الإلتزام بكل ما من شأنه تعزيز أمن وإستقرار دول الخليج العربي، والإرتياح إلى ما وصلت إليه العلاقات مع دول الخليج العربي، تأكيد آخر على أن الشراكة الاستراتيجية في طريق التطور بين الطرفين، بعيداً عن شرط الانضمام الرسمي إلى منظومة مجلس التعاون.
أكد كل من الملك المغربي محمد السادس والأردني عبد الله الثاني، عزمهما مواصلة إرساء شراكة بلادهما الاستراتيجية مع دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك خلال زيارة رسمية لملك الأردن إلى المغرب، ما أعاد تسليط الضوء على حديث انضمام كل من المغرب والأردن إلى مجلس التعاون والذي خرج إلى النور بعد أحداث “الربيع العربي” منتصف عام 2011.
فقمة الرياض في مايو من ذلك العام، أحدثت للمراقبين، لا سيما في الخليج، مفاجئة غير متوقعة، عبر إعلان بيانها الختامي ترحيبه الحار بانضمام كل من الأردن والمغرب إلى منظومة مجلس التعاون نظراً لـ “وشائج القرب والروابط المشتركة” بينهما وبين دول المجلس، وهما الدولتان غير الخليجيتان، فيما بقي ملف دولة جارة كاليمن مثار جدل على مدار سنوات طويلة.
الـــهـــــدف: إســتـــقــــرار الــخـــلـــيـــــج
وقد استقبل كل من الأردن والمغرب، الدعوة الخليجية بحفاوة بالغة، وتطلع البلدان إلى تحقيق شراكة اقتصادية مميزة مع مجلس التعاون، لا سيما في سياق الاعفاء من التأشيرات وإنعاش سوق التبادل التجاري، والحصول على عقود النفط والطاقة بأسعار تفضيلية.
وبينما عاش الطرفان شراكة استراتيجية خلال السنوات الأربع الماضية، إلا أن الانضمام الرسمي إلى منظومة مجلس التعاون، أصبح في حساب المقترح الميت اليوم، بعد أن أعلنت كل من الرياض وأبوظبي بوضوح استحالة تنفيذه نظراً لـ”عدم التوافق الخليجي الداخلي بشأنه”.
وبينما تواصلت المساعدات الاقتصادية الخليجية للأردن والمغرب، ولم ترفع التأشيرات بين البلدان الثمانية، برزت إلى السطح أوجه تعاون استراتيجي تعدّت الجوانب الاقتصادية، إلى جوانب سياسية وأمنية أكثر حساسية وأهمية بالنسبة لدول الخليج.
وينوّه مراقبون إلى أن التوقيت الذي طرحت فيه قمة الرياض إمكانية انضمام الأردن والمغرب إلى البيت الخليجي، حمل دلالة القلق من تداعيات احتجاجات الشارع العربي، والخشية من تصديرها إلى الخليج.
وكان التوجّه إلى دعم كل من النظامين الملكيين في الأردن والمغرب، واللذان يتشابها في البنية السياسية مع أنظمة التوريث الخليجية، يعكس رغبة قوية في حفظ الاستقرار وترسيخهما، في الوقت الذي أخذت فيه عواصف التغيير تعصف بعواصم عربية تنتهج نظاماً سياسياً قائماً على الانتخاب، وإن صورياً، كما هو الحال في مصر وتونس وسوريا وليبيا.
كما أشّرت هذه الرغبة، إلى دور أمني حساس تضطلع به عمّان والرباط لتسكين الأجواء العربية، وتعويض الخسارة بانهيار نظام مبارك، وتشكيل بعد استراتيجي نقي سنّياً، في مواجهة العدو التقليدي، إيران.
تـــعــــاون أمــــنـــي واســـتــــخــبــــاري
وقد كشف تسارع الأحداث بعد اشتعال الاحتجاجات في أكثر من بقعة عربية، عن تعاون أمني وعسكري وثيق بين المغرب والخليج، لا سيما السعودية والإمارات، فالنظام الملكي الذي أرسل بقواته الأمنية إلى السعودية منذ سبعينات القرن الماضي في ما عرف بأحداث “جهينة”، وعاد إلى إرسال تعزيزات أخرى بعد غزو صدام حسين للكويت في التسعينات، بات اليوم تواجده الأمني أكثر وضوحاً في الإمارات وبصورة رسمية.
فقد أعلن البلدان العام الماضي، عن برنامج مشترك للتعاون الأمني والاستخباري، يتضمن إيفاد خبراء وجنود مغاربة إلى الإمارات في جهود “مكافحة الإرهاب والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليميين”، فيما صرّحت الخارجية المغربية لأول مرة بأنه قد سبق “نشر مئات من الجنود المغاربة وعلى مدى عقود عدة، فوق التراب الإماراتي ضمن إطار تكوين جهاز الأمن في إمارة أبوظبي”.
كما كشفت تقارير صحفية أمريكية، عن مرابطة طائرات “اف-16” مغربية في دولة الامارات، وأنها بدأت في ديسمبر من العام الماضي مشاركتها في عمليات التحالف الدولي ضد مواقع “تنظيم الدولة” في العراق وسوريا.
وعلى الجانب الأردني، لا تختلف الصورة كثيراً، فالقوات الأردنية من شرطة وعناصر درك، كانوا من أوائل المشاركين في عمليات حفظ النظام داخل دولة البحرين إبان اندلاع الاحتجاجات الشعبية في البلاد، كما ينخرط الأردن في التحالف الدولي ضد “تنظيم الدولة” جنباً إلى جنب مع دول مجلس التعاون، وترابط على أراضيه طائرات ومقاتلات إماراتية وفرق عسكرية أخرى.
هذا البعد الأمني كان بارزاً في مباحثات الملكيْن المغربي والأردني، إذ أكدا على الالتزام بكل ما من شأنه تعزيز أمن واستقرار دول الخليج العربي، مؤكدان ارتياحهما إلى ما وصلت إليه العلاقات مع دول الخليج العربي، في تأكيد آخر على أن الشراكة الاستراتيجية في طريق التطور بين الطرفين، بعيداً عن شرط الانضمام الرسمي إلى منظومة مجلس التعاون.
مملكتنا .م.ش.س