البوليساريو تلجأ إلى لجان افتراضية لترويج أطروحة الانفصال
ابتدعت الآلة الدبلوماسية لجبهة البوليساريو أساليب مغايرة لأشكال العمل القانوني باعتمادها على لجان شعبية غير قانونية في مختلف بقاع العالم، مثل “اللجنة الفلسطينية للتضامن مع الشعب الصحراوي”، التي أثارت ضجة كبيرة بعد مشاركتها في مسيرات العودة الفلسطينية، وإعلانها تضامنها مع الجبهة من داخل هذه المسيرات.
موضة انتقلت إلى لبنان، حيث تشكلت في بدايات 2016 “اللجنة اللبنانية لدعم الشعب الصحراوي”، التي سبق لها أن زارت مخيمات تندوف، وقامت بأنشطة مكثفة لصالح جبهة البوليساريو في منطقة الضاحية جنوبي لبنان. وكانت تلك التحركات أحد عناصر التحول في القطيعة التي أعلنها المغرب مع الإيرانيين، بسبب دعم حزب الله لعناصر البوليساريو.
ولم تتوقف هذه اللجان عند هذين البلدين، إذ يوضح التنقيب في محركات البحث أنها تنتشر كذلك بدول تونس، والسويد، وإسبانيا، واليمن، والعديد من الدول الأخرى، في مناورة للالتفاف على القوانين الرسمية لهذه الدول، التي لا تسمح في غالبها للنشطاء الانفصاليين بتأسيس إطارات قانونية، نظرا للروابط التي تجمعها بالمغرب.
المستشار الدبلوماسي الدولي سمير بنيس أوضح أنه “من الناحية القانونية لا يمكن للدبلوماسية المغربية القيام بأي شيء في هذا الموضوع، لأن المشكل يتعلق بجمعيات يتم خلقها في العالم الافتراضي وليس من السهل الوصول إلى أصحابها؛ فحتى لو قام المغرب بإخبار الدول التي توجد فيها هذه التنظيمات بالأعمال العدائية التي تقوم بها ضد الوحدة الترابية للمغرب ومطالبتها باتخاذ ما يلزم من أجل حظرها أو معاقبتها، فإن احتمالات نجاح ذلك تبقى ضئيلة جداً”.
وأضاف بنيس في تصريح لهسبريس: “حتى لو افترضنا أن الدول الصديقة التي توجد فيها تلك التنظيمات حاولت منعها من الاستمرار في أنشطتها فلن يكون بإمكانها ردعها عن إطلاق صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مخصصة لدعم البوليساريو؛ ففي العالم الافتراضي الذي أصبح يلعب دوراً كبيراً في تعبئة الجمهور لا يحتاج من يريد إنشاء جمعية أو مبادرة للحصول على رخصة إدارية؛ كل ما يلزمه هو دراية بطريقة استعمال وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى أكبر عدد ممكن من المتابعين والمتعاطفين”.
وأورد المتحدث أن “البوليساريو والجزائر دأبتا على استغلال الثغرات والحرية التي تتيحها مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الترويج لأجندتها وادعاءاتها ضد المغرب”، وزاد موضحا: “حينما يقوم المرء برصد مستمر للمحتوى المتعلق بقضية الصحراء المغربية في مواقع التواصل الاجتماعي ما يثير الانتباه هو العدد الهائل من المتعاطفين مع البوليساريو من العديد من الجنسيات؛ وفي مقابل ذلك ليس هناك حضور كبير للمغاربة من أجل نفي الادعاءات التي يروجون لها ضد المغرب”، مشيرا إلى ضرورة “إطلاق مبادرات مضادة للتشكيك في مصداقية تلك المعطيات وفي مشروعية القائمين عليها”.
وأكد بنيس أن على “منظمات المجتمع المدني المغربية أن تقوم كذلك بدورها في الدفاع عن القضايا المصيرية للمغرب، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية”، مردفا: “نسمع الكثير عن الدبلوماسية الموازية من الناس الذين يتحدثون عن دورها في الدفاع عن المغرب، ولكن لا نرى الكثير من الأنشطة التي تسعى إلى تحقيق ذلك”، وزاد: “إذا كان هناك أي مجال للعب المجتمع المدني لدوره في الدبلوماسية الموازية فهو على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي”.
وتساءل بنيس عن “مصير البرنامج الذي أطلقته وزارة الاتصال في شهر فبراير 2016 لتدريب 5000 مغربي تتراوح أعمارهم بين 20 و40 سنة، كل عام، للترافع حول الصحراء في مواقع التواصل الافتراضي”، مسجلا أن “على الجهات الحكومية المختصة تفعيل كل البرامج التي أعلنتها والتنسيق مع جمعيات المجتمع المدني والخبراء المشهود لهم بضبط كل حيثيات قضية الصحراء وتقنيات التوصل الاجتماعي، من أجل إبطال مفعول كل الحملات التي تسعى إلى النيل من سمعة المغرب أو التشكيك في مشروعية موقفه وحقوقه التاريخية في الصحراء المغربية”.
وختم بنيس تصريحه قائلا: “ما تقوم به هذه اللجان لا يعني أن المغاربة مكتوفو الأيدي وليست لهم غيرة على وطنهم أو أنهم غير مهتمين بالدفاع عن صورة بلدهم وقضاياه المصيرية، فهناك الكثيرون من الذين يعملون باستمرار من أجل ذلك، غير أنه في بعض الأحيان ينقصهم بعض التأطير والتكوين والدعم”.
