في قائمة ترتيب المنتدى الاقتصادي العالمي للمنافسة، كما أنّه قفز 29 مرتبة في ظرف ثلاث سنوات في تقرير إنجاز الأعمال الصادر عن البنك العالمي.
وقد بدأ المغرب في السنوات العشر الأخيرة يجني ثمار الإصلاحات التي بدأها الملك الراحل الحسن الثاني؛ حيث ازداد النمو الاقتصادي من متوسط 2.2 بالمئة إلى 5 بالمئة، وانخفض معدل الدين الخارجي بالنسبة إلى الناتج المحلي الخام بنسبة 65 بالمئة، فبعد أن كان في حدود الـ 79 بالمئة سنة 1999 تقلّص إلى حوالي 14 بالمئة مع نهاية سنة2009.
لكن تبقى هناك بعض التحديات التي يتوجب على المغرب مجابهتها شأن البيئة التنظيمية كالتّحكم في رأس المال وعمليات معقدة أخرى تخص توظيف العمالة وطردها بالإضافة إلى السجل العقاري الذي يعدّ غير عملي. كما أنّ المرأة المغربية تساهم في الاقتصاد بنسبة 25 بالمئة فحسب، وما تزال بطالة الشباب مرتفعة. وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات، وبالنظر إلى سجل المغرب في الإصلاح الاقتصادي، الكلّ يقرّ بوجود أمل في أن يحقق هذا البلد تقدما في هذه المسائل أيضا.