رســــالــــة مــــواطـــــــــن

الخميس 12 مارس 2015 - 13:04

لا يحتاج أي منا أن يكون نبيا ليرى أن المغرب سائر في درب التميز، تميز سلس في منطقة لم يكتب لربيعها أن تزهر وروده، و لا حتى أن تخضر أوراقه ، ربيع لبس ثوب الخريف بعد شتاء أمطر البلدان دماء، وقصف الأوطان خرابا، خريف تساقطت معه أزهار لم يحن بعد قطافها، لكن أيادي الغدر و الفتنة سرعان ما اقتلعتها، لتقتلع معها آخر ما تبقى من أمل الشعوب في حياة عنوانها الكرامة و لزامها الحرية و العدالة.
في صحراء الموت هاته أبت شمس ساطعة إلا أن تشرق من مغربها، و أبت زهرة الحرية إلا أن تنبت في رمالها، لتكون مملكتنا النموذج الذي يحتدى به، و المثال الذي يسار على نهجه.
استطاع المغرب إذن أن يحقق الإنتقال الديموقراطي و الخيار التعددي بدستور يوليوز 2011، ليكون منارة السفن التي ترنو الرساء على بر الأمان، و البحث عن نور الإستقرار، هاربة من أمواج الظلم والفساد و الإستبداد. 
و هنا لا ريب أن الفضل كل الفضل راجع إلى النضج الكبير الذي أبانت عنه مختلف الأطياف السياسية؛ في استجابة لرؤية ملكية سديدة كانت أول المدافعين على كرامة المواطن، مجنبة المغرب ما لا يحمد عقباه و خالقة من تجربته الإستثناء في كل المجالات.
ففي صرح العدالة أخد المغرب بإصلاحات شاملة مكنته من إحياء مبادئ استقلالية القضاء و فصل السلط و المصالحة مع النزاهة و محاربة المحسوبية و الرشوة و استغلال النفوذ، و في الحقل الديني صار الرائد و المعلم و المؤطر للخطاب المتميز بالوسطية و الإعتدال و الرافض للغلو و التشدد و الإرهاب؛ داعيا إلى التجديد و الإجتهاد.
أما في رواق الإعلام و حرية التعبير فقد كانت المملكة عنوانا لتحرير القطاع و السماح لكل الأصوات بالإدلاء بمقاربتها و التنافس لإيصال رؤاها المختلفة و المتعددة من أجل نقاش فعال يوضح و يبين للمتابع زوايا الخلاف و الإختلاف بكل تحليل موضوعي.
ولعل الأمثلة تتعدد في الفن و الرياضة و التضامن و تكريس قيم المناصفة و إعلاء التربية والتعليم و الصحة و التجهيز مرورا بالأمن وصولا إلى ديبلوماسية هجومية صارت تفرض احترامها و هيبتها.

لكن المفاجأة كانت في قطاع الإقتصاد حيث حقق المغرب نسبة نمو كانت إلى الأمس القريب تبدو مستحيلة التحقق، بعيدة المنال في ضروف اقتصادية عالمية كارثية رسمتها الأزمة الإقتصادية العالمية و البطالة المفتشية في الشباب، و انعدام ثقة المستثمرين.
و الآن ماذا بعد، هل نكتفي بالتغريد و التطبيل لما أنجز؟! أم نصرخ برؤية المتشائم أن لا شيئ تحقق!؟
واجبنا أحبتي يحتم علينا أن نواصل بخطوات ثابتة مسيرة النمو، و جهاد التغلب على الفساد و الريع و الإستبداد، و لن يحصل ذلك سوى بالإلتفاف ملكا و شعبا، حكومة و معارضة، سياسيين و تكنوقراط ، في مقاربة تشاركية تزكي نسق الإتحاد و تتبنى روح الإجتهاد و تنهل منهل النقد البناء و الفكر المعطاء ،فوطننا محتاج لنا اليوم أكثر من أي وقت مضى لنكتب التاريخ بعرق جبيننا، كما كتبه بدمائهم أجدادنا.

بقلم محمود هرواك

Loading

مقالات ذات صلة

الأحد 16 فبراير 2025 - 19:38

حين تتحول المظاهرات إلى منصة لنشر التطرف والتحريض

السبت 15 فبراير 2025 - 23:06

المغرب أمام لحظة مفصلية .. بين الشعارات المستهلكة والخيار الاستراتيجي

الإثنين 3 فبراير 2025 - 09:18

ابن كيران .. عودة إلى الواجهة أم محاولة للهروب من الإرث الثقيل ؟

الأربعاء 22 يناير 2025 - 15:42

الإشادة بالإرهاب .. عندما يصبح الإرهاب بطولة في أعين البعض