ويبقى المغــــــــــــــــــــرب دائما في قلوبنا
لا أحد ينكر أن هناك تاريخ مجيد للمغاربة بفضل حب الوطن والإرتباط به غير أن مايلاحظ لذى الجيلين الأخيرين وللأسف هناك انتشار بعض السلوكيات المتناقضة مع حب الوطن مثل » تقديم المصلحة الفرية على المصلحة العامة » و » اللامبالاة بالمسؤولية والتنصل من الواجبات » و » عدم احترام الآخر » و » هوس الهجرة إلى الدول المتقدمة »
وهذه السلوكيات تمثل تهديد حقيقي للمواطنة الحقة من خلال التأثير السلبي على المجتمع على مختلف الأصعدة، مما جعل المغرب يظل من الدول النامية وللأسف « اللاواعية ».
في هذا العرض نسعى إلى مراجعة بعض المعتقدات المتعلقة بحب الوطن وصناعة النهضة، ونقوم بتحليلها من أجل إعطاء نظرة إيجابية لمستقبل أفضل لبلدنا، أو بعبارة أخرى نخلص إلى نسج صورة » المغرب الذي نحب ».
وتجدر الإشارة أن علماء السياسة قصد ضبط الجنسية ومايترتب عليها عرفوا الوطن ب : ” هو مولد الإنسان والبلد الذي هو فيه“ وهو أيضا » محل الإنسان » كما أن الوطن هو » ذلك الموروث المشترك من المبادئ والقيم والسلوك و العادات الذي تسهم في تشكيل شخصية المواطن و يمنحها خصائص تميزها عن غيرها ». من هنا لابد أن نقف مع مجموعة من الأسئلة التي تشاع بيننا من قبيل لماذا حب الوطن ؟ كيف أحب وطنا يبادلني الحب بالصفعات واللكمات؟ ماذا قدم لي كي أحبه؟ وهنا لابد من التأكيد على أصول محبة الأوطان وهي :
أولا : ديننا الإسلامي الذي يحثنا على حب الوطن
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقف يُخاطب مكة المكرمة مودعاً لها وهي وطنه الذي أُخرج منه :
” ما أطيبكِ من بلد، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ “.
ثانيا : فطرة الإنسان
فحب الوطن حب فطري، والإنسان يتعلق بالأرض التي عاش عليها، وأَلِف أهلها، وسهولها، وجبالها، لأنها تحمل ذكرياته.
كما قال الشاعر:
وحببت أوطان الرجال إليهــم
مآرب قضاها الشباب هنالك
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم
عهـود الصبا فحنوا لذلك
وحب الوطن، هو مثل حب الإنسان، لولده، وقومه، وعشيرته، وزوجته، ومثل حبه لما هو جميل، فهذا الحب مغروس في جبلة الإنسان، فهو أمر فطري، وأحيانا لا نشعر به إلا عند الابتعاد عن الوطن
رابعا: حب الوطن سبيل النجاح
يجب علينا أن نعلم أنه ليس هناك نجاح ولا تقدم إلا بحب الوطن.. فلننظر إلى الدول المتقدمة الآن إنهم لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا بحب الوطن والتفاني في إبراز الإخلاص له والمحافظة عليه..
خامسا : بر الأوطان
يجب أن نستحضر ما لهذا الوطن من أفضال علينا بعد الله تعالى .. فيجب أن نرد له هذا الجميل كما قال تعالى:
{ هل جزاء الإحسان إلا الإحسان }
وبالنظر إلى واقعنا المعاش نجد أن الإرتباط بالمغرب خفت في نفوس المواطنين وأصبح الشعار الخالد « الله ..الوطن .. الملك » لاتتجاوز حناجر رافعيه في المناسبات لا أقل و لا أكثر، رغم كون المغرب يزخر بمؤهلات وخيرات ورغم كون تاريخه بلد العز والأمجاد التاريخية
في عهد العلويين (مثلا في عهد م إسماعيل)، كان المغرب يحظى بمكانة عظيمة بين دول أوروبا، وكانت الدول المجاورة للمغرب تهابه نظرا لتطوره الاقتصادي وقوته العسكرية.
وهو بلد الشجاعة والمقاومة وكلنا نتذكر علال بن عبد الله أثناء محاولة اغتياله لأحد مساندي الاستعمار وأسد الريف محمدبن عبد الكريم الخطابي وبطل بوكافر عسو أبسلام وغيرهم كثير..
كما يعتبر المغرب بلد الأصالة والدين بثقافة تمزج بين الثقافة العربية والثقافة الأمازيغية ويوحدهما الإسلام مما اظفى تنوعا ثقافيا محمودا جعل منه بلد الثقافة و التراث الحضاري وتجدر الإشارة هنا أن المغرب يتوفر على العديد من المدن العتيقة والمآثر التاريخية الفريدة من نوعها على الصعيد العالمي وهي مصنفة كتراث عالمي إنساني لدى المنظمة العالمية اليونسكو، كما أنه بلد العلم والعلماء ولا يزال فعلى سبيل المثال، أول من رسم خريطة دقيقة للعالم، في وقت لم تكن فيه لا أقمار اصطناعية ولا أي شيء من هذا القبيل، هو العالم المغربي الشريف الإدريسي، وهذا دليل على دراسة المغاربة لعلم الرياضيات وعلم الفلك وعلم الجغرافيا
بالإضافة إلى علماء آخرين أبدعوا في علوم شتى كـ: ابن خلدون، القاضي عياض.
وفي الختام أسأل الله أن يحفظ وطننا المغرب الحبيب وأن يوحد قلوبنا في حب هذا البلد الأمين ، وأن ينصر مولانا أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين ، سيدنا محمد السادس نصرا عزيزا مؤزرا وأن يبعد عنا المتربصين بهذا الوطن وأن يرد كيدهم في نحورهم .
بقلم الشريف مولاي محمد الخطابي
مملكتنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا.م.ش.س