إلغاء شعيرة عيد الأضحى هذا العام .. رؤية ملكية حكيمة تراعي المصلحة العامة

الخميس 27 فبراير 2025 - 08:47

محمد الدرغالي

في خطوة تجسّد عمق الحكمة والرؤية الثاقبة التي تميّز قيادة أمير المؤمنين، جلالة الملك محمد السادس نصره الله، جاء القرار الداعي إلى الامتناع عن إقامة شعيرة ذبح أضحية العيد هذا العام، مستندًا إلى اعتبارات شرعية وإنسانية، واضعًا المصلحة العامة فوق كل اعتبار.

إن هذا القرار، رغم ثقله الرمزي والديني، يعكس إدراكًا عميقًا لروح الشريعة الإسلامية، التي تقوم على مقاصد عظيمة، أبرزها حفظ النفس ورفع الضرر عن العباد. فالإسلام، وهو دين الرحمة والتيسير، لم يجعل الأضحية فريضة ملزمة، بل سنة مؤكدة لمن استطاع إليها سبيلًا، وهو ما يجعل إلغاؤها في ظروف خاصة، كالأوضاع الاقتصادية أو الاجتماعية الصعبة، أمرًا مشروعًا ومتفهمًا.

جلالة الملك، بصفته أميرًا للمؤمنين، لم يتخذ هذا القرار إلا بعد تقدير دقيق للأوضاع الراهنة، واضعًا نصب عينيه حماية الفئات الهشة التي قد تجد نفسها مثقلة بأعباء مالية إضافية لاقتناء الأضحية، في وقت قد تكون فيه أولويات المعيشة أكثر إلحاحًا. كما أن هذه الخطوة تُظهر حرص الملك على تجنيب المغاربة أي ضغوط نفسية أو اجتماعية قد تترتب عن عدم قدرتهم على توفير الأضحية، مؤكدًا بذلك أن الدين الإسلامي لا يرتبط بالشكليات، بل بجوهر الإيمان والتضامن والتراحم.

علاوة على ذلك، فإن القرار يعكس التزام المؤسسة الملكية بثقافة الاجتهاد الديني التي تراعي مستجدات العصر، حيث يبرز دور أمير المؤمنين في الحفاظ على التوازن بين الثوابت الدينية ومقتضيات الواقع، بما يضمن استمرار الأمن الروحي والاجتماعي للمغاربة.

وفي هذا السياق، يجدر التذكير بأن تاريخ المغرب مليء بمواقف مشابهة، حيث سبق لملوك الدولة العلوية أن اتخذوا قرارات مماثلة في أزمنة الجفاف أو الأزمات الاقتصادية، إدراكًا منهم أن المقصد الأسمى للشريعة هو رفع المشقة عن الناس، لا تحميلهم ما لا يطيقون.

ختامًا، لا يسعنا إلا أن نثمّن هذه الرؤية الملكية المتبصرة، التي تجعل من الدين رافدًا لتعزيز القيم الإنسانية والعدالة الاجتماعية، لا مصدرًا للضيق والحرج. إنه قرار حكيم من قائد حكيم، يضع الإنسان في صلب اهتماماته، ويسمو بالدين إلى مقام الرحمة والتيسير.

اللهم احفظ جلالة الملك محمد السادس نصره الله، وأيّده بنصره وتوفيقه، ووفقنا جميعًا لما فيه الخير لهذا الوطن العزيز.

مملكتنا.م.ش.س

Loading

مقالات ذات صلة

الإثنين 10 مارس 2025 - 20:55

المغرب بعد خطاب 9 مارس 2011 .. التغييرات الدستورية والسياسية والنجاحات المستدامة

الإثنين 10 مارس 2025 - 19:28

إفطار بوجهين .. لقاء تحت عباءة الدين وأجندة ضد الشرعية والثوابت الوطنية

الإثنين 10 مارس 2025 - 16:49

حراس الأمن بمستشفى مولاي عبد الله بسلا .. بين تجاوز الصلاحيات وغياب الرقابة

الخميس 27 فبراير 2025 - 19:46

مول الحوت .. شاب هزم الجغرافيا !