وطــنــنــا المــــغــــرب يحتاج اليوم إلى أبنائه المخلصين

الجمعة 20 فبراير 2015 - 21:45

المغرب الحبيب يحتاج إلى أبنائه المخلصين كل من موقعه ، إن وطننا يحتضن الجميع ويتسع صدره للجميع، فقد آن الأوان لأن نتسابق وأن نتنافس في كيفية خدمة الوطن وبنائه .

إن الله فطر الإنسان على حب الأرض التي ولد على ترابها، وعاش في أكنافها، وأكل من خيراتها، وتشكلت طباعه في ربوعها، وتفيأ ظلالها، فصارت جزءا من حياته، لا يقوى على هجرانها، ولا يكاد يفارقها إلا اشتاق إليها، وحركه الحنين إلى أحضانها، وتلك سنة الله تعالى في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر فأبصر درجات المدينة أوضع ناقته، وإن كانت دابة حركها من حبها وذكر العلماء أن في ذلك دلالة على مشروعية حب الوطن والحنين إليه ، نعم فحب الوطن يجري في العروق والوجدان، وفضله يعيش في القلب والكيان، فاستنشقت هواءه، وشربت ماءه، ومشيت على أرضه، وتجولت بين أرجائه، وتقلبت في رغيد نعيمه، وحملت اسمه، وحظيت بشرف الانتساب إليه .

إن وطننا المغرب الحبيب يحتاج إلى أبنائه المخلصين كل من موقعه ، إن وطننا يحتضن الجميع ويتسع صدره للجميع، فقد آن الأوان لأن نتسابق وأن نتنافس في كيفية خدمة الوطن وبنائه، والتصدي لكل الذين يحملون معاول الهدم والتخريب ، وعلينا مسؤولية الحفاظ على أمن ووحدة وطننا ، إننا جميعا سوف نسأل ماذا قدمنا له وسوف نحاسب على ما نرتكبه في حق وطننا ، وحق أجيالنا القادمة .

إن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف تحث الإنسان على حب الوطن، ولعل خير دليلٍ على ذلك ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقف يخاطب مكة المكرمة مودعاً لها وهي وطنه الذي أُخرج منه، فقد روي عن عبد الله بن عباسٍ ( رضي الله عنهما ) أنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة: ما أطيبكِ من بلد، وأحبكِ إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنت غيرك».

ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معلم البشرية يحب وطنه لما قال هذا القول الذي لو أدرك كل إنسانٍ مسلم معناه لرأينا حب الوطن يتجلى في أجمل صوره وأصدق معانيه، ولأصبح الوطن لفظاً تحبه القلوب، وتهواه الأفئدة، وتتحرك لذكره المشاعر. وإذا كان الإنسان يتأثر بالبيئة التي ولد فيها، ونشأ على ترابها، وعاش من خيراتها، فإن لهذه البيئة عليه ( بمن فيها من الكائنات، وما فيها من المكونات ) حقوقاً وواجباتٍ كثيرةً تتمثل في حقوق المواطنة، حقوق الأُخوة، وحقوق الجوار، وحقوق القرابة، وغيرها من الحقوق الأُخرى التي على الإنسان في أي زمانٍ ومكان أن يُراعيها وأن يؤديها على الوجه المطلوب وفاءً وحباً منه لوطنه.

إننا جميعا مطالبين بالحرص على مد جسور المحبة والمودة مع أبناء الوطن في أي مكانٍ منه لإيجاد جوٍ من التآلف والتآخي والتآزر بين أعضائه الذين يمثلون في مجموعهم جسداً واحداً متماسكاً في مواجهة الظروف المختلفة التي تواجه الوطن، قال تعالى: « واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ».

إن الإسهام الفاعل والإيجابي في كل ما من شأنه خدمة الوطن ورفعته سواء كان ذلك الإسهام قولا أو عملا أو فكراً، وفي أي مجالٍ أو ميدان،لأن ذلك واجب الجميع، وهو أمرٌ يعود علينا بالنفع والفائدة على المستوى الفردي والجماعي.

إن تربية أبناء الوطن على حب وتقدير خيرات الوطن ومعطياته والمحافظة على مرافقه ومُكتسباته التي من حق الجميع أن ينعُم بها وأن يتمتع بحظه منها كاملاً غير منقوص، وفي التصدي لكل أمر يترتب عليه الإخلال بأمن وسلامة الوطن، والعمل على رد ذلك بمختلف الوسائل والإمكانيات الممكنة والمُتاحة والدفاع عن الوطن عند الحاجة إلى ذلك بالقول أو العمل .

إن حب الوطن يظهر في المحافظة على المال العام، والمحافظة على ثروات الوطن من الإهدار إن حب الوطن يظهر في المحافظة على أمنه واستقراره، وحمل اسمه وساما على الصدر في الخارج، والإحساس بالمسؤولية تجاه ذلك بما ينعكس على كل ما يظهر من الفرد من سلوكيات ؟ الذي يحب وطنه، هو من يربي أبنائه على التقوى ويزرع فيهم السلوكيات والأخلاق الحميدة يعلمه كيف يزرع ولا يقطع، إن حب الوطن خصلة شريفة، وخلة رفيعة، وخلق حميد، وأدب سام، وصفاء السريرة، يتميّز بها الكرام، ويتمايز بها الأبطال، ويهفو إلى اكتسابها الشرفاء، وهو من الخصال التي لا تنبت إلا في نفس كريمة، وبيئة صالحة.

فليعلم الجميع ، أن القيادة الرشيدة لمولانا الهمام الملك الشاب جلالة الملك سيدي محمد السادس نصره الله وأيده ، له رؤية ثاقبة، وإسهاماته فذة سديدة، في تحقيق كرامة المغاربة، وحماية بلدنا واستقراره وتقدمه، وصون منجزاته ومكتسباته فعلى أبنائنا وبناتنا أن يتحملوا المسؤولية ، وأن يخدموا وطنهم ويحبوه لأن محبة وخدمة الوطن فرض شرعي، وواجب مقدس، يضمن لبلدنا سلامته ، ويرسخ أمنه واستقراره، ويحمي ازدهاره، لتبقى المملكة المغربية الشريفة أرض السلام والخير والعطاء، والسعادة والرخاء، آمنة مطمئنة، متلاحمة متماسكة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .

وفي الختام نسأله سبحانه وتعالى أن يحفظ وطننا المغرب الحبيب وأن يوحد قلوبنا في حب هذا البلد الأمين ، وأن ينصر مولانا أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين ، سيدنا محمد السادس نصرا عزيزا مؤزرا وأن يبعد عنا المتربصين بهذا الوطن وأن يرد كيدهم في نحورهم .

بقلم الشريف مولاي محمد الخطابي 

Loading

مقالات ذات صلة

الخميس 5 سبتمبر 2024 - 15:06

المادة 70 من القانون التنظيمي رقم 113.14، وهاجس الثقة بالجماعات

الخميس 22 أغسطس 2024 - 20:10

تبون والجيش وغزة

السبت 3 أغسطس 2024 - 16:58

أي تدبير للملك العام المائي ؟ – قراءة في مضامين القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء –

الجمعة 29 ديسمبر 2023 - 09:46

عزالدين ازيان .. شاورها ودير بريها