حـــــان وقت الذهاب إلى مراكـــــــــــــــــــــــــش
- تناغم فريد بين معالم ضاربة في القدم وعروض جديدة حية تنفرد بها عاصمة الثقافة المغربية مراكش دون بقية المدن التي تحيط بها، بالإضافة إلى التقاء ظواهر طبيعية تجمع بين خضرة الحدائق وبياض الثلج وحرارة الصحراء.
يعتبر هذا الوقت من السنة أفضل الأوقات لزيارة مراكش والاستمتاع بكل عروضها وفعالياتها، حيث يغص أواخر أبريل وبداية شهر مايو، أشهر موقع سياحي بالمدينة وهو ساحة جامع الفنا، بالموسيقيين والبهلوانيين ورواة القصص وقراء الطالع، فضلا عن رسامي الحناء وحاوي الأفاعي وغيرهم الكثير، إلى جانب التمتع بتذوق أشهى الأطباق المغربية التقليدية.
وعادة ما يكون الإقبال كثيفا على هذه الساحة التي تعد مركز المدينة وأشهر ساحات بلاد المغرب وأعرقها تروي أرجاؤها قصص الماضي، وتحظى بهذا الإقبال لأنها صارت موسما دائما تقدم خلاله فعاليات من كل أصناف التراث المغربي، حيث تتحول الساحة إلى مسرح كبير مفتوح أمام الجميع يجمع بين مختلف الفنون والعروض ويتحول كل الموجودين إلى شخصيات تؤدي أدوارها بكل إتقان وتشويق للفت الانتباه ناحيتها، الكل ينتحي ناحية ويبسط زرابيه ويقدم عروضه فيجد السائح كل مظاهر الفرجة التي تختزل تراثا مغربيا شعبيا.
وهكذا يقضي السياح الذين يفضلون التمتع بالجو الرائق بعيدا عن أيّ مشقة بين طاولات المقاهي المحيطة بساحة جامع الفنا، أجمل الأوقات، حيث باستطاعة كل شيء أن يباع سواء وهما بابتسامة من يدّعون معرفة خبايا المستقبل أو حقيقة من خلال الوجبات السريعة والأطباق المغربية، علما وأن مدينة مراكش ككل توفر للزائر كل خيراتها بأثمان زهيدة تتماشى ومقدرة الغنيّ والفقير على حد سواء، إلى جانب كرم الأهالي.
عاصمـــــة السياحة المغربية بناها السلطان المرابطي يوسف بن تاشفين كعربون محبة لزوجتــــــــــــه
كما يجد الزائر الراحة والهدوء في “عرصة مولاي عبدالسلام” وهي واحة خضراء بعيدة عن صَخب أسواق وشوارع مراكش، تضم متحفا ومعهدا للفن الروحي. أقيمت فيها حديقة إنترنت حديثة للربط بين الإنسان والتكنولوجيا.
أما هواة المغامرة ومحبو التاريخ فإنهم ينزعون غالبا إلى رحلات المنطاد أو التوجه إلى المتاحف والوقوف عن كثب على معالم الحضارة الإسلامية القديمة، لا سيما وأن المدينة تشكل المركز الثقافي لدولة المغرب وتضم العديد من التحف المعمارية وأشهرها “ضريح السَعديين” ويضم معظم سلاطين المغرب السعديين وعائلاتهم، ويعد من أكثر المزارات شعبية نسبة لقيمته التاريخية.
وعلى العكس من ذلك يلمس السائح معالم العمارة الحديثة في “متحف مراكش”، حيث يضم المتحف الفنون الحديثة والتقليدية والفن المغربي، إضافة إلى الكتب التاريخية والفخار والقطع النقدية المغربية. ويتم الوصول إليه عبر أزقة ملتوية انطلاقا من ساحة جامع الفنا.
كما لا ينبغي تفويت زيارة “مسجد الكتبية” الذي يعد أسطورة مراكش وأهم جامع في المغرب العربي، حيث أقيم على مساحة 5300 متر مربع، ويحوي 11 قبة منقوشة و17 جناحا داخليا. يمتاز بمئذنته المزخرفة ومنبره الآلي الحركي الذي يكشف عن فن النجارة الإسلامي. تسميته مشتقة من “الكتبيين”، وهو اسم سوق لبيع الكتب يُعتقد أنه كان قرب الجامع. يجذب المكان محبّي الفنون المعمارية القديمة من كل مكان في العالم لروعة بنيانه وزخرفاته العريقة. ولا يسمح بدخول قاعة الصلاة لغير المسلمين.
|
وتتربع مراكش ثالث أكبر ولاية بالمغرب على عرش السياحة المغربية، فهي مركز الجذب السياحي بالبلاد، لا سيما وأن مجلة “روب ريبورت” الأميركية المتخصصة في المنتجات والوجهات السياحية الفاخرة، بوّبتها العام الماضي ضمن الوجهات العشر الأوائل في قائمة الوجهات الـ21 الأكثر شعبية في العالم.
وبالبحث في تاريخ مراكش العريق نجدها مدينة كبيرة تمتدّ برخاء تحت أقدام جبال الأطلس، ومسوّرة بأسوار بُنيت قديما من التراب المدكوك لحمايتها آنذاك، ولا زالت قائمة حتى يومنا هذا، وتعتبر تحفة فنية معمارية ممتدة قرابة تسعة كيلومترات، ولها 17 بابا ما زالت صامدة إلى الآن، تجعل السائح وكأنه في جولة على عتبات الماضي، كما توحي له بقيمة المدينة ومركزها السياسي والتجاري في السابق.
أما أصل تسميتها فيرجع إلى الكلمة الأمازيغية “أمور ن ياكوش” أي بلاد الله حيث يستعمل الأمازيغ كلمة “تامورت” أو “أمور” التي تعني البلاد كثيرا في تسمية البلدان والمدن، وهناك من يرجّح أن الاسم يعود إلى السلطان يوسف بن تاشفين الذي أطلق عليها تسمية مراكش وهي كلمة بربرية تعني “مرّ بسرعة” بوصفها محطة يتوقف عندها اللصوص للإغارة على القوافل.
وقد حاولت الاستثمارات السياحية المحافظة على طابع المدينة العتيق وعدم تشويه صورتها التاريخية، سواء في الفنادق الفخمة والمخيمات السياحية والتجهيزات الترفيهية أو في مراكز الجذب السياحي خارج المدينة مثل مناطق التزلج على الجليد في “أوكيمدن” و”أوريكا” ومراكز “إسني” و”الويدان” و”البرج” وغيرها، مما أحدث تكاملا سياحيا يدعمه سوق رائج للصناعة التقليدية والمطاعم والمقاهي والمتنزهات ووكالات السفر.
وبفضل هذه الاستمرارية المعمارية تعد مراكش ملاذا سياحيا لكل من يرغب في قضاء أجمل الأوقات بين أحضان الماضي الغابر بكل أسراره، وفي كنف الحاضر بكل مستحدثاته، بالإضافة إلى أن هذه المدينة المغربية تنفرد بالجمع بين مختلف الظواهر الطبيعية، فهي لا تبعد سوى عشرات كيلومترات فقط عن الجبال والبحر والصحراء.
|
وقد استفادت مدينة النخيل، أو كما يحلو للأهالي بمراكش تسميتها بـ”البهجة”، من هذه المكونات الطبيعية أحسن استفادة، لجذب مختلف أنواع السياح سواء أكانوا من عشاق الصحراء والجبال أو من هواة ركوب البحر أو محبّي الثلوج والتزلج، فهي تحتوي على العديد من المنتزهات بمختلف أشكالها شاطئية كانت أو جبلية أو صحراوية تعرض من الخدمات الاحترافية ما يتماشى ومتطلبات الزائر.
كما أن المدينة الحمراء تحرص كل الحرص على تنويع عروضها السياحية، إذ أنها لم تفتأ عن التمدد في الصحراء القريبة وتعزيز بناياتها ومنتجعاتها السياحية، لا سيما وأن صحراء مراكش المميزة بكثبانها وتلالها الرملية تعد مقصد السياح من كامل أنحاء العالم.
يقف السائح فيها مبهورا من منظر الكثبان والتلال الذهبية وهي تتحول إلى أمواج متحركة، ويزداد إثارة وانبهارا خصوصا إذا ما خاض تجربة النوم في الخلاء الرملي واختبار روعة غروب الشمس واستقبال شروقها، أو حين يدفن جسمه في الرمال الساخنة ويتمتع بدفء أرضها.
وإذا ما بحث الزائر عن الخضرة والطبيعة الحية بعيدا عن حرّ الصحراء وقحطها يجد ملاذه في ظلال أجمل الحدائق مثل حديقة “ماجوريل” التي تعتبر من أكثر الحدائق جمالا وجذبا للسياح لما تتمتّع به من دقة في التصميم ومزج متفرّد بين الألوان والطبيعة، يغذيه تميزها بأنها تحوي نباتات متنوعة ونادرة من القارات الخمس، وتزيدها القنطرة التي بنيت على نهر “واد أسيل” لعبور الراجلين إليها روعة.
ويجد الزائر كذلك في “حديقة أوسيريا المائية”، أو الموجة، متعته لأنها من أكثر الأماكن الترفيهية في مراكش، تقدم نشاطات وفعاليات مائية مختلفة، تمتاز بمياهها النظيفة ومنزلقاتها الحديثة والسريعة، إلى جانب أن المكان يتّسم بالهدوء والمرح.
ولا يعدم السائح المتعة والاسترخاء في حديقتي “المنارة” و”أكدال”، وأيضا قبور السعديين وسوق السمارين، وآثار ساقية “اشرب وشوف”، حيث تعد كل هذه الحدائق من الأسس الحيوية للبنية السياحية للمدينة.
مملكتنا.م.ش.س/عرب