المغرب يواصل مكافحة التهريب الدولي للمخدرات نحو البلدان الأوروبية

الأحد 28 ديسمبر 2025 - 19:44

الرباط – مع اقتراب سنة 2025 من نهايتها، تواترت عمليات ضبط وتوقيف التهريب الدولي للمخدرات في نقاط متعددة بالمملكة، يبقى ميناء طنجة المتوسط بوابتها على العالم أحد المنافذ الرئيسية التي تسعى الشبكات إلى استغلالها.

ونفذت مصالح الأمن الوطني والجمارك العاملة بميناء طنجة المتوسط، مساء الخميس، عملية نوعية أحبطت فيها محاولة تهريب 8 أطنان و196 كيلوغراما على متن شاحنة كانت متجهة نحو إحدى الأوروبية عبر إسبانيا.

وتزايدت، في الأسابيع الماضية، محاولات التهريب الدولي للمخدرات نحو البلدان الأوروبية؛ وهو الأمر الذي تواجهه السلطات المغربية بحزم كبير تشارك فيه مختلف الأجهزة الأمنية.

في تعليقه على الموضوع، سجل طارق أتلاتي، رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية، أن سياسة الانفتاح التي تنهجها المملكة تقوم على مبدأ أساسي يتمثل في تقبل الجوانب الإيجابية والسلبية في آن واحد؛ وهو ما يفرض على السلطات والأجهزة الأمنية الاضطلاع بدور محوري في هذا الانفتاح وضبط مخاطره.

وأوضح أتلاتي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الأجهزة الأمنية بمختلف أشكالها تشتغل من أجل عدم السماح بتسلل التهديدات الناتجة عن هذا الانفتاح، سواء كانت مرتبطة بالإرهاب أو الجريمة المنظمة والاتجار الدولي في المخدرات، باعتبارها مجالات مترابطة تشكل خطرا حقيقيا على الأمن والاستقرار.

وأضاف رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية مبينا أن الانفتاح “رغم ما يحمله من فرص، يظل مكلفا من الناحية الأمنية”، مؤكدا أن العديد من الأطراف والجهات تسعى إلى استغلاله بشكل سلبي؛ ما يزيد العبء على كاهل الأجهزة الأمنية.

وشدد أتلاتي على أن مناطق الشمال والمنافذ البحرية الممتدة من سوق الأربعاء الغرب إلى الواجهة المتوسطية والأطلسية تعرف “حالة من الضبط واليقظة الأمنية، التي دفعت شبكات الجريمة المنظمة إلى البحث عن مسارات ومنافذ بديلة لتهريب المخدرات”، منوها باليقظة الجماعية التي تؤكد قدرة المغرب على “التحكم في الوضع والتحديات التي يطرحها”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن الجدية والصرامة اللتين يتعامل بهما المغرب عززت مكانته كـ”قوة إقليمية”، خاصة في ظل تنظيم البلاد لتظاهرات قارية كبرى من قبيل كأس إفريقيا للأمم وما يرافق ذلك من “تعبئة أمنية واسعة.

وأبرز رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية أن “الدولة تواصل، في ظل هذه الظروف، ضبط ملفات حساسة؛ من بينها محاربة الاتجار في المخدرات، ومواجهة قضايا التجسس والتهديدات العابرة للحدود”.

كما أكد أتلاتي أن العمليات الأمنية الكبرى ذات البعد الدولي تعزز “سمعة المغرب وتكرس موقعه كشريك أمني موثوق على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وتمنح الأجهزة الأمنية المغربية بصمة واضحة في منظومة الأمن الدولي”، وفق تعبيره.

من جهته، أكد محمد يحيا، الأكاديمي والأستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، أن المغرب يضطلع بدور محوري وأساسي في مواجهة ظاهرة الاتجار الدولي في المخدرات، سواء على مستوى المؤسسات الوطنية أو ضمن المنظومة الدولية.

وأبرز يحيا، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن المملكة تبنّت، خلال السنوات الأخيرة، ترسانة تشريعية متقدمة تحظى بأهمية خاصة في هذا المجال.

وأوضح الأستاذ الجامعي أن الموقع الجغرافي للمغرب، باعتباره نقطة عبور بين قارتين، يجعله “مستهدفا من قبل شبكات إجرامية دولية كبرى، خاصة في ظل الإكراهات المرتبطة بالصراعات الدولية والتنافس حول الموارد”، معتبرا أن هذا الأمر يفرض على البلاد تحديات أمنية معقدة.

واستدرك يحيا مبينا أنه بالرغم من التحديات القائمة، “نجح المغرب في لعب دور متقدم في احتواء الظاهرة، سواء من خلال تعاونه الوثيق مع منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) أو عبر انخراطه الفاعل في عمل المؤسسات الدولية، إلى جانب تحديث تشريعاته القانونية ومواكبة عمل النيابة العامة؛ بما في ذلك على المستوى الرقمي”.

وأشار الأكاديمي ذاته إلى أن المملكة تواصل القيام بـ”أدوار كبيرة ومسؤولة في هذا المجال؛ وهو ما تحظى بسببه بإشادة متواصلة من قبل مؤسسات دولية وأمنية، بما فيها هيئات تابعة للأمم المتحدة، التي نوهت بالجهود التي يبذلها المغرب في إطار تحقيق أهداف التنمية المستدامة وبرامج الأمم المتحدة ذات الصلة”.

وأفاد بأن إشكالية المخدرات تظل “ظاهرة عالمية معقدة يصعب القضاء عليها نهائيا، إذ كانت ولا تزال قائمة بدرجات متفاوتة عبر الزمن”، مبرزا أن مكافحتها تستدعي اعتماد مقاربة شمولية في التقييم، وأكد أن الحصيلة التي راكمها المغرب خلال السنوات الأخيرة تحظى بـ”تقدير واسع على الصعيدين الأممي والدولي، سواء من حيث المقاربة الأمنية أو الإطار التشريعي أو آليات المواكبة المؤسساتية”.

كما شدد يحيا على أن معالجة ظاهرة المخدرات وتهريبها الدولي “يجب ألا تقتصر فقط على الأسباب، بل ينبغي أيضا التركيز على النتائج المترتبة عنها؛ وهو ما يبرره انخراط المغرب في مختلف أشكال العمل الاستباقي”، الذي اعتبر أن العمليات الأمنية الأخيرة بميناء طنجة المتوسط تعكس حجم “الجهود التي يبذلها مختلف المتدخلين، من أجهزة أمنية وسلطات داخلية وجمارك ووزارة المالية والمشرّع المغربي”، وفق تعبيره.

Loading

مقالات ذات صلة

الأحد 28 ديسمبر 2025 - 21:31

توجيهات جديدة تلاحق “لوبيات العقار” بسبب إعفاءات ضريبية مشبوهة

الأحد 28 ديسمبر 2025 - 20:55

“أزمة العمالة” تتحدى موسم جني الزيتون .. مردودية ترتفع وأسعارٌ تتراجع

الأحد 28 ديسمبر 2025 - 19:16

وزارة التربية تراهن على خرائط الفيضانات في حماية المؤسسات التعليمية

الأحد 28 ديسمبر 2025 - 16:42

“بوناني” و”الكان” يرفعان تأهب الأمن بالمغرب