قفزات الجــنـــدب تلهم الباحثين إبتكار أصغر روبوت
صرصور الحقل أو الجندب ليس مجرد آفة ضارة بل إن المبادئ الأساسية لتصميم جسمه، قد تسهم في ابتكار روبوت صغير رشيق ذي قدرة على التحرك وسط التضاريس الوعرة وأنقاض الزلازل.
ليس من باب الصدفة أن يقتفي بعض العلماء حركة الحيوانات وحياتهم لتلهمهم أفكارا تساهم في اكتشافات علمية جديدة، فهذا علم قائم بذاته يسمّى علم البيونيك يقوم على محاكاة الباحثين للطبيعة والوظائف الحيوية للكائنات الحية وتطبيقها في المجالات الهندسية والتقنية.
بالتيمور (الولايات المتحدة) – يعكف الباحثون بجامعة جونز هوبكنز على تحليل قفزات صرصور الحقل بالاستعانة بكاميرات حديثة ذات سرعات فائقة للتعرف على أنماط الحركة لديه.
وقال راجات ميتال، أستاذ الهندسة الميكانيكية بالجامعة، إنه يرى أن صرصور الحقل أو الجندب ليس مجرد آفة ضارة بل إن المبادئ الأساسية لتصميم جسمه قد تسهم في ابتكار روبوت صغير رشيق ذي قدرة على التحرك وسط التضاريس الوعرة وأنقاض الزلازل.
وتشير المعلومات العلمية إلى أنه بمقدور الجندب أن يقفز على ارتفاعات تعادل طول جسمه نحو 60 مرة، لذا فقد كان السؤال الذي يراود ميتال هو “كيف يتسنى له القفز على هذه الارتفاعات والمسافات الطويلة وكيف يمكن لهذه الحشرات التحكم في وضعها حتى تتمكن من الهبوط على أرجلها سالمة؟”.
وظل ميتال وإيملي بالمر مساعدته بقسم الهندسة الميكانيكية يدرسان مدى تعقيد قفزات الجندب طيلة ثمانية أشهر باستخدام كاميرات سريعة اللقطات للوقوف على تفاصيل الحركة في غاية الدقة.
وقال ميتال “التقطت مقاطع فيديو دقيقة وتفصيلية تتراوح بين 300 و400 لقطة في الثانية الواحدة حتى يتسنى لنا بالفعل تحليل قفزاته بدقة متناهية والبدء في رصد كل الحركات والسكنات منذ انطلاقه وحتى لحظة هبوطه”.
وقالت بالمر إن عملية التصوير وحدها لم تكن تمثل التحدي الوحيد، بل هي محاولة للحصول على “القفزة النموذجية” وكان نخس الجنادب وهي في الحاويات الزجاجية يستحثها على القفز، لكن التفاصيل الخاصة بالمسافة والمسار لم تكن متسقة.
وأضافت “خلال القفزة الكاملة كنا نسعى إلى رصد موقع مركز الثقل، الذي كان معدة الجندب ورأسه وذيله في أغلب الأحوال، وكنا نرصد هذه المراكز الثلاثة في كل لقطة علاوة على جميع مفاصل الصرصور. لذا كان لدينا الكثير من المراكز ونظرا لصغر حجم الجنادب كنا في حاجة إلى برمجيات دقيقة للغاية للمساعدة في عملية الرصد”. وكان يجري عرض لقطات الكاميرات الثلاث بالتصوير البطيء وببرمجيات معينة لتسجيل انطلاق الجندب وهبوطه.
وقال ميتال إنه دهش عندما وجد أن قفزات الحشرة تشبه راقص الباليه، لكن المهم هو أنها كانت تنجح في الهبوط على أرجلها. وأضاف أنها “كانت تميل إلى الانطلاق ودفع كل شيء إلى الوراء لتحتفظ بوضع مستو وبعد ذلك تتخذ وضعا لبسط أطرافها ثم تبدأ في إحداث التوازن بالجو ومحاولة الدوران في الهواء والاستقرار، لذا فإن جميع هذه الحركات الراقصة الرشيقة تعيد إلى الذهن مشاهدة رقص بديع للباليه”.
وقال الباحثون إن مقاطع الفيديو بالتصوير البطيء أوضحت أنه خلال الطيران كانت الجنادب تستخدم أطرافها لتحقيق استقرار لأوضاعها والتأهب للهبوط.
وتم ابتكار نماذج مجسمة بالبرمجيات لتوضيح حركة كل جزء من أجزاء جسم الحشرة خلال عمليتي القفز والهبوط. وقال ميتال، إن هذا النوع من القفز والحركة سيكون فعالا خلال محاولة السير وسط تضاريس وعرة مثل أنقاض الزلازل.
وعرض الفريق البحثي نتائج دراسته خلال الاجتماع السنوي الـ68 لقسم ديناميكا الموائع بالجمعية الفيزيائية الأميركية الذي عقد في الآونة الأخيرة ببوسطن.
وقال ميتال إنه بعد بحوث ستستمر بضعة أشهر وفهم كامل لحركة الجندب، سيعمل فريقه البحثي على ابتكار روبوت يرتكز على أساس مبادئ تلك الحركة.
وأبدع علماء جامعة البلطيق في مدينة كالينينغراد الروسية روبوتا فريدا شبيه بالصرصور وليس الإنسان. والأكثر إثارة أن طول هذا الروبوت يقل عن 10 سنتيمترات، ولم يتمكن أحد من قبل من صنع الحشرة الإلكترونية “الحية” بهذا الحجم.
ويستطيع الصرصور الإلكتروني أن يجري بسرعة تصل إلى 30 سنتيمترا في الثانية، ويحمل ما يزن 10 غرامات مثل آلة التصوير المجهرية أو جهاز التنصّت. ولهذا يمكن أن يستخدم هذا الروبوت للبحث عن المنكوبين وسط أنقاض المنازل أو في عمليات الاستطلاع والاستخبار.
يذكر أن العلماء نجحوا في وقت سابق في ابتكار روبوت ذي أربع سيقان مستقرة ديناميكيا تشبه الحيوانات رباعية السيقان، لديه قدرة هائلة على المشي والركض والمناورة على غرار ما تفعله الحيوانات.
مملكتنا.م.ش.س/عرب