هكذا جيّش الراحل الحسن الثاني “العُمّال” لإحداث أوّل منظمة نسائية
في وقت يَشتكين من عدم نيْلهنّ عددا من حقوقهن، رغم أنّ دستور 2011 نصَّ على أنّ المرأة والرجل يتمتعان، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات الواردة في الدستور، وأنّ الدولة تسعى إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء، فإنّ الكثير من النساء لا يعلمن أنَّ أول منظمة نسائية في المغرب أسّست على يد الملك الراحل الحسن الثاني.
يوم 6 ماي 1969 تأسّس الاتحاد الوطني النسوي (يُعرف الآن بالاتحاد الوطني لنساء المغرب)، تحت إشراف الملك الراحل وحُدّد هدف تأسيس هذه المنظمة النسائية في “خدمة المرأة المغربية ومساعدتها والنهوض بها في سائر الميادين”، وفق ما هو منشور في الموقع الإلكتروني للاتحاد.
في تلك السنوات البعيدة التي تأسّس فيها الاتحاد الوطني النسوي لمْ تكُن هناك وسائل اتصال للقيام بحملة واسعة النطاق لتحفيز النساء على الانخراط، ولم يجد الحسن الثاني من وسيلة لتحقيق هذه الغاية سوى الاستعانة بعُمّاله في مختلف أقاليم المغرب، الذين وجه إليهم أوامرَ بالسهر على جمع وتنظيم النساء في إطار جمعوي للدفاع عن حقوقهن.
وقوف الحسن الثاني وراء إنشاء الاتحاد الوطني النسوي جعله يحظى بالرعاية من طرف السلطات العمومية من أجل تمكينه من تغطية مختَلف جهات التراب الوطني، حسب مارية دادي، أستاذة التعليم العالي بكلية الآداب بوجدة، مبرزة أن الملك الراحل كلّف مجموعة من النساء ليجُبْن مختلف مناطق المملكة بهدف تعبئة وتجميع كل الراغبات في الانخراط في الاتحاد الوطني النسوي، من أجل تمكينه من تحقيق أهدافه.
وأوضحت مارية دادي، في ورقة قدمتها ضمْن أشغال الدورة الثالثة والعشرين من جامعة مولاي علي الشريف، المنعقدة نهاية الأسبوع الماضي بمدينة الريصاني، أنّ دواعي إقدام الحسن الثاني على إنشاء الاتحاد الوطني النسوي هو الحفاظ على شعلة النساء متقدة، خصوصا بعد الدور الكبير الذي لعبْنه في مرحلة تحرير المغرب من الاستعمار، ووقوفهن إلى جانب الرجال في تحقيق الاستقلال.
غير أنّ الاتحاد الوطني النسوي لم تكن المهامُّ التي أسّس من أجلها منحصرة في الدفاع عن المرأة والنهوض بوضعيتها في كافة المجالات، بل كان الحسن الثاني يرمي إلى جعْله مؤسسة تنهضُ بعدد من الأعمال الاجتماعية، مثل مساعدة الفقراء، والتربية المدنية للأطفال، من أجل إعداد جيل جديد وتربيته على القيم الوطنية وبناء مغرب ما بعد الاستقلال.
الاتحاد الوطني النسوي تأسّس في زمن كانَ فيه الرجال المغاربة ينظرون بتحفظ إلى مشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية؛ ولمواجهة هذا التحدي عمَد الحسن الثاني إلى توجيه نداء إلى الأسَر الميسورة للمشاركة والمساهمة في هذا الاتحاد، من أجل التغلب على تحفّظ الرجال في دعمه، حسب مارية دادي، مضيفة أنّ الملك الراحل أراد من الاتحاد الوطني النسوي أن يكون واجهة مشرقة ومشرّفة للمغرب على صعيد النهوض بحقوق النساء أمام الرأي العام الدولي.
ممكتنا.م.ش.س/هسبريس