منطقة سوس تشتهر بأشجار الأركان التي أصبح لها صيت دولي بحكم فوائد زيتها واستخداماته المتعددة في مواد التجميل.
زيت الزيتون، العسل، “أملو”، ثلاث مواد أساسية لا تفارق موائد الفطور بمنازل ومقاهي منطقة سوس، بوابة الجنوب الغربي بالمغرب، والتي تقطنها غالبية أمازيغية.
حين تطلب من النادل “الفطور” في منطقة سوس بالجنوب الغربي للمملكة المغربية، لا يسألك سوى عن المشروب الذي تختار. هل الشاي أو القهوة (الممزوجة بالحليب)، أما بقية الوجبة، فتتحدد في خبز (رغيف) وإناء صغير من زيت الزيتون، يتم في الغالب تناوله بالخبز لوحده، وبجانبه إناء مليئ بمزيج من اللوز وزيت الأركان يسمى “أملو”، وآخر من العسل، يتناوله أهل المنطقة، تارة متفرقين، وتارة بعد مزجهما فوق كسرة خبز.
وأشهر ورشة لتحضير “أملو” بعاصمة اللوز تافراوت (جنوب غربي المغرب)، والتي تعود للسيدة مينة السوسي، كانت فارغة من “الخليط” المحبوب لدى أهل سوس “أملو”.
“الطلب جد مرتفع خلال هذه الأيام، بسبب توافد عدد كبير من السياح على المدينة، ومخروننا من “أملو” قد نفد” هكذا فسرت مينة الأمر، وهي منهمكة في تحضير طلبات جديدة.
وتساعد مينة بالورشة سيدتان وشابة، كل واحدة تقوم بمهمة محددة، لتكتمل سلسلة الإنتاج الخاص بمعجون اللوز، الذي يمزج بزيت أركان (يستخرج من لوز شجر الأركان المشهور في المغرب)، فهناك من تمسك حجرا بيدها لتتخلص من قشور اللوز، وهناك من تقوم بتحميصه (تسخين اللوز فوق النار بواسطة مقلى كبيرة)، وأخرى تقوم بطحنه .
وقالت صاحبة الورشة “كنا نقوم بتحضير “أملو” من خلال رحى يدوية صغيرة (مطحنة تعتمد على قطعتين من الحجر)، لكننا أصبحنا نفضل مطحنة كهربائية، تم تصنيعها بوضع حجر الرحى داخلها، وهي تتيح لنا إنتاج كمية أكبر، لأن أن عملية الطحن التقليدية متعبة جدا”.
وأضافت مينة: “يمكننا تحضير “أملو” بمزج معجون اللوز بزيت الزيتون، أو بزيت المائدة، لكن الأفضل والألذ، هو الممزوج بزيت أركان”.
فخلال العقود الماضية، كان “أملو” يحضر فقط بزيت أركان، لكن ارتفاع ثمن هذا الزيت في السنوات الأخيرة، هو الذي جعل البعض يختارون استخدام زيوت أخرى في تحضير “أملو” بسبب تكلفتها المنخفضة، بحسب صاحبة الورشة.
وتشتهر منطقة سوس المغربية بأشجار الأركان، التي أصبح لها صيت دولي بحكم فوائد زيتها واستخداماته المتعددة في مواد التجميل، لكن سكان المنطقة يستخدمون الأركان في وصفات كثيرة، من أشهرها “أملو” وصنع الصابون.
ويطلق المغاربة على زيت الأركان وصف “الذهب السائل” أو “الذهب الأخضر”.
ويعد زيت الأركان من أندر أنواع الزيوت في العالم لضآلة المساحات الموجود فيها أشجار الأركان التي يستخرج من ثمارها، ومنها غابات في منطقة جبال الأطلس بجنوب غرب المغرب. وتُعرف شجرة الأركان وثمارها، والزيت الثمين الذي يستخرج منها، بخاصيتها الطبية والغذائية والتجميلية العديدة منذ مئات السنين.
ولم يكن زيت الأركان في الماضي يحظى باهتمام واسع النطاق حيث كان يعتبر منتجا ريفيا بسيطا. لكن الإقبال عليه تزايد بعد أن اكتشفت شركات أجنبية كبيرة أنه “معجزة” عند استخدامه في المستحضرات المقاومة للشيخوخة. كما تتهافت عليه شركات المواد الغذائية كمنافس قوي لزيت الكمأة البيضاء. وفي محاولة منها للحفاظ على تلك الشجرة الثمينة، شكلت وزارة الزراعة المغربية قبل أربع سنوات هيئة لإنقاذ غابات أشجار الأركان والحفاظ على استمراريتها.
وتتوارث نساء الأمازيغ في جنوب غرب المغرب منذ قرون أسرار زيت الأركان في الحفاظ على نضارة البشرة، وعلاج السرطان وأمراض القلب والشرايين والروماتيزم، والبروستات وأمراض الأطفال والأمراض الجلدية .