تمصلوحت – في جماعة تمصلوحت، يبدو أن مفهوم ” السكن الوظيفي” لم يعد مجرد امتياز مرتبط بالمسؤولية، بل تحول إلى مشروع خاص يدر أرباحا مريحة. مدير المصالح، الذي من المفترض أن يسهر على حسن تدبير شؤون الجماعة، وجد في هذا السكن فرصة سانحة لاستغلاله في نشاط مدر للدخل، وكأن الأمر يتعلق بملكية شخصية وليس بمرفق عمومي.
ولأن الامتيازات لا تأتي فرادى، يضيف المسؤول إلى سجله سيارة الدولة التي تجوب الطرقات لقضاء أغراضه، على نفقة المال العام، دون أن يكلف نفسه عناء التبرير أو حتى إظهار الحد الأدنى من التحفظ. سيارة رسمية، سكن شبه مجاني، وتعويضات مالية، فما الذي ينقص بعد ليكتمل مشهد “التدبير النموذجي”؟
ولكن إذا كانت رواية أن الأمر يتعلق بكراء هذا السكن من الجماعة بثمن بخس، فالأولى أن يستفيد منه المحتاجون من الفئات المستهدفة. وإذا كانت إمكانية تحويل هذا المعلم إلى دكاكين تجارية، فمن الأجدر أن تكرس هذه المبادرة لخدمة الشباب العاطلين الذين يحتاجون إلى مثل هذه الفرص، بدلا من تخصيصه لمدير يتلقى تعويضات على حساب الموارد العامة، كما إذا كان القانون يضع حاجز التنافي أمام استفادة المنتخبين وأصولهم وفروعهم من خدمات الجماعة ، فكيف يمكن لمدير مصالحها أن يستفيد منها.
في الوقت الذي تثقل فيه البيروقراطية كاهل المواطن العادي للحصول على أبسط الخدمات، يبدو أن بعض المسؤولين قد فهموا اللعبة جيدا: استغلال كل ما هو متاح، تحت غطاء القانون، دون اكتراث لمبدأ الشفافية أو الأخلاق الإدارية. فالسؤال هنا ليس عن شرعية هذه الامتيازات فقط، بل عن الغياب التام لأي حس بالمسؤولية تجاه المواطنين.
الساكنة، التي تتابع هذه الممارسات بدهشة، تتساءل عن دور الجهات الوصية في مراقبة ما يجري. هل تغض الطرف عن هذه التجاوزات؟ أم أنها لم تسمع بعد أن السكن الوظيفي أصبح مشروعا تجاريا؟ أم أن السيارات الإدارية لم تعد مخصصة للمصلحة العامة؟ الغريب أن مثل هذه الممارسات تمر غالبا دون أي مساءلة، وكأن الأمر صار قاعدة لا استثناء.
المثير في الأمر أن هذه التصرفات تحدث في ظل حديث مستمر عن ترشيد النفقات ومحاربة الفساد الإداري، وكأن الشعارات شيء والواقع شيء آخر تماما. فمتى سيفتح ملف هذا “التدبير الخلاق”؟ أم أن المسألة ستظل مجرد همسات تتناقلها المجالس دون أي فعل ملموس؟
إذا كان هذا هو النموذج المثالي لتسيير الجماعات، فقد يكون من الأفضل تعميم التجربة، وتوزيع المساكن الإدارية على الراغبين في الاستثمار، مع سيارات الدولة كهدية تحفيزية، حتى لا يشعر المواطنون بأنهم الوحيدون الخارجون عن معادلة “الاستفادة القصوى”!
مملكتنا.م.ش.س