شــفــشــاون مدينة بزرقة السماء

السبت 21 فبراير 2015 - 23:57

تقع شفشاون شمال المغرب، فهي تبعد حوالي 90 كلم عن مدينة طنجة المطلة على مضيق جبل طارق وحوالي 240 كلم شمال العاصمة الرباط وسط جبال الريف ذات التضاريس الصعبة.
أما عن اسم المدينة، فالسائد هو أنه مشتق من كلمة ذات أصول أمازيغية وهي «إشاون» والتي تعني قرون، وتطلق في العادة على قمم الجبال الحادة ، ويحبذ البعض تصغير اسم المدينة إلى الشاون ، ويذهب بعض المختصين إلى تقديم شروحات مختلفة لمصدر الإسم.
الأبحاث الأركيولوجية القليلة التي شهدتها المنطقة وخاصة إبان الاستعمار الإسباني تحيل على حقب تاريخية متعددة ولكنها ليست بالكثافة للحديث عن استقرار بشري قوي بل كانت شبه تجمعات قروية في محيط جغرافي صعب الولوج ، وستصبح مدينة بمفاهيم القرون الوسطى ابتداء من سبعينيات القرن الخامس عشر عندما حل بها الموريسكيون الذين طردوا من الأندلس إبان اشتداد حروب الاسترداد مع إيزابيلا الكاثوليكية.
وكان تأسيسها الفعلي على يد القائد مولاي علي بن موسى بن رشيد العلمي في التاريخ المذكور لاستقبال الموريسكيين وكذلك لتكون قلعة خلفية للجهاد البحري ضد السفن الإسبانية التي كانت تحاول استعمار شمال المغرب لمواجهة القراصنة والعثمانيين.
شفشاون مدينة صغيرة، ولكنها غامضة وفريدة من نوعها بعوالمها وتاريخها، إذ تطورت فيها الحياة على نحو مختلف. يفاجأ الزائر خلال جولة في المدينة العتيقة بتشابه وأحيانا تناسخ أزقتها وشوارعها الضيقة وأدراجها الملتوية والتي ترتدي جدرانها اللون الأزرق النيلي، وهو اللون الذي يعتبر رمز الحضارة الشفشاونية، لون يجعل المدينة تبدو أنيقة كجوهرة زرقاء تنبض بالحياة.
وهذا التشابه بين الشوارع والأزقة قد يجعل الزائر يضيع فيها بسهولة ولكن قاطنيها يعتبرون أنه لا شيء أجمل من أن تضيع في حرم جمالها وتبدأ قصة حب لن تنتهي بانتهاء الرحلة.
سر اللون الأزرق غامض والروايات المتعددة بخصوصه كثيرة ولكن تبقى الرواية الأبرز والتي يتداولها ساكنة المدينة، «أن الناس يصبغون المدينة باللون الأزرق كرمز للسلام والتسامح وذلك بعدما احتضنت المدينة اليهود والأندلسيين والمورسكيين الذين طردوا من ديارهم». 

ومما لا شك فيه أن هذا اللون يولد لدى الزائر شعورا بالهدوء والسكينة وإحساسا لا إراديا بالانتماء.
شفشاون تعتبر متحفا موريكسيا، فقد بقيت منغلقة أمام الأجانب بمن فيهم باقي المغاربة، وجاء بناؤها على شكل مدن الأندلس الصغيرة مثل روندة.
وقال المؤرخ الإسباني خيل بنو أمية «في شفشاون يمكن دراسة الحضارة الموريسكية بامتياز، فهي تستمر خالدة هنا في المدينة» ، والتجول في أزقتها يشبه التجول في أسواق الأندلس. 
وعلى نواصي الشوارع بالمدينة العتيقة تجد التجار التقليديين في محلاتهم يعرضون منتجاتهم اليدوية التقليدية الجلدية كالأحذية والحقائب والزرابي والملابس التقليدية المطرزة والعباءات المغربية ذات الإتقان والدقة العالية في الصنع، وهي منتجات تعرف إقبالا لافتا من طرف السياح ، ويشكل كل من «حي الصبانين» و»حي العنصر» مركزا الصناعة التقليدية واليدوية، بحيث تمثل هذه الأخيرة مصدرا رئيسيا للدخل وأسلوب حياة.
ويستطيع الزائر الخروج في جولات لاكتشاف ينابيعها المائية وشلالاتها، فيبدأ بمنبع «رأس الماء» والذي يشق الجبل لتنساب من شلالاته المياه العذبة والنقية ،هذا المنبع الذي قدم للساكنة طوق النجاة فهو المزود الوحيد للمدينة بالماء ، كما يقف الزائر على قنطرة «رأس الماء» متأملا ينابيعها المائية الساحرة والمتفرعة باتجاهات مختلفة والتي تولد لدى الزائر عمق الإحساس بأدق تفاصيل الوجود. 
وإذا كان زائرها من عشاق المغامرات والمنعرجات والطرق الملتوية فعليه زيارة «أقشور» وهي منطقة جبلية تقع على بعد 30 كلم من المدينة الزرقاء والتي تتزاوج فيها الجبال الشاهقة مع الشلالات الساحرة لتبعث في الزائر موسيقى الحياة.

مملكتنا .م.ش.س

Loading

مقالات ذات صلة

الخميس 8 سبتمبر 2022 - 15:49

شخصيات دينية اسلامية ومسيحية تشيد بالدور الرائد لجلالة الملك في الدفاع عن الطابع الخاص لمدينة القدس

الأربعاء 3 أغسطس 2022 - 18:48

العرائش .. توزيع إعانات مالية على أصحاب المنازل المتضررة من حريق غابة جبل العلم

الخميس 28 يوليو 2022 - 11:08

مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا

الثلاثاء 19 يوليو 2022 - 08:57

البرلمانية زينب امهروق توصل معاناة 60 أسرة من ساكنة عيون ام الربيع المتضررين من عدم ربطهم بالشبكة الكهرباء