مدينة أصيلة السياحية تدب الحركة في أزقتها خلال الصيف، وتتحول ساحة حي القصبة الرئيسية التي تضيق بالسياح إلى ملعب لأطفال الحي في الشتاء.
تعيش مدينة أصيلة السياحية، شمالي المغرب، هذه الأيام، سباتها الشتوي بعد موسمها الذهبي خلال فصل الصيف، حيث تكثر المخيمات الشاطئية، وتنتظم العديد من المهرجانات الثقافية.
بدأت الشمس تطل بأشعتها الدافئة على مدينة أصيلة المغربية منذ السبت الماضي بعدما توقف تساقط المطر، فزارها عدد قليل من السياح. فسبات المدينة، خلال فصل الشتاء البارد، تكسر رتابته، من حين لآخر، أيام مشمسة تستقطب السياح المغاربة الوافدين من المدن المجاورة، وبعض السياح القاطنين في الجنوب الأسباني.
وفي بداية شارع الكورنيش أمام قلعة المدينة وبرجها البرتغالي اصطفت عربات تجرها خيول، أملا في جذب سياح يرغبون في القيام بجولات حول المدينة.
ويقول مصطفى زيان، الناشط المجتمعي (مجتمع مدني): “تتوفر مدينة أصيلة على مؤهلات طبيعية، وتاريخية، تجعلها مدينة سياحية بامتياز، إلى جانب احتضانها للعديد من المهرجانات الفنية والثقافية، لكن إقبال السياح ينحصر في فصلي الربيع والصيف، أما في الموسم الحالي، فالمدينة تدخل سباتا شتويا، باستثناء بعض أيام نهاية الأسبوع المشمسة”.
ويواصل زيان حديثه، وهو يشير بيده إلى العديد من محلات الحرفيين، والمحلات التجارية المغلقة، قائلا: “حتى المحلات التي فضلت فتح أبوابها، لا تستقبل إلا سياحا يعدون على أصابع اليد، في الغالب لا يقتنون سوى بعض الهدايا البسيطة التي لا تدر مداخيل كبيرة”.
وتحولت الساحة الرئيسة لحي القصبة، التي تضيق بالسياح صيفا، إلى ملعب لأطفال الحي، الذين فاق عددهم زوار الساحة من الأجانب.
ويتابع زيان: “مقاهي المدينة هذه الأيام، تعرف إقبالا كبيرا لزبائن من نوع خاص، يتابعون مباريات كرة القدم على التلفاز، أو يلعبون الورق لمقاومة رتابة يومهم”.
هؤلاء الزبائن، حسب زيان، ليسوا سوى تجار المدينة وحرفييها، الذين فقدوا زبائنهم من السياح الذين يحجون إلى أصيلة صيفا، ولم يعد بإمكانهم مزاولة أي نشاط، سوى الدخول في “عطلة إجبارية”.
تجار المدينة الذين تفاءلوا بأشعة الشمس، التي تطل من يوم لآخر لم يكونوا وحدهم من جربوا حظهم لتوفير مدخول، ولو قليل، من جيوب العدد القليل من السياح الذي زار أصيلة.
فأمام الساحة المطلة على البحر في نهاية القصبة، شرعت فرقة من “كناوة” (فن غنائي مغربي من أصول أفريقية جنوب الصحراء) في عزف مقطوعات تثير انتباه المارة.
ويقول المعلم محمود، رئيس الفرقة التي تضم 4 فنانين: “نقصد هذه الساحة كل يوم في فصل الصيف، ونلبي رغبات جميع السياح الذين يطلبون عزف مقطوعات بعينها، لكننا في فصل الشتاء لا نأتي إليها سوى مرة أو مرتين في الشهر، حسب أحوال الطقس”. ويضيف محمود، الذي بلغ عقده السابع: “مدخولنا خلال هذا الموسم، يرتبط أساسا بإحياء بعض السهرات الخاصة، أما تبرعات السياح فقليلة جدا، ولا يعول عليها”.
واستوطن مدينة أصيلة الساحلية، الواقعة جنوب طنجة (أقصى الشمال الغربي)، على المحيط الأطلسي، الأمازيغ والفينيقيون والقرطاجيون، قبل أن يحتلها الرومان لتحمل اسم “زيليس”، وتعاقب على احتلالها في القرون الأخيرة الإسبان والبرتغاليون.
مملكتنا .م.ش.س